نبذة عن يوسف زيدان

كتابة:
نبذة عن يوسف زيدان

يوسف زيدان

هو يوسُف محمّد أحمد طه زيدان، مصريّ الجنسيّة، يُعدّ أحدَ أهمّ المفكّرين والباحثين والروائيّين في مصر، وُلد في محافظة سوهاج المصرية عام 1958، وانتقل مع جدّه وهو صغير إلى الإسكندريّة وفيها دَرَس، ذاع صيته بأعماله التاريخية والروائية والفهرسية، درس الفلسفة وحصل على الإجازة عام 1980، ثمّ حصل على الماجستير في الفلسفة الإسلامية، وكذلك الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية عام 1989، وقد حصل في عام 1999 على لقب أستاذ في الفلسفة، عُرف الدكتور يوسف زيدان بغزارة الإنتاج، فله الكثير من المؤلفات والتحقيقات، زادت مؤلفاته عن 60 مؤلف، واشتهرت رواياته، وبخاصة رواية عزازيل، كما أسهمت مؤلفات يوسف زيدان في إغناء المكتبة العربية، حصل خلال مسيرته على الكثير من الجوائز العربية، وعمل في عام 2001 مديرًا لمركز ومتحف المخطوطات في مكتبة الإسكندرية ما كان له كبير الأثر على عمله في الفهرسة، إذ فهرس ما يزيد عن 18000 مخطوطة مع نبذة عن كلّ مخطوطة تُسهّل عمليّة البحث للدّارسين.[١]

حياة يوسف زيدان

وُلد يوسُف زيدان في سوهاج وانتقلَ للعيش في الإسكندرية مع جدّه وهو ما زال طفلًا، هذا الانتقال كان له الأثرُ الكبير على تنشئة يوسف زيدان، فالإسكندرية فيها المدارس والجامعات والمراكز العلمية، فجده ألحقه بمدرسة خاصة ذات مستوى عالٍ، ويوسف زيدان، كان طفلًا قابلًا للتعلم محبًا للقراءة، مكبًا على الكتب بِنَهَم، فيُقال إنّه من شدّة حبه للدراسة كان يعيد حلّ الواجبات المدرسية حتى ينتهي الدفتر الخاص بالواجبات، حتى إن مدرسته أعفته من الواجبات، ولشدة تعلق يوسف زيدان بالقراءة تمكّن من إنهاء أعمال شكسبير عندما كان في الصف السابع، وبعد ذلك جذبته أشعار محمود درويش وكان معجبًا بأعماله أيما إعجاب، وفي المرحلة الثانوية اتجه إلى القراءة في الفلسفة، وأُعجب بكتابات الفيلسوف الألماني نيتشة. أما السبب لعيشه في بيت جده، هو الخلاف بين أمه وأبيه الذي انتهى بالطلاق، وقد وُصف يوسف زيدان عندما كان طفلًا أنه كان طفلًا هادئًا يسرح بأفكاره وخياله كثيرًا ولا يلعب مع أقرانه، لكن الانفصال بين أمه وأبيه لم يؤثر على يوسف زيدان، بل كان له أثرٌ إيجابيٌّ، وذلك بسبب حياته في بيت جده مع أخواله المثقفين، فأحد أخواله كان أديبًا، وقد أعطاه خاله الكتب ووجهه في طفولته، وقال يوسف زيدان عن انفصال أمه وأبيه "لم أشعر بمعاناة لانفصال أبي وأمي، فعائلة أمي الكبيرة كانت عوضًا لي"[٢]


ولم يكن للأب والأم التأثير في حياة وتنشئة يوسف زيدان، فيقول يوسف زيدان "لم يكن لأبي تأثيرٌ كبيرٌ في حياتي، كان يأتيني إلى الإسكندرية زائرًا فقط" فأبوه تزوّج ست مرات، أمّا علاقته بأمه فيصفها يوسف زيدان بأنها علاقة غير نمطيّة، فأمه أنجبته وهي في عمر 14 عامًا، فكانت الجدة هي الصورة الأقرب للأم عند يوسف زيدان، وكان لأخواله دور حلّ محلّ دور الأب، وقد أسهموا بتنشئته وإمداده بالكتب، ويوصف يوسف زيدان بأنه كان مجتهدًا منذ صغره وكانت عنده القدرة على الحفظ، فلم تُشكل الدراسة أي مشكلة له، ونتيجة القراءة وحبه للدراسة استطاع أن يُشكل رؤيته الخاصة، هذه الرؤية التي خالف بها رؤية عدد من مدرّسيه في الجامعة فكان ذلك سببًا لرسوبه في عدد من المواد في سنته الأولى، لكنه أصبح فيما بعد يكتب مثلما يريد المنهج ليضمن النجاح.[٢]

