محتويات
هنري كيسنجر
هنري ألفريد كيسنجر هو الباحث والسياسيّ الأمريكيّ والألمانيّ النشأة، هو كاتب وباحث سياسي ودبلوماسي وورائد أعمال وكاتب سيرة ذاتية أمريكي، حصل بسبب سعيه الحثيث في مفاوضات وقف إطلاق النار في فيتنام على جائزة نوبل للسّلام في عام 1973م تحتَ ظروف قد تكون مثيرة للجدل، وقد عرِف هنري كيسنجر في العالم العربي بسبب الدور الكبير الذي لعبه في المفاوضات بين العرب وإسرائيل من خلال الزيارات المتكررة بين العديد من الأطراف والتي انتهت بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد في عام 1978م، ويعدُّ من أكثر وزراء الخارجية تأثيرًا في آخر خمسين سنة، وهذا المقال سيسلط الضوء على حياة هنري كيسنجر وخبرته العسكرية ومؤلفاته.[١]
حياة هنري كيسنجر الشخصية
ولدَ هنري كيسنجر باسم هينز ألفريد كيسنجر في بافاريا في ألمانيا عام 1923م لعائلة من يهود ألمانيا، وكان والده لويس كيسنجر يعمل مدرِّسًا ووالدته بولا ستيرن ربَّة منزل، وفي شبابه كان يستمتع بلعب كرة القدم وكان قد انضمَّ إلى النادي المفضَّل لديه وهو نادي غرويتر فورت والذي كان يعدُّ من أفضل الأندية في ألمانيا في تلك الفترة، وبسبب اعتناقها للديانة اليهودية اضطرت عائلته للهرب من ألمانيا النازية في عام 1938م إلى الولايات المتحدة الأمريكية خوفًا من بطش النازيين واضطهادهم لليهود في ذلك الوقت، في نيويورك التحق كيسنجر بمعهد جورج واشنطن بعد أن سكنت عائلته في مجمع منهاتن للمهاجرين اليهود الألمان، ورغم اندماجه السريع بالثقافة الأمريكية إلا أنَّه لم يستطع أن يتخلى عن لكنته الألمانية التي ظلَّت واضحة، وذلك لأنه كات يتردد في التحدث في صغره بسبب الخجل، درس في قسم المحاسبة وكان قد تفوق بدوامه الجزئي لأنه كان يعمل في تلك الفترة إلى جانب دراسته، في عام 1943م توقف عن الدراسة، بعد أن حصل على الجنسية الأمريكية والتحق بصفوف الجيش الأمريكي، ومن هناك بدأ بالتقدم والارتقاء شيئًا فشيئًا في مناصب عديدة، بدايةً كانت عسكرية ثمَّ بعد انفصاله عن الجيش تحول إلى العمل في السلك المدني.[٢]
خبرة هنري كيسنجر العسكرية
بعد أن التحق كيسنجر بالجيش الأمريكي في عام 1943م خضعَ في معسكر كروفت في كارولينا الجنوبية لتدريب عسكري أساسي، وبعدها أُرسِل من قبل الجيش من أجل دراسة الهندسة في كلية لافاييت الموجودة في بنسلفانيا لكنَّه لم يكمل بسبب إلغاء البرنامج، نُقل كيسنجر بعد ذلك إلى كتيبة المشاة رقم 84، وهناك تعرَّف إلى زميل يهودي مهاجر من ألمانيا يُدعى فريتز كرايمر وقد أشادَ بطلاقة ألمانيِّة وذكاء كيسنجر، وقد ساعده للانضمام إلى المخابرات الحربية، وقد خاضَ في ذلك الوقت معركةً مع فرقته وكان متطوعًا في بعض المهام الاستخباراتية الخطيرة في معركة الثغرة، وخلال تقدم الولايات المتحدة الأمريكية إلى ألمانيا تمَّ تكليفه بإدارة مدينة كريفيلد رغم أنَّه كان ما يزال عسكريًّا فقط، وذلك بسبب قلة الناطقين باللغة الألمانية في مجموعة الاستخبارات، أعيدَ بعد ذلك إلى سي آي سي، وهو فيلق لمكافحة التجسس، وتحول إلى عميل خاص برتبة رقيب في الفيلق، وفي عام 1945م أصبح قائدَ مفرزة مترو في بنسهايم في منطقة هسن وتحمل مسؤولية التخلص من الجثث النازية من المكان، ورغم صلاحياته الواسعة لكنَّه حاول أن يتجنَّب هو وفريقه الانتهاكات ضدَّ السكان، وفي عام 1946م كلِّفَ للتدريس في مدرسة الاستخبارات في كامب كينج في القيادة الأوربية، وذلك بعد انفصاله عن الجيش والعمل كموظف مدنيّ، ليستمرّ على هذا العمل لاحقًا.[٣]
