نبي الله سليمان

كتابة:
نبي الله سليمان

التعريف بسليمان عليه السلام

كان سليمان -عليه السّلام- من الذين آتاهم الله الملك والحكمة في سنٍّ متقدّمٍ، فقد مات داود -عليه السّلام- وكان عمر سليمان اثنا عشر عاماً فآتاه الله ما لم يؤتِ أحداً من العالمين مثله، وبعدما آتاه الملك بأربعة أعوام ابتدأ ببناء بيت المقدس.[١]

وذلك بناءً على ما أوصاه به أبيه، واستمرّ في البناء سبع سنين، حيث انتهى من البناء بعد توليه الحكم بأحد عشر عاماً، ثم بعد ذلك باشر أعماله في بناء دار مملكة بالقدس، واستمرّ في البناء ثلاثة عشر عاماً.[١]

معجزات سليمان عليه السلام

دعا سليمان ربّه بأن يؤتيه مُلكاً لم يؤته أحداً من العالمين، فاستجاب الله له وأقام ملكاً، وحضارةً ترتكز على ما أجرى الله على يديه من المعجزات،[٢] ومن هذه المعجزات ما يأتي:

  • تسخير الرّياح

قال -تعالى-: (وَلِسُلَيمانَ الرّيحَ عاصِفَةً تَجري بِأَمرِهِ إِلَى الأَرضِ الَّتي بارَكنا فيها وَكُنّا بِكُلِّ شَيءٍ عالِمينَ)،[٣] فقد أجرى الله الريح بين يديه، وجعلها مُسيّرة بأمره، وقد كانت هذه الريح نافعةً غير ضارّة، تسير بأمر سليمان في جميع ملكه طيلة حياته، فكان يُسيّرها من ناحية البحر لتتوجّه نحو المكان الذي يريده حاملةً الأمطار في الغيوم، وكانت تُسيّر السفن في البحار.[٤]

  • تسخير الجنّ

قال -تعالى-: (وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ)،[٥] حيث كانت الجنّ تعمل بين يديه بأمره، يأمرها بالقيام بما يشاء من الأعمال والمهام، فقاموا ببناء الحضارة، والمحاريب، وآبار المياه، والصّروح العالية، ونحت التماثيل، وقد كانت مشروعةً في ذلك الزمن.[٦]

  • إسالة النحاس

قال -تعالى-: (وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ)،[٥] فقد خلق الله عيناً يسيل منها النّحاس الأصفر مدّة ثلاثة أيام، واستخدمه سليمان -عليه السّلام- في صناعة السّلاح وغيره من الصّناعات، وكان الجنّ يأخذون هذه النّحاس ويقومون بتصنيعه بحسب ما يأمرهم سليمان -عليه السّلام-.[٧]

  • الكلام مع ما لا ينطق

قال -تعالى-: (وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ)،[٨] فقد فهم سليمان -عليه السّلام- كلام الطّير، والحيوانات وغيرها من الجمادات.[٩]

سليمان عليه السلام وملكة سبأ

فَقدَ سليمان -عليه السّلام- يوماً الهدهد فلم يجده، وإذ به يأتي سليمان بخبر قومٍ يعبدون الشمس، فكتب رسالةً ابتدأ فيها ببسم الله الرحمن الرحيم، وكلّف الهدهد بإلقائها على هؤلاء القوم، فلما وصلت الرسالة وقرأتها ملكة سبأ، جمعت القوم وطلبت مشورتهم في الأمر.[١٠]

قال -تعالى-: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ*إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ*أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ*قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ)،[١١] فوكّل القوم الأمر إليها.[١٠]

وقرّرت ملكة سبأ أن ترسل لسليمان هديةً لعله يتراجع عن أمره، فلمّا شاهد سيّدنا سليمان الهدية أمر بإعادتها لها، فلما رأتها علمت أنّ سليمان يمتلك قوةً لم يملكها أحدٌ من قبله، وبعد ذلك قررت أن تذهب له، وكان سيّدنا سليمان قد أمر جنوده بإحضار عرشها مع إجراء تغيير بسيطٍ فيه.[١٠]

وحينما رأت العرش سألها سليمان أهذا عرشكِ؟ فقالت: كأنّه هو، فعلمت أنّ أمر سليمان هو الحق، وأسلمت مع جنودها، قال -تعالى-: (قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ*فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَـكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ*وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّـهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ).[١٢][١٣]

وفاة سليمان عليه السلام

مات سيّدنا سليمان وهو متوكئ على عصاه، ولبث مدّة من الزمن وهو على حاله دون أن يعلم أحدٌ بموته، حتى جاءت حشرة الأرضة فأكلت عصاه التي كان يرتكز عليها فسقط على الأرض، فعلمت الجنّ والإنس بموته.[١٤]

وهذا دليل على ادّعاء البعض أنّ الجن كانوا يعلمون الغيب، فلو كان ذلك صحيحاً لعلموا بموته حين مات مباشرة، قال -تعالى-: (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ).[١٥][١٤]

المراجع

  1. ^ أ ب أبو الفداء ، المختصر في أخبار البشر (الطبعة 1)، مصر :المطبعة الحسينية المصرية، صفحة 25، جزء 1. بتصرّف.
  2. أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة 1)، بيروت :مؤسسة الرسالة ، صفحة 422. بتصرّف.
  3. سورة الأنبياء ، آية:81
  4. أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة 1)، بيروت :مؤسسة الرسالة ، صفحة 422-423. بتصرّف.
  5. ^ أ ب سورة سبأ ، آية:12
  6. أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة 1)، بيروت :مؤسسة الرسالة ، صفحة 245. بتصرّف.
  7. أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة 1)، بيروت :مؤسسة الرسالة ، صفحة 426. بتصرّف.
  8. سورة النمل ، آية:16
  9. أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة 1)، بيروت :مؤسسة الرسالة ، صفحة 427. بتصرّف.
  10. ^ أ ب ت أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة 1)، بيروت :مؤسسة الرسالة ، صفحة 433-434. بتصرّف.
  11. سورة النمل ، آية:29-32
  12. سورة النمل ، آية:41-43
  13. أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة 1)، بيروت:مؤسسة الرسالة ، صفحة 434-435. بتصرّف.
  14. ^ أ ب حمود الرحيلي (2004)، منهج القرآن الكريم في دعوة المشركين إلى الإسلام (الطبعة 1)، المدينة المنورة :عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، صفحة 141-142، جزء 1. بتصرّف.
  15. سورة سبأ ، آية:14
4462 مشاهدة
للأعلى للسفل
×