محتويات
- ١ من هو يزيد بن معاوية؟
- ٢ نشأة يزيد بن معاوية
- ٣ هيئة يزيد بن معاوية
- ٤ زوجات يزيد بن معاوية
- ٥ أبناء يزيد بن معاوية
- ٦ رواية يزيد بن معاوية للحديث
- ٧ يزيد بن معاوية: أحداث ما قبل الخلافة
- ٨ ولاية يزيد بن معاوية للعهد
- ٩ أسباب تولي يزيد بن معاوية الخلافة
- ١٠ خلافة يزيد بن معاوية
- ١١ سمات خلافة يزيد بن معاوية
- ١٢ خلاف يزيد بن معاوية مع الحسين
- ١٣ أحداث مقتل الحسين وموقف يزيد بن معاوية
- ١٤ خلاف يزيد بن معاوية مع أهل الحجاز وابن الزبير
- ١٥ فتوحات يزيد بن معاوية
- ١٦ آراء حول يزيد بن معاوية
- ١٧ وفاة يزيد بن معاوية
من هو يزيد بن معاوية؟
هو يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، والدته هي ميسون بنت بحدل الشاعرة المعروفة، وهو من التّابعين وأحد الخلفاء الأمويين؛ إذ قد تولى الخلافة بعد موت أبيه الصحابي وابن الصحابي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما.[١]
نشأة يزيد بن معاوية
كيف شبّ ابن كاتب وحي رسول الله؟
لقد طلّق معاوية زوجه أم يزيد وهي حامل به، وقد كان معاوية بن أبي سفيان شديد الإعجاب به وبفصاحته، وكان يُفضله بسبب ذلك، وقد كان يزيد في مقتبل شبابه مقبلًا على شرب الخمر وقد أخذه ما يأخذ الشباب عادة من اللهو وغيره، وكان معاوية دائم النصح له وكان يحمل الكثير من الخصال الحميدة مثل الكرم والشجاعة والمروءة وحسن الرأي في تدبير الأمور، وقيل إنه كان مقبلًا على الشهوات ويُضيع بعضًا من فروض الصلاة في بعض الأحيان.[٢]
وقد ردّ جمع من أهل العلم على هذه الاتهامات وقالوا بأن ذلك لم يكن إلا تشويهًا لصورته، وقد أشاد به الصحابي الجليل ابن عباس -رضي الله عنهما- عندما قدم على معاوية وجلس مع ابنه يزيد فقال عنه: "إذا ذهب بنو حرب ذهب علماء الناس"، وأشاد به كذلك أخو الحسن والحسين لأبيهما واسمه محمد بن الحنفية عندما سأله يزيد عن خُلق كرهه منه في إقامته عنده، فقال محمد بن علي بن أبي طالب: "والله لو رأيت منكرًا ما وسعني إلّا أن أنهاك عنه، وأخبرك بالحق لله فيه لِمَا أَخَذَ الله على أهل العلم عن أن يبينوه للناس ولا يكتموه، وما رأيت منك إلاّ خيرًا".[٣]
هيئة يزيد بن معاوية
بماذا اتّسم جمال يزيد؟
ذكر ابن عبد ربه الأندلسي في كتابه العقد الفريد بعضًا من أوصاف يزيد بن معاوية؛ وقال فيه إنَّه كان جميلًا عربيًا حسن الخلقة أجعد الشعر ذا طلعةٍ بهيَّة، اتّسم بجمال العينين فكان أحورًا لحيته حسنةٌ وخفيفة، وفي وجهه بعضٌ من آثار الجدري.[٤]
زوجات يزيد بن معاوية
بكم امرأة بنى يزيد؟
من زوجات يزيد بن معاوية:[٥]
- حبة بنت أبي هاشم بن عتبة ابن ربيعة.
- أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر.
- عاتكة أم يزيد بن عبد الملك.
- وتزوج واحدة من نساء غسان.
أبناء يزيد بن معاوية
كم ولدًا ليزيد؟
لقد كان ليزيد الكثير من الأبناء من نسائه، وهم:[٥]
- معاوية بن يزيد.
- خالد بن يزيد.
- عبد الله الأكبر.
- أبو سفيان.