المسيرة الأكاديمية ليوسف زيدان

ظهرت علامات التفوق والاجتهاد على يوسف زيدان من بداياته، فقد أُعفي من واجباته المدرسية لاجتهاده العالي وحبه للدراسة، وكان يوسف زيدان يقرأ بنهم منذ أن كان طفلًا، فكان خاله يعطيه الكتب، أُعجب يوسف زيدان بمحمود درويش وبالفيلسوف الألماني نيتشة، هذا الإعجاب جعله يختار تخصص الفلسفة في دراسته الجامعية، وقد حصل على ليسانس الفلسفة من كلية الآداب جامعة الإسكندرية عام 1980، وكان يوسف زيدان من بداياته صاحب رأي فلسفي خالف به الكثير من مدرسيه، أمّا عن ميولاته الفلسفية فقد جذبته الفلسفة الإسلامية، فكانت رسالته في الماجستير عن "الفكر الصوفي عند عبد الكريم الجيلي، دراسة وتحقيق لقصيدة النادرات العينية للجيلي مع شرح النابلسي" وتابع دراساته في الدكتوراه أيضًا في الفلسفة الإسلامية، فحاز على درجة الدكتوراه عام 1989 وكانت رسالته بعنوان "الطريقة القادرية فكرًا ومنهجًا وسلوكًا، دراسة وتحقيق لديوان عبد القادر الجيلاني" وبعد ذلك حصل على الأستاذية عام 1999 وكان عمره 39 عامًا، فهو بذلك أصغر من حصل عليها في وقته، هذه المسيرة العلمية الشاقة حملت معها الكثير من الإنجازات العلمية التي كان لها أثر على الساحة الثقافية العربية.[٣]


ولعلّ من أهمّ الإنجازات التي قام بها يوسف زيدان هي إنشاؤه قسم المخطوطات في جامعة الإسكندرية عام 1994 وعمل رئيسًا لهذا القسم، أما على صعيد التأليف فقد ألّف يوسف زيدان الكثير من المؤلفات المتنوعة، فألف في الفلسفة والتاريخ والدين، وكان للأعمال الروائية نصيب من أعماله، أما فلسفيًا فكان اهتمام يوسف زيدان بالفلسفات الشرقيّة، وهذا ظاهر من تخصصه في مرحلة الماجستير والدكتوراه بالفكر الفلسفي الإسلامي، ومن أهم الأعمال في الفلسفة الشرقية هو كتاب "حي بن يقظان" كما ألّف أيضًا كتاب "اللاهوت العربي وأصول العنف الديني" ففي هذا الكتاب حاول رسم أسباب العنف الديني من وجهة نظره والجذور التاريخية لهذا العنف في الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية، وكان ليوسف زيدان اهتمام ملحوظ بالتاريخ العربي عمومًا، وبتاريخ الطب العربي خصوصًا، وألّف في هذا المجال أيضًا، إضافة إلى كلّ ما سبق، فقد عمل يوسف زيدان في أحد أشقّ المجالات، وهو مجال الفهرسة، فيقول يوسف زيدان عن الفهرسة "إنها واحدة من أشق العمليات التراثية وأقلها مجدًا" فقد أشرف على فهرسة ما يزيد على 18000 مخطوطة، أما أعماله الروائية فلم تخرج من تحت عباءة الفلسفة والتاريخ، وكان لأعماله الروائية صدى واسع، فقد نالت روايته "عزازيل" الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" بوصفها أفضل رواية للعام 2009، وقد تُرجمت هذه الرواية وحصلت أيضًا على جائزة "أنوبي" البريطانية لأفضل رواية مترجمة إلى اللغة الإنجليزية للعام 2012، ومن الجوائز التي حصَدَها يوسف زيدان، جائزة الفقه الطبي وتحقيق التراث، وجائزة عبدالحميد شومان، وجائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.[٤]

