نجد والحجاز في العصر الأموي

كتابة:
نجد والحجاز في العصر الأموي

الحياة في الحجاز

كانت مدن الحجاز (مكة والمدينة) تعيش في دعةٍ من العيش حيث تجمّعت أموال الصحابة رضوان الله عليهم فيها، وانتقلت لأبنائهم من بعدهم، كما أنّ خلفاء بني أمية قد أغدقوا بالأموال والعطايا على مكة والحجاز ليصرفوهم عن الأمور السياسية، وليستتب الحكم لهم، فلا يجدوا منهم مُعارضةً في شؤون الحكم، وخاصةً أنّ الخلافة انتقلت من الشورى لتصبح وراثية.[١]


لكن مدن الحجاز كانت مَهْد الصحابة وأبنائهم من بعدهم، وقد استلم معاوية رضي الله عليه الخلافة، كما أصبحت وراثية في خلافته، ولاقى ذلك ردّة فعلٍ عند أبناء الصحابة، وإن لم يخرجوا على معاوية، ولكنّهم رفضوا يزيد وقامت ثوراتٌ لهم، أمثال ثورة الحسين بن علي وعبد الله وأخيه ابنا الزبير وعبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر رضوان الله عليهم جميعاً.[٢]


لم تهدأ الحياة إلّا في زمن عبد الملك بن مروان بعد موت أبناء الصحابة،[٣] ويُمكن القول إنّ الحجاز قد نعم بالعيش شيئاً ما، حيث كانت تأتيه الأموال من أكثر من مصدر؛ كأموال الصحابة، وأعطيات بني أمية، ومن دخل أهل الحجاز الذين كانوا يعملون بالزراعة والتجارة، وعلى هذا فإنّ الفقر كان مُنتشراً في هذه البيئة حيث لم ينعم جميع الناس بالرغد والهناء.[٤]


ترف العيش ودوره في ظهور الغزل الصريح

ظهر في مكة والمدينة الغزل الصريح عند عمر بن أبي ربيعة، وقد عاش عمر حياةً هانئةٍ، فكان أبوه من الأشراف، وقد مات أبوه لمّا كان صغيراً فورث ثروته، وأمه من أصولٍ يمانية قد اهتمت به وجعلته يعيش معيشةً مُرفهة ساعدها على ذلك ثروة أبيه، وقد أصبحت مكة تعيش في شيءٍ من الترف، وقد دخل عليها الرقيق والجواري من مُختلف البلاد.[٥]


دخل مع الرقيق والجواري الغناء، وأصبح المُغنون يدخلون الأغاني الأجنبية ويصوغونها بقالبٍ عربيٍ، وقد شبّ ابن أبي ربيعة بين حياة الترف وحياة الغناء، وتفتقت قريحته الشعرية باكراً، فطوّعها للغزل ونصب حياته للغزل الصريح حيث صار يصوغ شعره بقالبٍ غزلي صريح.[٦]


بوادي الحجاز ونجد

ظلت بوادي الحجاز ونجد تعيش الحياة القبلية، حيث كانوا يعتمدون على الرعي والارتحال للبحث عن المرعى، وقد عاش الناس في شظفٍ من العيش، وقد ظلت العصبيات القبلية موجدةً في هذه البيئة، ولكنها لم تكن على حدتها في الجاهلية، حيث كان الحكم للدولة في القصاص، كما أنّ جند الدولة كانوا مُنتشرين في هذه البيئة لضمان السلم فيها.[٧]


ضعف شعر الفخر والهجاء في هذه البيئة تبعاً لظروف الحياة، ولكن انتشر نوعٌ آخر من الشعر هو ما يُعرف بالغزل العفيف، أو الغزل العذري -نسبةً لقبيلة عذرة حيث اشتهر شعراؤها بهذا النوع من الشعر- واشتهر به شعراء أمثال مجنون ليلى وغيره.[٨]


أمّا بوادي الحجاز الشمالية فقد احتدت العصبيات القبلية بين قبيلة قيس المصرية التي كانت تسكن شمال الحجاز وقبيلة كلب القحطانية التي كانت تسكن جنوب الشام، وقد ساعدت عدّة عوامل على اشتداد هذه العصبيات كالتزاحم على المرعى والانتماءات السياسية حيث كانت كلب في صف بني أمية وقيس في الأحزاب المُناوئة لهم.[٧]


المراجع

  1. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي، صفحة 139. بتصرّف.
  2. عبد الله الخلف، مجتمع الحجاز في العصر الأموي، صفحة 106- 114. بتصرّف.
  3. عبد الله الخلف، مجتمع الحجاز في العصر الأموي، صفحة 119- 120. بتصرّف.
  4. عبد الله الخلف، مجتمع الحجاز في العصر الأموي، صفحة 129- 134. بتصرّف.
  5. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي، صفحة 139- 148. بتصرّف.
  6. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي، صفحة 139- 148. بتصرّف.
  7. ^ أ ب شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي، صفحة 2- 148- 153. بتصرّف.
  8. سارة عبابسة، بیئات الغزل في العصر الأموي، صفحة 55. بتصرّف.
6113 مشاهدة
للأعلى للسفل
×