هنري كيسنجر والعمل الأكاديمي
استطاع هنري كيسنجر أن يحصل على درجة البكالوريوس عام 1950م بدرجة امتياز من قسم فاي بيتا كابا التابع لجامعة هارفارد، فدرس تحت إشراف وليم ياندل إليوت، وكان يعيش في ذلك الوقت في دار آرمز، وكانت الأطروحة التي تقدَّم بها في المرحلة الأخيرة من الجامعة تحت عنوان معنى التاريخ: تأملات شبينغلر وتوينبي وكانت، وقد بلغت أطروحته أكثر من 400 صفحة، وفي عام 1951م وبينما كان ما يزال في مرحلة دراساته العليا في جامعة هارفارد عمل مستشارًا لمدير مجلس الاستراتيجيات النفسية، وحصل بين عامَيْ 1951م و1954م على درجة الماجستير والدكتوراه من الجامعة نفسها، أمَّا الأطروحة التي قدمها للدكتوراه بعنوان السلام والشرعية والتوازن فقد قدَّم فيها تعريفًا للشرعية، وما يدور حولها من مغالطات حسب تعريفه، ويجدر بالذكر أنَّ هنري كيسنجر قد اعتبر النهج الذي اتبعه في السياسة الخارجية فيما يخصُّ الدبلوماسية أمرًا مسلمًا به بما أنَّ أصحاب القرار في الدول الكبرى كانوا مستعدين لقبول النظام العالمي الدولي، ولذلك اعتبر هذا النظام الدولي شرعيًا ولكن مع رفض المسائل المتعلقة بالأخلاق والرأي العام لأنها لا تمتُّ بصلة للموضوع، في عام 1969م عمل مستشارًا للأمن القومي الأمريكي، وفي عام 1973م عمل وزيرًا للخارجية الأمريكية في حكومة الرئيس ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، وبعد أن ترك الحكومة قام بتأسيس شركة الاستشارات الجيوسياسية الدولية، وكان له دور كبير في سياسات الولايات المتحدة الأمريكية خصوصًا في تحسين العلاقات مع الاتحاد السوفيتي والانفتاح على الصين وإنهاء وجود أمريكا في فيتنام، ولكن رغم ذلك ارتبطت سياسة كيسنجر ببعض الأمور المثيرة للجدل كتورط الولايات المتحدة الأمريكية في انقلاب تشيلي والسماح للمجلس العسكري الأرجنتيني بخوض حرب قذرة ودعم باكستان ضدَّ بنغلادش وغيرها.[٤]
بعد أن تركَ كيسنجر منصبه في وزارة الخارجية نتيجة فوز جيمي كارتر في الانتخابات الرئاسية، واصل مساهمته في عدد من الجماعات السياسية كاللجنة الثلاثية مع حفاظه على استشاراته وتصريحاته السياسة وكتاباته، وخلال فترة قصيرة عُرض عليه أن يشغل كرسيًّا في جامعة كولومبيا رغم وجود معارضة كبيرة من الطلاب لتعيينه، تمَّ تعيينه لاحقًا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة جورجتاون، ودرَّس لعدة سنوات في كلية إدموند والش للخدمة الخارجية في جورجتاون.[٥]
كتب هنري كيسنجر
بعد المرور على حياة السياسي الأمريكي البارز هنري كيسنجر لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ كيسنجر كان من الكتَّاب أصحاب الأقلام الغزيرة في كتابة الكتب السياسية وكتب العلاقات الدولية، لذلك كان له تأثير كبير في هذا المجال، وقد أشاد به كثيرون من من علماء العلاقات الدولية البارزين على أنَّه من وزراء الخارجية الأكثر تأثيرًا، وقد بلغت مؤلفاته أكثر من اثني عشر كتابًا كلُّها تصبُّ في العلاقات الدولية والتاريخ الدبلوماسي، وفيما يأتي بعض أهم كتب هنري كيسنجر ما يأتي.