- عبد الله الأصغر.
- عمر.
- رملة.
رواية يزيد بن معاوية للحديث
من أهم العلماء الذين ردّوا رواية يزيد؟
روى يزيد بن معاوية الحديث عن أبيه معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وذكر أهل العلم والحديث أنَّه مقدوحٌ في عدالته ولا يؤخذ الحديث عنه، وقال الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- لا ينبغي أن يُروى الحديث عنه، وذكر ابن حجر العسقلاني أنَّه وجد له رواية في مراسيل أبو داود ولكنَّه نبَّه عليها في كتابه النكت في الأطراف.[٦]
يزيد بن معاوية: أحداث ما قبل الخلافة
هل ذكرت فضائل ليزيد بن معاوية في السنة النبوية؟
لقد كان يزيد بن معاوية من أكثر الأشخص الذين يعتمد عليهم معاوية بن أبي سفيان في تسيير الأمور؛ وذلك لِما له من فطنةٍ وتدبيرٍ وذكاء، وقد ورد في حديث لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما كان نائمًا بعض الوقت في قيلولة عند أم حرام بنت ملحان قال لها:[٧]
"ناسٌ مِن أُمَّتي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزاةً في سَبيلِ اللهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هذا البَحْرِ، مُلُوكًا علَى الأسِرَّةِ، أوْ: مِثْلَ المُلُوكِ علَى الأسِرَّةِ -شَكَّ إسْحاقُ- قالَتْ: فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ أنْ يَجْعَلَنِي منهمْ، فَدَعا لها رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ وضَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وهو يَضْحَكُ، فَقُلتُ: ما يُضْحِكُكَ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: ناسٌ مِن أُمَّتي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزاةً في سَبيلِ اللهِ كما قالَ في الأُولَى، قالَتْ: فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ ادْعُ اللهَ أنْ يَجْعَلَنِي منهمْ، قالَ: أنْتِ مِنَ الأوَّلِينَ فَرَكِبَتِ البَحْرَ في زَمانِ مُعاوِيَةَ بنِ أبِي سُفْيانَ، فَصُرِعَتْ عن دابَّتِها حِينَ خَرَجَتْ مِنَ البَحْرِ، فَهَلَكَتْ".[٨][٧]
وذكر الحافظ ابن كثير أنَّ الجيش الأوَّل هو جيش معاوية بن أبي سفيان وأمَّا الجيش الثاني فهو الجيش الذي خرج به يزيد بن معاوية وكان أميرًا عليه، وتلك شهادة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بفضل معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- ويزيد، والله أعلم.[٧]
ولاية يزيد بن معاوية للعهد
من الذي أخذ بيعة المسلمين ليزيد عند وفاة والده؟
لقد أقام الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه وعن أبيه- على تربية ابنه يزيد خير تربية، فأنشأه كريم النّفس مقدامًا شًجاعًا، وأراد له أن يكون في قلب الحياة العسكرية الحقيقية فبعث به على رأس الجيش الذي ضرب حصارًا على أسوار القسطنطينية وكان تحت إمرته عدد من الصحابة، وعندما مات معاوية لم يكن يزيد حاضرًا في دمشق، فأخذ له البيعة الضحاك بن قيس، فلمَّا عاد يزيد إلى دمشق صارت الوفود تعزيه بوفاة والده معاوية وتهنئه على الخلافة.[٩]
أسباب تولي يزيد بن معاوية الخلافة
لماذا خالف معاوية شرطه مع الحسين بألّا يعهد بالخلافة بعده لأحد؟
لقد دعت الكثير من الأسباب معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- لتولية يزيد ابنه الحكم، ولم تكن توليته لأثارة منه لابنه على غيره، بل كان هنالك بعض الأسباب الخفية التي لم تخفَ على معاوية، ومنها:[١٠]
- إيثار معاوية لابنه وهو المفضول على الحسين أو ابن الزبير أو ابن عمر أو غيرهم وهم الفاضلين كان فيه مصلحة لعامة المسلمين من الانقسام.
- إدراك معاوية أن بني أمية لن يقبلوا بخليفة إلا منهم؛ فهم في ذلك الوقت أهل الحل والربط والعقد، فاختاز يزيدًا الذي كان خير الموجودين من بني أميّة يومها.
