ما هي أهمية دراية الناخب في الحالة الصحية لمرشحي الانتخابات المصرية للرئاسة؟
في سنة 1992 عندما واجه السيناتور "بول تسونجاس" في الانتخابات الداخلية للحزب الديموقراطي غريمه السيناتور "بيل كلينتون", كان يخفي سراً صغيراً عن ناخبيه. كان يخفي حقيقة عودة مرضه (سرطان ليمفي غير هودجكني - Non Hodgkins Lymphoma ) من جديد, رغم خضوعه لعملية زرع النخاع الشوكي. مع ذلك, إستمر "تسونجاس" وطاقم أطباءه بالادعاء بأنه "لم يعد يعاني من مرض السرطان". وتم الكشف عن حقيقة حالته الصحية بعد إنتهاء حملته الانتخابية فقط, أي بعد الانتخابات. ولو "حالفه الحظ " وفاز في الانتخابات, لبدأ مشواره في منصبه الجديد (رئيساً للولايات المتحدة) وهو يتلقى العلاجات القاسية لمرض السرطان وتوفي وهو ما زال في منصبه, كما حدث بالفعل بعد سنتين.
أهمية كشف حقيقة الحالة الصحية لمرشحي الانتخابات الرئاسية أمر في غاية التعقيد. من جهة, للمرشح كل الحق أن يحافظ على سرية شؤونه الخاصة وخصوصياته, لكن من جهة أخرى عندما يتحول من فرد له الحق في الحفاظ على خصوصياته, الى شخصية بارزة ذات منصب قيادي لها تأثير على الشأن العام والمصلحة العامة (كرئاسة الجمهورية), يحق لجمهور ناخبيه معرفة الخلفية الصحية لهذه الشخصية قبل الانتخابات.
صحة الرئيس (لم تعد) خطاً أحمر!
هناك العديد من الملفات, قبيل عهد الإنتخابات الرئاسية في مصر, التي تحمل العبارة "سري للغاية" والحالة الصحية للرئيس هي واحدة منها وربما أهمها وأخطرها. فبعد ثلاثين عاماً من الحكم, خرج الرئيس السابق "حسني مبارك" على قدميه من قصر الرئاسة, ليدخل جلسات محاكماته على سرير متحرك.
بينما صدم خبر وفاة الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر" الجميع, والذي قد توفي عن عمر يناهز الـ 52 عاماً, ولا تزال الشائعات التي تدور حول اسباب وفاته, تتردد إلى يومنا هذا. حيث كان يعاني من العديد من الأمراض, أبرزها مرض السكري.
أما الرئيس "أنور السادات" فلم يشكو من أمراض مزمنة قبل توليه مقاليد الرئاسة, إلا أنه إتضح لاحقاً بأنه أصيب مرتين بسكتة قلبية خلال فترة حكمه, ووفقاً للشهادات, لم تؤثر هاتين السكتتين عليه بشكل كبير.
من حق الناخب أن يكون على علم بالحالة الصحية للرئيس القادم!
لم تطل ثورة الـ 25 من يناير هذا الملف, ومن الواضح بأننا نقترب من موعد الإنتخابات الرئاسية المصرية دون أن يتم التطرق لهذه النقطة. حيث تجاهل قانون الإنتخابات الرئاسية,ملفات المرشحين الطبية.
لكن هناك العديد من الخبراء, المثقفين, المؤرخين والأطباء الذين ينادون بعدم السماح للمرشحين للرئاسة باخفاء المشاكل الصحية التي يعانون منها والتي قد تكون غاية في الأهمية, عن الناخبين. تبقى المشكلة والخوف الأكبر لدى المرشحين للرئاسة هو إستخدام خصومهم السياسيين لهذه المعلومات الحساسة, كوسيلة ضدهم خلال المعركة الانتخابية, وخصوصاً المعارك الإنتخابية الطاحنة. وفي الإانتخابات الحالية تتردد الشائعات حول الحالة الصحية لأحد المرشحين في الإنتخابات, وحول قدرته على تأدية واجبه في حال فوزه في منصب الرئاسة.
لذا, وفي ظل غياب قانون واضح, في إطارقانون الانتخابات الرئاسية بخصوص الكشف الملفات الصحية لمرشحي الرئاسة في الانتخابات, من جهة وتردد الإشاعات بين الخصوم السياسيين من جهة أخرى. يبدو أن الحل الأمثل والوحيد لهذه المعضلة, هو أن يبادر جميع المرشحون بشكل شخصي, بالإتفاق على الكشف عن ملفاتهم الصحية. أولاً لأنها أول مرة يختار فيها الشعب المصري رئيساً للجمهورية في الإنتخابات, وهذه فرصة لفرض وخلق معايير عالية تليق بمتطلبات وأجواء ثورة الـ 25 من يناير. ثانياً, الكشف عن الحقيقة يعتبر السلاح الأقوى والأنجع لتحدي ودحض الشائعات التي تتردد في المعارك الانتخابية.
مرشحو الانتخابات المصرية للرئاسة في "حالة صحية جيدة"!
بينما أكد غالبية المرشحون للرئاسة في الإنتخابات المصرية بأنهم في حالة صحية جيدة, خرج البعض منهم عن القاعدة, عندما أقر عبد المنعم أبو الفتوح وأيمن نور, بأنهما يعانيان من مرض السكري وضغط الدم "اللذين تسبب بهما النظام السابق لـ90% من الشعب المصري"، حسب قولهما. حيث يعتبر هذين المرضين شائعين, ولايعوقان عمل أي شخص إن تمت معالجتهما.
ولم يكتف المرشح الرئاسي النائب أبوالعز الحريري بذلك فقط, حيث كشف عن تفاصيل ملفه الطبىي تأكيداً منه على ضرورة الإعلان عن جميع التفاصيل الخاصة بالمرشحين الرئاسيين قبل الانتخابات، حتى لولم يتطرق القانون لتلك المسألة بالشكل المطلوب.
وأنت عزيزي الناخب, هل تعلم ما هي الحالة الصحية لمرشحك المفضل؟ فترة ما قبل الإنتخابات هي الفترة المناسبة للإستفسار عن ذلك. حيث يحاول كل مرشح أن يكسب رضى الناخبين ويلبي طلباتهم... تحيا الحرية وتحيا مصر!