الدبلوماسية من القرن السابع عشر حتى بداية الحرب الباردة
يقوم هنري كيسنجر وبناءً على خبرته السياسية وحنكته في مجال التاريخ السياسي في هذا الكتاب باستعراض كافة شؤون السياسة والدبلوماسية بدايةً من الشمولية إلى التوازن ثمَّ إلى مصلحة الدولة وانتهاءً بالنظام العالمي الجديد، بالإضافة إلى استعراض تاريخ أوربا الدبلوماسي والسياسي، ولا ينسى أن يذكر دور الولايات المتحدة الأمريكية الكبير في الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، مع محاولة تبرير كل الأعمال التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية حتى تلك التي انعكست آثارها سلبًا وضررًا على كثير من شعوب وسكان دول العالم.[٦]
الدبلوماسية من الحرب الباردة حتى يومنا هذا
هذا الجزء الثاني الذي تناول فيه كيسنجر مواصلة الحديث عن التطورات السياسية التي طرأت على مستوى دول العالم بداية من الحرب الباردة وحتى أيام كتابة هذا الكتاب، وهي مرحلة لعبت فيها الولايات المتحدة الأمريكية دورًا بارزًا بدبلوماسيتها المثيرة، وفيه يستعرض أفكاره الشخصية ويقوم بتحليل عميق نابع من شخصيته وتجربته للحراك السياسي العالمي، حيثُ أكد أنَّ الولايات المتحدة آثرت توحيد أوربا الغربية على مفاوضات الغرب والشرق، ولم تكن تجرؤ على السير وراء أقوال ستالين الذي حاول أن يوظِّف المفاوضات من أجل أن يحطَّ من شأن النظام الجديد العالمي، وبيَّن كيسنجر أنَّ سياسة الاحتواء كانت نهجًا في تلك المرحلة وذكر عوامل نجاح هذا الاحتواء، مع ذكر تفاصيل عن الحرب الكورية والمفاوضات مع القوى الشيوعية وحرب فيتنام والمأزق الذي وقعت فيه سياسة الولايات المتحدة آنذاك، وختامًا بالحديث عن انتهاء الحرب الباردة والتصور عن النظام العالمي الجديد.[٧]
سنوات التجديد
يعدُّ هذا الكتاب الضخم أحد أجزاء سلسلة من الكتب شكلت مع بعضها مذكرات هنري كيسنجر على اعتباره واحدًا من أهم وأشهر وزراء الخارجية في الولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة إلى كونه مستشارًا للأمن القوميّ قبل ذلك، يتناول هذا الكتاب الفترة التي أعقبت استقالة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون نتيجة الفضيحة ووتر غيت وتولِّي الرئيس جيرالد فورد مكانه مدة ثلاثين شهرًا إلى أن انتهت ولايته، وقد استمر معه كيسنجر في هذه الفترة، وقد شهدت تلك الفترة العدد من الأحداث الاستثنائية مثل: نزاعات عنصرية في لبنان وقبرص، تحقيق خطوات مهمة للسلام في الشرق الأوسط، إنهاء المأساة الأمريكية في الهند الصينية، ظهور أزمة الطاقة العالمية وغيرها.[٨]
هل تحتاج أميركا إلى سياسة خارجية؟ - نحو دبلوماسية للقرن الحادي والعشرين
لقد أورثَ الميراث السياسي للتسعينيات من القرن العشرين الكثير من التناقضات الظاهرية، فكان لدى الولايات المتحدة الأمريكية قوَّة كافية لأن تظلَّ مصرَّةً على آرائها وتفوقها وهذا ما كان يثير حولها أصابع الاتهام حول الهيمنة الأمريكية، وفي الوقت ذاته كانت تشكل وصفات الولايات المتحدة لبقية شعوب العالم إمَّا كثير من الضغوط المحلية أو تكرارًا للمبادئ المستمدة من تجارب الحرب الباردة، ولكنَّ النتيجة كانت أنَّ تفوق بلدٍ ما لا بدَّ أن يكون مرتبطًا بشكل جدي بفقدان الصلة مع كثير من التيارات التي لها تأثير كبير على النظام العالمي أيضًا، ويشكل المشهد الدولي خليط غريب من الخضوع والاحترام لقوة الولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة إلى السخط على ما تقدمه من وصفات وتشويش لتحقيق أهدافها البعيدة، وفي هذه الدوامة بدخل كيسنجر في تحليل عميق لموقع بلده مع محاولة رسم سياستها الخارجية وطموحها في المحافظة على دورها القيادي على مستوى العالم.[٩]