- اتفاق أهواء معظم النَّاس في ذلك الوقت مع بني أمية -في أن يكون الخليفة منهم- ولن يقبلوا بغير ذلك.
- التحرز من الفتن التي قد تؤول بالنَّاس إلى الهاوية نتيجة تفرق كلمتهم بعد أن اجتمعوا في آخر الأمر.
- اعتبار أنَّ الأخذ بخير الأمور ومحاولة درء الفتنة أولى من الوفاء للحسن بن علي بشرطه الذي اشترطه وهو ألّا يعهد من بعده لأحد.
خلافة يزيد بن معاوية
كم امتدت خلافة يزيد؟
كانت مدة خلافة يزيد ثلاث سنين وتسعة أشهر واثنين وعشرين يومًا،[١١] ويذكر غير مؤرخ أنَّ عهد يزيد كان من الممكن أن يكون امتدادًا لعهد أبيه في الأمن والاستقرار، لولا بعض الحوادث التي جرت في عهده من مقتل الحسين بن علي ومن ثورة الزبير والمدينة المنورة وغير ذلك.[٩]
سمات خلافة يزيد بن معاوية
بماذا امتازت أيام يزيد؟
اتسمت خلافة يزيد بن معاوية ببعض السمات منها:[٩]
- اضطرابات سياسة تمثلت برفض عبد الله بن الزبير والحسين بن علي مبايعة يزيد.
- حدوث العديد من الفتوحات التي طُمست بسبب الأحداث التي طغت عليها.
- ظهور العديد من الفتن التي أودت بعهد يزيد -تاريخيًّا- مثل مقتل الحسين بن علي رضي الله عنه.
خلاف يزيد بن معاوية مع الحسين
ما سبب رفض الحسين مبايعة يزيد؟
بعد موت معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- كان قد أخذ البيعة لابنه يزيد مخالفًا الشرط الذي بينه وبين الحسن بن علي يوم تنازل له عن الخلافة، بألّا يعهد بعده بالخلافة لأحد، فبعث يزيد برسالة للوليد بن عتبة -الوالي على الحجاز آنذاك- يُطالبه بأخذ البيعة له من عبد الله بن الزبير والحسين بن علي وعبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم، ونصح مروانُ بن الحكم الوليدَ بأن يأتي بالحسين بن علي -رضي الله عنهما- ليأخذ منه البيعة، فإن رفض ضرب عنقه.[١٢]
فبعث الوليد إلى الحسين طالبًا منه البيعة ليزيد في دار الوليد بن عتبة، وكان ما يزال أمر موت معاوية بن أبي سفيان سرًّا لم يطلع عليه إلا بعض الخاصة، ولكن الحسين وابن الزبير قد تفطّنا لذلك الأمر، فلمَّا دخل الحسين طلب منه الوليد البيعة ليزيد، ولكنَّ الحسين -رضي الله عنه- رفض وقال ما ينبغي لبيعة سبط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تكون سرًّا.[١٢]
ولكن لم يتجرأ الوليد بن عتبة أن يعمل بنصيحة مروان بن الحكم بأن يضرب عنق الحسين إن رفض، إذ الحسين هو سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمَّا خرج الحسين من عندهم علم مروان أنَّهم لن يأخذوا منه البيعة أبدًا، ولمَّا أرسل الوالي مرة أخرى إلى الحسين يطلب البيعة طالبه الحسين بالتّريث قليلًا حتى يتدارسوا الأمر، وكان الحسين بن علي -رضي الله عنهما- هو أقوى منافس على الحكم؛ لقرابته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأهليّته لذلك.[١٢]
في هذه الأثناء كان أهل العراق والكوفة -وهم شيعة علي بن أبي طالب من قبل- يبعثون بالرسائل والعهود إلى الحسين، ويسألونه أن يسير إليهم ليحكمهم ويكونون تحت إمرته، ولكنّ أهل العراق -في ذلك الوقت- كانوا كثيري الغدر والنكث بالعهود، ولذلك قد نبّه بعض الصحابة الحسين على هذا الأمر، وهو أنّهم غير جديرين بالثقة، ومن بينهم أبو سعيد الخدري، وقالوا له إنَّهم لم يفوا لأبيه من قبل حتى يكون لهم ذمة مع ابنه، ونصحوه أن يبقى في الحجاز التي هي أرضه وأنّهم سوف ينصرونه إن هو بقي.[١٢]
