نشأة المدرسة التوزيعية

كتابة:
نشأة المدرسة التوزيعية

نشأة المدرسة التوزيعية

نشأت المدرسة التوزيعية نتيجة تبني مؤسسها وهو "بلومفيلد" فكرةَ السلوكية، التي انتشرت بين علماء علم النفس، وقام بتطبيقها على التحليل اللغوي، ولم يقف عند هذا الحد فقط، إنما تعدى هذه الفكرة إلى نظرة عميقة مبنية على مفهوم الاستغراق،[١] وأُنشئت هذه المدرسة عام (1930م) في الولايات المتحدة، كمنهج لساني بنائي محض، وكرد فعل على أصحاب (النحو النظري)؛ أي تصوّر الأذهان فقط.[٢]

انطلق "بلومفيلد" في رد فعله هذا من معطيات التجربة الفعلية التي تركز على أن الكلام بأجزائه لا ينتظم في الجملة بطريقة اعتباطية أو عن طريق الصدفة البحتة، إنما تنتظم أجزاء الكلمة مع باقي الكلمات الأخرى بطريقة اتساقية في النص، ولقد استدل "بومفيلد" على ذلك من خلال ملاحظة قديمة جداً لم تستقل كمنهج منفرد في السابق.[٢]

وقد تأثر "بلومفيلد" عند إنشائه لهذه المدرسة بظاهرتين، أولهما ما شاهده من تعدد اللغات في أمريكا، وثانيهما ما تبناه "بيهفيور" من آراء حول النظرية السلوكية التي تجعل ردود الفعل اللسانية سواءً مع باقي الردود، حيث إن كليهما يخضعان إلى قانون الإثارة؛ الذي هو منبه من شأنه إصدار استجابة برد الفعل.[٢]

اعتنى "بلومفيلد" في هذه المدرسة بكافة اتجاهاتها المختلفة، إذ استطاع أن ينميها، وأن يجعل من كل اتجاه اتجاهاً صالحاً لأن يدرس موضوعاً بحثياً دراسةً جادةً بانفراد بعيد عن باقي الاتجاهات، وفي ذات الوقت تمكّن من الجمع بينها، ومن جانب آخر أسقط "بلومفيلد" الجانب العقلي وذلك عبر عملية الاكتساب التي أوضحها في دراساته.[٣]

التسميات المختلفة للمدرسة التوزيعية

أطلق الباحثون والدارسون على المنهج الذي استخدمه "بلومفيلد" عدة تسميات، منها ما يأتي:[١]

  • المنهج التوزيعي: وذلك انطلاقاً من أن طبيعة المنهج الأمريكي توزيعية بصفة خاصة، وبنيوية بصفة عامة، وتعد هذه التسمية أشهر تسميات منهج "بلومفيلد".
  • المنهج البنيوي: المنهج البنيوي هو الذي ينبع من البنيوية.
  • المنهج الشكلي: يستند على الصور الموجودة في المحيط الخارجي، وما به من أشكال.
  • المنهج المادي: يُعامل هذا المنهج الإنسان على أنه (آلة)، ويفسّر سلوكه بناءً على هذه الطبيعة وفق مبدأ المثير والاستجابة.
  • المنهج الميكانيكي.
  • المنهج السلوكي.

خصائص المدرسة التوزيعية

تميّزت المدرسة التوزيعية بعدة خصائص، منها ما يأتي:[٤]

  • تركيزها على تعلم لغة النطق قبل لغة الكتابة: نادت المدرسة التوزيعية بأهمية التركيز على تعلم لغة النطق قبل لغة الكتابة، وإذا ما دققنا النظر وجدنا أننا نتعلم الكلام المستعمل الشائع قبل استعمال ما هو مقنن ومختار، وذلك لأننا نتعلم اللغة في صورة النطق لا عبر الكتابة أو عن طريق التدوين والصورة التي يحفظها الذهن.
  • اختيارها أحداث ملموسة: تتميز الدراسات في هذه المدرسة على اختيار وقائع وأحداث ملموسة قابلة لأن تكون محددة في الزمان والمكان، مما يُكسبها طابعاً علمياً، يجعلها قابلة لإخضاع النتائج المحصلة للمراجعة، ويمكننا التعبير عن هذا كله بأن كل بحث لساني يشترط جمع مدونة متماسكة ونموذجية، والتي تتكون من مجموعة من الأقوال المأخوذة كعينات للسان.[٥]
  • تركيز اهتمامها على شكل اللغة: تُركِّز المدرسة التوزيعية على دراسة شكل اللغة وتجاهل المحتوى، مما يعني أنها تقوم بتفضيل ما هو مُلاحَظ على ما هو غير قابل للملاحظة، إذ إنه ليس من السهل إظهار المنبه الذي جعل المتكلم يُرسل أصواتاً، أو يستجيب برد فعل ما على هذا المنبه أو المؤثر.[٥]
  • تمثيلها اتجاه ثالث في الدراسات اللغوية: تُشكّل المدرسة التوزيعية اتجاهاً ثالثاً في الدراسات اللغوية، والذي ساهم في نشرها في أوروبا هو رائد هذه المدرسة "ليونارد بلومفيلد".
  • دراستها للغات المغمورة: اهتمت هذه المدرسة بدراسة اللغات المغمورة إضافة إلى اللغات المعروفة، واهتمت بكليهما الاهتمام ذاته، ولم تفرِّق في بحوثها بين اللهجات السامية واللهجات المحلية.
  • تركيزها على لغة الحديث: ركزت هذه المدرسة على لغة الحديث أو لغة الكلام بوصفها اللغة الوحيدة التي تتصف بالكفاءة عندها.
  • تركيز أتباعها على طريقة حديث الناس: ركّز أتباع هذه المدرسة على الأسلوب والطريقة التي يتحدث بها الناس، وجعلوا منها مرجعهم الوحيد، وقاموا بتفضيلها على كتب النحو التي للغة فيها قواعد راسخة.

رواد المدرسة التوزيعية

أبرز رواد المدرسة التوزيعية الأمريكية الذين ساهموا في إرساء أسسها وتوجيهها إلى ما هي عليه الآن، هم على الترتيب التالي:[٦]

  • فرانز بوعز: 1958م- 1942م.
  • إدوارد سابير: 1884م- 1939م.
  • ليونارد بلومفيلد: 1887م- 1949م.

المراجع

  1. ^ أ ب عبير عبد اللطيف، منهج التحليل إلى المكونات المباشرة، مفهومه وأثره في الدراسات الحديثة، صفحة 84. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت هفياني ساندرا، أهم المدارس اللسانية الغربية الحديثة، صفحة 6. بتصرّف.
  3. عبير عبد اللطيف، منهج التحليل إلى المكونات المباشرة، مفهومه وأثره في الدراسات الحديثة، صفحة 85. بتصرّف.
  4. السعيد الشنوقة، مدخل إلى المدارس اللسانية، صفحة 85-86. بتصرّف.
  5. ^ أ ب وفاء صبحي، البنوية الأمريكية، المدرسة التوزيعية، صفحة 1-2. بتصرّف.
  6. السعيد الشنوقة، مدخل إلى المدارس اللسانية، صفحة 88. بتصرّف.
5602 مشاهدة
للأعلى للسفل
×