أقوال هنري كيسنجر
لا بدَّ في الحديث عن هنري كيسنجر من المرور على أهم أقواله، إذ لا بدَّ لشخص خاض الكثير من التجارب السياسية والعسكرية والدبلوماسية مثل كيسنجر ويحمل تأثيرًا كبيرًا وفعَّالًا دوليًّا أن يكون لأقواله تأثيرها الفعال أيضًا، فمن خلال الكثير من الكتب التي نشرها بالإضافة إلى مقالاته والحوارات التي كانت تُجرى معه تركَ كيسنجر أقوالًا مهمة وخصوصًا في فضاء السياسة العالمية، وفيما يأتي أهم أقوال هنري كيسنجر:[١٠]
- الشعوب تحكم بالخبز، وليس بالسلاح.
- الدبلوماسية هي فنُّ تقيد القوة.
- التاريخ لا يعرف أي مكان لاستراحة ولا هضاب.
- إذا كان التاريخ يعلمنا شيئًا فهو عدم وجود سلام دون توازن، ولا عدالة دون اعتدال.
- السياسة الخارجية ليست عملًا تبشيريًا.
- تندلع الثورات لدى تضافر جملة متنوعة من ألوان الاستياء المختلفة غالبًا للانقضاض على نظام مطمئن البال لا يراوده أي شك، وكلما كان التحالف الثوري أوسع كانت القدرة على تدمير أنماط السلطة والمرجعية القائمتين أعظم، وكلما كان التغيير أوسع كسحًا كان العنف المطلوب لإعادة بناء السلطة التي ستعرض المجتمع للتفكك في غيابها أكبر حجمًا.
- كل رجل مسجون جزئيًا بالضرورة في مواجهة بيئة لم يوجِدها، وتأدب بتاريخ شخصي لا يستطيع تبديله.
- في الأزمات يكون الفصل الأكثر جرأة هو الأكثر أمانًا في أغلب الأحيان.
- إني أسلِّمك أمة نائمة فالأمة الإسلامية تنام ولكن لا تموت، فاستثمر ما استطعت نومها فإن استيقظت أعادت بسنوات ما سلب منها بقرون.
- لا أرى لماذا يجب أن نقف متفرجين بينما بلد ما يصبح شيوعيًا لأنَّ شعبه لا يتحلى بالمسؤولية، القضايا أهم كثيرًا للناخبين التشيليين لأن يُتركوا ليقرروا بأنفسهم.[١١]
- معظم السياسات الخارجية التي احتفى بها التاريخ في أي بلد كان، نبعت في الأصل من زعماء وعارضها الخبراء.[١٢]
المراجع
- ↑ "هنري كسنجر"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-31. بتصرّف.
- ↑ "هنري كيسنجر"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ "هنري كسنجر"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ "هنري كيسنجر"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ "هنري كيسنجر"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ "الدبلوماسية من القرن السابع عشر حتى بداية الحرب الباردة"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ "الدبلوماسية من الحرب الباردة حتى يومنا هذا"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ "سنوات التجديد"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ "هل تحتاج أميركا إلى سياسة خارجية؟ - نحو دبلوماسية للقرن الحادي والعشرين"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ "هنري كيسنجر"، ar.wikiquote.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ "هنري كيسنجر"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.
- ↑ "هنري كيسنجر"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-22. بتصرّف.