محتويات
الحرب العالمية الثانية
لعبت الظروف الدولية التي قامت خلال القرنين الثامن والتاسع عشر ميلادي دوراً كبيراً ومهماً في تهيئة العالم لخوض غمار الحرب العالمية الثانية، والتي كانت نتيجة حتمية لتلك الظروف السيئة التي تركتها الحرب العالمية الأولى، فما كانت تنقضي حتى تخلف علينا بحرب أشد فتكاً وضراوةً مما سواها.
الظروف الدولية التي سبقت الحرب العالمية الثانية
- لقد كان للظروف الاقتصادية التي أنهكت كاهل العالم الغربي دوراً كبيراً في حدوث الخلافات الشديدة والنزاعات التي كانت سبباً في حدوث معركتين هما من أشد معارك التاريخ الحديث سطوة وأثراً، وقد تزامنَ ذلك مع ظهور النفط وما نجم عنه من ثورة صناعية تغلغلت في أوساط أوروبا، فأخذت كل دولة تتنافس في الحصول على المواد الأولية الضرورية لصناعتها، وقد بلغت تلك الأزمة ذروتها في عام 1932، حين عجزت الولايات المتحدة الأمريكية عن تصريف إنتاجها الصناعي في دول أوروبا، التي عانت هي أيضاً كذلك عجزاً كبيراً في اقتصادها مما سبب ذلك بكساد اقتصادي كبير.
- ظهور الحكومات الدكتاتورية المتسلطة: ظهرت بعض الدول والحكومات الدكتاتورية التي جاءت تلوح بأنها تملك الحل الأنجع في حل مشاكل الدول الضعيفة التي عانت من الأزمة الاقتصادية الخانقة، سبب ذلك وقوع بعص الدول كألمانيا واليابان تحت احتلال الحكومات الجائرة التي كانت ترى في ذلك المخرج الوحيد لها من أزماتها، من خلال نفاذها لبعض تلك الدول، كما حلّ في ألمانيا واليابان وإسبانيا.
- قيام الأحلاف العسكرية: كان لقرار هتلر الرامي إلى تسليح ألمانيا في عام 1935 وقعه الكبير على بعض الدول، كفرنسا التي خشيت على نفسها من ذلك التهديد الخطير، مما اضطرها للذهاب إلى روسيا وإبرام اتفاق يقضي بالتسلح المشترك وذلك لدفع الخطر الألماني المحدق، ثم ما لحق ذلك من من معاهدات واتفاقات جرت بين الدول الأوروبية كبريطانيا وفرنسا، التي اتفقت جميعها على مساعدة كل منهما الآخر في حال تعرضت أيٌّ منها إلى أي هجوم متوقع من قبل ألمانيا، ثم ما كان من سياسة التقارب التي ظهرت بين ألمانيا واليابان لمواجهة الخطر الشيوعي القريب، وما أدى إلى انضمام إيطاليا له بعد ذلك.
- ظهور مشكلة الأقليات في أوروبا والدول القومية: كانت نتيجة للاتفاقات التي أفرزتها الحرب العالمية الأولى ظهور الكثير من الدول القومية الجديدة كالبلقان ووسط أوروبا، وما سببه ذلك من تنافس قوي وشديد بين هذه الدول في المجال التجاري والاقتصادي، وما لاقته الأقليات في أوروبا من صعوبات وتحديات زادت من أفق الأزمة والصراع.
- فشل عصبة الأمم: فشلت عصبة الأمم في تحقيق الأهداف والغايات التي شرعت وقامت من أجلها نتيجة لعدم امتلاكها قوة الردع الكافية التي قد تمكنها من فرض قراراها بالقوة، وما لحق ذلك من عجزها عن نزع سلاح الدول المنتصرة والمهزومة، ثم ما تعلق به من أسباب كان ذلك كله سبباً في توتر العلاقات والأجواء بين أطراف العالم القائم.
السبب الرئيس للحرب العالمية الثانية
ونتيجة لتلك الظروف وتوتر العلاقات السائدة بين دول القارات الثلاث، وبسبب تفاقم الأزمات وتزايد الهوة ما بين الأزمات والحلول الملوحة لها، وخروج بعض الدولة الغربية كألمانيا ورغبتها في أن تستأثر بقيادة العالم الجديد المنهك، صراع بلغ ذروته بعد إنشاء ممر يربط بين بولند بميناء دانزج، ألمانيا وما سببه من فصل السكان الألمان الذين يسكنون في مدينة دانزج عن وطنهم، ونتيجة للاحتكاك المتواصل بين ألمانيا وبولندا أدى ذلك كله إلى نشوب الخلافات التي انتهت بحرب دموية كبيرة تفاقمت وتوسعت حتى شملت العالم بأجمعه وسميت الحرب العالمية الثانية.