فكر يوسف زيدان

كان ليوسُف زيدان من بداياته فكر خاصّ به، ففي مرحلته الجامعية الأولى خالف الكثير من آراء مدرّسيه، هذه الآراء التي كان قد تعمق فيها منذ إعجابه بالفيلسوف الألماني نيتشه في المرحلة الثانوية، ففي بدايات يوسف زيدان لم يكن للفلسفة الشرقية مكان في اهتماماته، أمّا عن سبب إعجابه بالفكر الفلسفي الإسلاميّ، فقد حصل بعد قصة حصلت معه في السنة الأولى الجامعية عندما أراد أبوه اصطحابه للقرية في سوهاج، وفي الطريق لهذه القرية أصرّ أبوه على زيارة أولياء الله الصالحين بمختلف المحافظات، فقابل في الإسكندرية أحد شيوخ الصوفية، وقال هذا الشيخ لوالد يوسف إن ابنه يوسف سيكون سفيرًا، ولكن يوسف تجاهل هذا القول، وعند الوصول إلى الصعيد قابل يوسف زيدان الشيخ الصوفي "عبدالحليم ودنان" وسأل الشيخ يوسف عن حال الشيخ في الإسكندرية، فأجابه يوسف بأن هذا الشيخ لا يفهم، فقد قال إن يوسف سيكون سفيرًا، فكيف يكون سفيرًا وهو يدرس الفلسفة، فرد عليه الشيخ عبد الحليم بسخرية وقال له: سفير من السِفر أي الكتاب، ويريد الشيخ أنك ستنشغل بالكتب طيلة حياتك، فاُعجب يوسف زيدان بكلام الشيخ وكانت هذه نقطة تحول في تفكير يوسف زيدان واتجاهه إلى الفكر الفلسفي الإسلامي، وكانت بدايات تعمقه بالفكر الفلسفي الصوفي مع شاعر الصوفية "ابن الفارض" فقد وجدت أشعار ابن الفارض مكانًا لها في قلب يوسف زيدان، وكتب رسالة الماجستير عن شيخ من شيوخ الصوفية وهو عبدالكريم الجيلي، وبعدها في الدكتوراه كتب عن شيخ الطريقة الصوفية الشيخ عبد القادر الجيلاني، فكان فكر يوسف زيدان متّجهًا نحو التعمق في الفكر الفلسفيّ الإسلاميّ على وجه الخصوص.[٢]


وكان لتاريخ الطب العربيّ حيّزًا من تفكير يوسف زيدان، فقد حقّق موسوعة الشامل في الصناعة الطبيّة لابن النفيس، وتُعدّ هذه الموسوعة أكبر الموسوعات الطبية في القرون الوسطى، وله العديد من الأعمال في هذا المجال. وفي الأعمال الروائية فكان فكر يوسف زيدان لا يخرج عن عباءة الفكر الفلسفي والتاريخي، وتحدث في أعماله عن حقب زمنية شائكة يبتعد عنها الأدباء، ولعلّ ذلك ما جعله يعمل في الفهرسة وهي من أشق العمليات التراثية التي يبتعد عنها جُل الباحثين.[٤]


وكان لأفكار يوسف زيدان العديد من المنتقدين، وسبب ذلك أن آراءه كانت غير مقبولة في الأوساط الثقافية، فمن الانتقادات التي تعرض لها تشكيكه بالسنة النبوية، فهو يدعو إلى تقديم العقل على النقل، وهو بذلك يكون قد تأثر بأفكار المعتزلة، وزعم يوسف زيدان أنَّ المسجد الأقصى ليس في القدس، ووصف صلاح الدين الأيوبي بالحقارة، كل هذه الأفكار التي شذَّ بها عرضته للكثير من الانتقادات، لكن يبقى ليوسف زيدان جانب مشرق فقد أضاف الكثير للتراث العربي في كل المجالات التي عمل بها.[٥]

مؤلفات يوسف زيدان

شغل يوسف زيدان في مؤلفاته ثلاثة مجالات أثرت بدورها المكتبة العربية، وأضافت الكثير للباحثين والدارسين، ومؤلفات يوسف زيدان غزيرة، وحصل على العديد من الجوائز، وصُنفت مؤلفاته عمومًا تحت ثلاثة تصنيفات:

  • المؤلفات الفلسفية: تنوّعت مؤلفات وتحقيقات يوسف زيدان الفلسفية، وكادت تنحصر بالفكر الفلسفي الإسلامي عمومًا، والصوفي خصوصًا، والفكر الفلسفي الإسلامي شغل يوسف زيدان في مرحلة دراساته العليا، فألف وحقق العديد من الكتب، ومن هذه الكتب:[٦]
    • المتواليات: دراسات في التصوف.
    • الطريق الصوفي وفروع القادرية بمصر.
    • فوائح الجمال وفواتح الجلال.
    • المقدمة في التصوف للسُّلَمى.
    • ديوان عبد القادر الجيلاني.
    • ديوان عفيف الدين التلمساني.
    • النادرات العينية مع شرح النَّابُلسي.
    • شرح فصول أبقراط.
    • رسالة الأعضاء، لابن النفيس.
    • المختار من الأغذية، لابن النفيس.
    • مقالة في النقرس لأبي بكر الرازي.
    • الشامل في الصناعة الطبية: والشامل يُعد أكبر موسوعة طبية في العصور الوسطى حققها يوسف زيدان في 30 مجلدًا.
    • رواية ظل الأفعى.
  • رواية عزازيل.
    • رواية النبطي.
    • كتاب حي بن يقظان، النصوص الأربعة ومبدعوها: وهذا الكتاب قصة رمزية تتناول حياة الإنسان في بحثه عن الحكمة.

رواية عزازيل أنموذجًا

هذه الرواية ألفها يوسف زيدان عام 2008، وتُمثل فكر يوسف زيدان الذي شغل التاريخ حيّزًا منه، والرواية تتحدث عن الديانة المسيحة في صعيد مصر والإسكندرية وشمال سوريا، وأحداث الرواية جرت في القرن الخامس الميلادي، وتحدثت عن الخلافات اللاهوتية القديمة بين المسيحيين، كما تحدثت عن الاضطهاد الذي تعرض له الوثنيون من قبل المسيحيين في مصر، بعدما أضحى الدين المسيحي هو الدين الغالب في مصر.[٧]


فازت رواية عزازيل بجائزة "بوكر"، وهي الجائزة العالميّة للرواية العربيّة، وفازت الرواية أيضًا بجائزة "أنوبي" البريطانية لأفضل رواية مترجَمة للعام 2012، والرواية تُعد ترجمة لعدد من اللفافات والرقع التي وجدت بصندوق خشبيّ محكم الإغلاق مدفون في حلب شمال سوريا، وكتبت هذه الرقع باللغة السريانية، وهذه الرقع تعود تاريخيًّا للقرن الخامس الميلادي، وهي سيرة الراهب المسيحي المصري "هيبا" وأثارت الرواية جدلًا لأنها تحدثت عن الخلافات اللاهوتية المسيحية القديمة، وتحدّثت عن طبيعة المسيح ووضع السيدة العذراء، وصدر بيان من المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، يُتهم يوسف زيدان أنه اتخذ منحى دان براون في روايته "شيفرة دافنشي" في الإساءة للمسيحيّة، واتّهم يوسف زيدان بأنه قلد رواية "اسم الوردة" للكاتب الإيطالي أومبيرتو إيكو، ومهما تعارضت الآراء حول رواية عزازيل إلّا أنّ قيمتَها التاريخيّة والأدبيّة لن تنقص.[٨]

المراجع

  1. "يوسف زيدان"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-08.
  2. ^ أ ب ت "يوسف زيدان: أحلم برحيل هادئ يعبر بي إلى النهار"، thaqafat.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-08. بتصرّف.
  3. "يوسف زيدان"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-09. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "من هو يوسف زيدان"، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-09. بتصرّف.
  5. "يوسف زيدان"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-09. بتصرّف.
  6. "يوسف زيدان....مبدع كبير مثير للجدل.......وربما هو ذاته يقصد ذلك في كل عمل"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-09. بتصرّف.
  7. "عزازيل (رواية يوسف زيدان)"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-09. بتصرّف.
  8. "عزازيل (رواية)"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-09. بتصرّف.
5850 مشاهدة
للأعلى للسفل
×