ولكنّ الحسين -رضي الله عنه- رفض ذلك، وانطلق إلى الكوفة ومعه نساؤه وأولاده وجميع إخوته إلا محمد بن الحنفية، وهو يتطلّع إلى الكوفة على كثرة التنبيهات التي تناهت إلى مسامعه، ويذكر بعض المؤرخين أنَّه سأل مرة حاجًّا عراقيًّا عن موقف أهل الكوفة منه فقال له: قلوبهم معك وسيوفهم مع بني أمية، وكان من المعروف عن أهل تلك المنطقة أنّهم يكونون في صف الأقوى.[١٢]
أحداث مقتل الحسين وموقف يزيد بن معاوية
هل اكتفت جيوش الكوفة بقتل الحسين؟
لمَّا قدم الحسين بن علي -رضي الله عنه- إلى الكوفة كان أهلها كما ذكر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما ذكر ذلك الحاج العراقي أنَّ سيوفهم مع بني أميَّة، فحاصر الكوفيون الحسين بن علي -رضي الله عنه- وجميع نسائه وأولاده ومنعوا عنه الماء حتى اشتدّ به الظمأ فدعا عليهم الحر بن يزيد -وهو من الرجال الذين انحازوا للحسين- أن ينالهم الظمأ يوم القيامة؛ إذ منعوا الحسين عن الفرات بينما كان الناس والمسلمين والكفار وحتى الكلاب والخنازير تتمرغ بمائه.[١٣]
رفض جيش الكوفة أن يترك الحسين يسير إلى يزيد بن معاوية مع أنّه ابن عمّه وهو أحقّ الناس بمحاورته، ولكنّ القلوب القاسية التي تربّت في جوٍّ موبوء اعتاد على سب علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وشتمه لن تحترم ابنه ونساء آل البيت وصبيانهم عليهم الصلاة والسلام، وكان الذي أشعل فتيل معركة كربلاء وأوّل من رمى من جيش الأمويين هو عمر بن سعد بن أبي وقاص، وكان الكوفيون في هذا الوقت يُحرّضون على قتال الحسين -وهم الذين دعوه وقطعوا له العهود- ويدّعون أنّ حركته هي خروج على الإمام ولي الأمر.[١٣]
كان جيش الكوفة قد أكثر من قتل أبناء آل البيت فقتلوا أولادًا للحسن والحسين، فدعا عليهم الحسين أن يكون خصيمهم يوم القيامة جدّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبدأ الجيش يُحيط بالحسين من كلّ جانب حتّى إنّهم قتلوا صبيًّا للحسين -وهو أبو بكر- كان في حجره فرموه بسهم فطارت دماؤه على أبيه، واستوحشوا في قتل الحسين فتقدم شمر بن ذي جوشن مع خمسين مقاتلًا فقتلوا الحسين حتى كان في جسده أكثر من ثلاث وثلاثين ضربة وأربع وثلاثين طعنة، وحزوا رأسه ومضوا به إلى عبيد الله بن زياد الذي أمسك عودًا وصار يعبث بوجه الحسين.[١٣]
لم يكن العبث بوجه الحسين هو كل ما صُنع به بل كان للمقاتلين نصيبٌ في التمثيل بجثته؛ فتركوها ولم يدفنوها وجرّدوا الثياب من عليه ولم يُراعوا فيه إلًّا ولا ذمّة، فكانت موقعة كربلاء هي بمثابة استئصال لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن لم ينجُ أحد من القتلة من غضب الله تعالى،[١٣] وقد أكثر الكوفيون من القتل واستباحة الحرمات حتى إنّهم قد جرّدوا بعض نساء آل البيت من ثيابهنّ لإذلالهنّ، ولولا تدخّل ابن سعد لسيقت النساء عرايا إلى الشام.[١٤]