نتائج الحرب العالمية الثانية
وبعد اشتعال فتيل الحرب بين كفتيْ الصراع وهما: دول المحور وهي بقيادة ألمانيا واليابان وإيطاليا التي انشقت عنها بعد ذلك، ودول الحلفاء بقيادة كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا، استمرت الحرب لمدة 15عاماً، استنزفت خلالها الكثير من البشر والدول والأموال والأسلحة وما ألحقه من أضرار فادحة في كل ما هو موجود على سطح الأرض.
ومن ناحية أخرى ورغم عدم تكافؤ الفرص لكلٍ من الطرفين في بداية الأمر إلا أن ألمانيا ظلت في طليعة المواجهة تقبض زمام الأمور بقبضة من حديد، فما سلمت منها دولة إلا لها من حزمها نصيب، غير أن هذا لم يدم إلا لنهاية 1942 حيث بدأ التحول في سير الحرب لصالح الحلفاء الذين قاموا بإرسال قواتهم إلى شمال أفريقيا وما نجم عنه من معركة سميت "بمعركة العلمين" بين بريطانيا ودول المحور، وكانت النتيجة هزيمة المحور واستسلام إيطاليا، وما رافقه من شن للغارات الجوية المكثفة على ألمانيا، الأمر الذي سبّب ذلك أضراراً كبيرة بها وتدمير أغلب مراكزها الحيوية، وما تعرضت له بالمقابل اليابان من قذفها بالقنبلة الذرية على هيوشيما وناغازاكي، فهزمت اليابان وألمانيا في نهاية عام 1945 فهزمت كل من ألمانيا واليابان وانتصرت الحلفاء، أما نتائج الحرب العالمية الثانية فهي كما يلي:
- نتائجها على العالم:
- خرجت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي كأكبر قوتين في العالم، فأصبح العالم ثنائي الأقطاب، الذي ما برح حتى عاد ليصبح أحادي القطب بعد تفكك وانهيار الإتحاد السوفييتي في أوائل الثمانينيات من القرن المنصرم.
- وما أسهمه الخلاف الحادّ الذي نشب بين كل من أمريكا والاتحاد السوفييتي إلى ظهور نظام الكتلتين: الكتلة الغربية الرأسمالية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تضمنت دول أوروبا الغربية وما قامت به من تشكيل لحلف شمال الأطلسي في عام 1949م، أما الكتلة الأخرى فهي الكتلة الإشتراكية بزعامة الإتحاد السوفيتي، والتي انضم لها بعد ذلك دول شرق أوروبا، وتشكيل حلف وارسو في عام 1955م.
- إنشاء هيئة الأمم في عام 1945م.
- وما نتج عنها من اكتشاف أسلحة جديدة متطورة كالنووية والذرية، والتي أخذت كل دولة من الدول الغربية على التنافس في امتلاكها والحصول عليها.
- وما سبب ذلك من قضاء على الحكمين الفاشي والنازي في كل من إيطاليا وألمانيا.
- نشاط للحركات التحررية في العالم الثالث التي طالبت بالاستقلال والتحرر.
- نتائجها على الوطن العربي: كانت البلاد العربية مسرحاً مهماً للمعارك الدامية بين دول المحور والحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية، وما تسبب ذلك بما يلي:
- احتلال للكثير منها وفرض للأحكام العرفية الجائرة والرقابة المشددة على الصحف والمجلات والإعلام، كذلك وما قامت به من نفي للعديد من الزعماء الوطنين خارج بلدانهم، وأدّى ذلك كله إلى نشوء ونشاط حركات التحرر التي عمدت إلى أسلوب الكفاح المسلح والثورات في سبيل تحرير أوطانها من نير الاحتلال، والتي انتهى أغلبها بتحرر بلدانها.
- بقيت فلسطين وحدها في أوج الصراع العقيم بقرار هيئة الأمم المتحدة بعد الحرب وتوصية من بريطانيا بإصدار وعد بلفور الذي تم توقيعه في 2/11/1947، والقاضي بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.