ولمَّا مضى الركب إلى يزيد بن معاوية وحدثوه بالذي جرى ورأى نساء آل البيت على هذه الحالة، نهرهم وأكرم مثوى النساء وقال إنّه ما أراد ذلك ولا أحب هذا، وقال لعن الله ابن سمية لو كنت أنا لما فعلتها فقد قطع الرّحم، وسالت دموعه وحزن عليه، وقال بعضهم فرح أول الأمر ولكنَّه حزن في اليوم الثاني؛ لعلمه بفظاعة ما جرى، ومن ذلك اليوم اتّخذ أهل الكوفة يوم كربلاء يوم ندبٍ لأنهم خذلوا الحسين وحرضوا عليه، ومنذ حينها ظهرت الجماعات المغالية في الحسين وزينب وآل البيت.[١٤]
خلاف يزيد بن معاوية مع أهل الحجاز وابن الزبير
كيف كانت سياسة ابن الزبير في الحجاز؟
لمَّا طالب الوليد بن عتبة بالبيعة ليزيد بن معاوية حاول ابن الزبير تمهيل الأمر حتّى يتمكّن من التملص من المبايعة، ثم خرج في إحدى الليالي إلى مكة واعتصم فيها مع أخيه جعفر وكان ذلك بداية عصيان واضحٍ للخلافة الأموية، وقد اختار عبد الله بن الزبير الاحتماء بمكة لما كان لها من الرمزية؛ إذ هي حرمة لا يستطيعون انتهاكها ولا القتال فيها، وكان يُصلي ابن الزبير وحده مع جماعته ولا يُصلي مع الإمام التّابع للأموييّن.[١٥]
وقد كان ذلك في موسم الحج، فكان يطوف وحده هو وأصحابه ولا يطوفون مع التّابعين للدولة الأموية، وكان في ذلك شقًّا واضحًا لعصا الطاعة الأموية، وكان الوالي على مكة ينظر لابن الزبير على أنَّه يملك حرمة وحده نظرًا لنسبه، وقد شاور عبد الله بن عبَّاس في مسألة ابن الزبير فقال له أن يترفق به ويُحسن إليه، وكان يزيد بن معاوية محترمًا لمكانة ابن الزبير فبعث إليه غير مرة برسلٍ حتى يُبايعه وكان يُخاطِبه خطاب الإمام الحريص على اجتماع كلمة المسلمين.[١٥]
فرفض ابن الزبير المبايعة فأقسم يزيد على ألّا يقبل المبايعة منه إلا جامعة، ومعنى جامعة أي يداه مغلولتان إلى عنقه، كان الزبير يُطالب بمبدأ الشورى وهذه اللفظة لم تكن فقط مفهومًا من القرآن بل كان تُمثّل برنامجًا سياسيًّا في ذلك الوقت، وقد أقسم يزيد ذلك القسم للمحافظة على هيبة الدولة الأموية، ومسألة البر بالقسم تأخذ منحى سياسيًّا؛ فهو ما زال في أوّل عهده ولو لم يفرض سيطرته في ذلك الوقت لتفلتت الأمور من بين يديه كتفلت البعير من عقاله، وقد ساند كثيرٌ من أهل الحجاز حركة الزبير حتَّى إنّ الإمام كان يُصلي في بيته لا يتبعه أحد وابن الزبير صار له الأمر كله وعيّن إمامًا للصلاة من عنده.[١٥]
فتوحات يزيد بن معاوية
ما هي أبرز فتوحات يزيد؟
كان عهد يزيد بن معاوية فيه الكثير من الفتوحات التي طمسها التَّاريخ وذلك بسبب الأحداث العظيمة والجليلة من مقتل الحسين وكذلك أحداث مكة والمدينة، ومن تلك الفتوحات:
- الفتوحات في المغرب العربي: تابع يزيد فتوحات أبيه معاوية ففتح المنستير والزاب وطنجة وتيهرت.[١٦]
- شواطئ المحيط الأطلسي: مضى عقبة بن نافع في عهد يزيد في الفتوحات الإسلاميّة حى وصل إلى شواطئ المحيط الأطلسي وقد اخترق بذلك الشمال الإفريقي كاملًا.[٩]
- بلاد ما وراء النهر: عبرت في عهد يزيد طلائع الفتح نهر جيحون وذلك للوصول إلى بلاد ما وراء النهر والمقصود بها آسيا الوسطى، ولم تذكر الكتب إن تمّ فيها فتحٌ أم لا.[٩]
آراء حول يزيد بن معاوية
ما هي آراء العلماء في يزيد بن معاوية؟
تباينت الآراء في يزيد بن معاوية؛ وذلك للجدل العظيم الذي كان في عصره، ومن ذلك:
- الذهبي: قال الذهبي إنّ يزيد هو واحدٌ من الملوك، فلا نسبّه ولا نحبّه، فقد حدثت في عهده الكثير من الأمور مما قد حصل في عهد غيره من الملوك، بل هناك مَن هو شرٌّ منه، ولكن كان الخطب عظيمًا لقرب عهده بالنبي عليه الصلاة والسلام، ووجود من هو خير منه لتولّي مقاليد الحكم من أمثال ابن عمر -رضي الله عنهما- وغيره من الصحابة.[١٧]
- ابن تيمية: ذكر ابن تيمية أنّ يزيد هو واحدٌ من عامة المسلمين، وهو ليس بكافر، وإنما جرى في عهده ما جرى من الأمور مثل مقتل الحسين وغير ذلك، فهو له حسناته التي لا تُنكر وله سيئاته.[١٨]
- أبو محمد المقدسي: ذكر المقدسي أنَّ يزيد هو ممن لا يُسب ولا يُحب.[١٨]
- أحمد بن حنبل: كان رأي أحمد بن حنبل فيه رأي عامة أهل السنة والجماعة ممن لا يُحبّونه ولا يسبونه.[١٨]
وفاة يزيد بن معاوية
كيف مات يزيد بن معاوية؟
توفي يزيد بن معاوية بعد أن بلغ من العمر ثمانية وثلاثين عامًا، وكان ذلك في حمص بعد أن دامت ولايته ثلاث سنين وعدة أشهر، وقد صلّى عليه ابنه معاوية وأمّه ميسون بنت بحدل.[١٩]
لمعرفة المزيد حول جانب يزيد بن معاوية الأدبي يمكنك الاطلاع على هذا المقال: شعر يزيد بن معاوية
المراجع
- ↑ ابن عبد ربه الأندلسي، العقدالفريد، صفحة 124. بتصرّف.
- ↑ ابن كثير، كتاب البداية والنهاية، صفحة 637-646. بتصرّف.
- ↑ الصنعاني، كتاب التنوير شرح الجامع الصغير، صفحة 99. بتصرّف.
- ↑ ابن عبد ربه الأندلسي، العقد الفريد، صفحة 125. بتصرّف.
- ^ أ ب البلاذري، كتاب أنساب الأشراف للبلاذري، صفحة 290. بتصرّف.
- ↑ ابن حجر العسقلاني، لسان الميزان، صفحة 293. بتصرّف.
- ^ أ ب ت الصنعاني، التنوير شرح الجامع الصغير، صفحة 91. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:7001 ، حديث صحيح.
- ^ أ ب ت ث ج مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي، صفحة 13-14. بتصرّف.
- ↑ ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون، صفحة 106. بتصرّف.
- ↑ ابن عبد ربه الأندلسي، كتاب العقد الفريد، صفحة 140. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج بثينة بنت حسين، الفتنة الثانية في عهد الخليفة يزيد، صفحة 41. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث بثينة بن حسين، الفتنة الثانية في عهد يزيد، صفحة 404. بتصرّف.
- ^ أ ب بثينة بن حسين، الفتنة الثانية في عهد يزيد، صفحة 472. بتصرّف.
- ^ أ ب ت بثينة بن حسين، الفتنة الثانية في عهد يزيد، صفحة 43. بتصرّف.
- ↑ عبد العزيز بن فيصل الراجحي، قمع الدجاجلة الطاعنين في معتقد أئمة الإسلام الحنابلة، صفحة 230. بتصرّف.
- ↑ الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 38، جزء 4. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ابن تيمية، مجموع فتاوى شيخ الإسلام، صفحة 481-484، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ ابن عبد ربه الأندلسي، العقد الفريد، صفحة 140.