نشأة المنهج البنيوي وتطوره

كتابة:
نشأة المنهج البنيوي وتطوره


نشأة المنهج البنيوي في الفلسفة

إن أصل كلمة البنيوية يرجع إلى المصطلح اللاتيني "Struere" من لفظ بنى، حيث يقام مبنى، وأول استخدام له كان في فن العمارة في القرن السابع عشر، ومن خلاله تم اقتباسه لتوظيفه في العلوم الإنسانية والاجتماعية، والفلسفة، وقامت البنيوية في الأصل على أسس فلسفية وهي خلاصة لجدل كبير دار بين التيار المثالي والتيار المادي في الفلسفة الحديثة.[١]


فأخذت البنيوية الإشكال الدائر حول قضيتي الحقيقة والوجود مادة أساسية لها، فالتيارات الفلسفية اختلفت حول مصدر المعرفة الإنسانية وحدودها، وطبيعتها، فالتيار التجريبي يرى أن أصل المعرفة البشرية هو الحواس والتجارب، في حين يرى المذهب العقلاني أن العقل هو المصدر الأول للمعرفة على أساس أن هنالك مفاهيم عقلية سابقة للتجربة، وتوسط هذين التياران الكانطية باعتبارها مثالية نقدية.[١]


واستعارت البنيوية من المثالية الكانطية السبيل لفحص بنية النص من داخل، ويذكر أن فكرة سجن النسق هي استعارة من الكانطية، فقد أكد بول ريكور على أن البنيوية هي كانطية، ولكن دون فكرة الذات المتعالية، وذلك لأن أصل هذه الفلسفة أن تجعل من النماذج اللغوية مطلقة بعد التدرج في التعميم للوصول إلى حد أن يصبح مطلقًا، لذلك كانت البنيوية ثورة على الذات عند ديكارت والذات المتعالية عند كانط.[١]


فالبنيوية تبحث عن الأسس الشاملة للنص التي تقع خارج الإطار الزماني، وتؤكد على وجود نسق أولي ترتكز عليه المظاهر الخارجية التي تقوم عليها النصوص، وهذا الأمر يوضح مدى قرب الفلسفة البنيوية من الفلسفة الكانطية، تحديدًا في نظرية المعرفة الكانطية.[١]


نشأة المنهج البنيوي وإرهاصاته عند دي سوسير

يعد الفيلسوف وعالم اللغة فرناند دي سوسير أول من أسس المنهج البنيوي، فقد صاغ التصنيفات العامة التي شكلت بداية النقد البنيوي، فقد بدأت دراسته اللغوية ذات الفاعلية في بلورة البنيوية اللغوية، فاللغة بالنسبة لدي سوسيرليست مجموعة حسابية للعبارات التي يتفوه بها مجموعة من الناس، بل روابط تربطهم ببعضهم البعض، وتعمل هذه الروابط بانتظام تام.[٢]


فهي نظام متكون من دلائل، في أذهان الناس الذين يتفقون على نفس اللفظ، وبذلك لا يكتمل النظام عند فرد لوحده بل يجب أن تكون لدى جمهور، وأكد دي سوسير على أن هنالك فرقاً بين اللغة كنظام اجتماعي والكلام، فكانت المنظومة اللغوية موضوع أبحاثه.[٢]


تطور المنهج البنيوي عند كلود ليفي شتراوس

يمكن القول إن شتراوس من أهم الفلاسفة الذين استطاعوا التطوير على المنهج البنيوي والإفادة منه في البحوث الأنثروبولوجية،[٣] فشتراوس مؤسس الأنثروبولوجيا البنيوية وارتكزت أبحاثه حول دراسة العقل البشري عند الإنسان في العصور القديمة، فدرس الأساطير وبنيتها، وعادات الشعوب والنظم الفكرية التي سادت فيها.[٢]


وقد أفاد شتراوس من دراسات دي سوسير في دراسة عامل اللغة البنيوي في المجتمعات القديمة، وعندما درس الأسطورة أكد على أنها ليست مرادفة للخرافة، ولا تعني أن المجتمعات القديمة كانت أقل تطورًا من حيث البنية الفكرية.[٢]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث عويشات حيزية، نقد التطبيقات العربية للمناهج النقدية الحديثة من خلال المرايا المحدبة ل عبد العزيز حمودة، صفحة 10-11. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث وردة عبدالعظيم عطا الله قنديل، البنيوية وما بعدها بين التأصيل الغربي والتحصيل العربي، صفحة 9-16. بتصرّف.
  3. "Claude Lévi-Strauss", Britannica, Retrieved 31/1/2022. Edited.
6124 مشاهدة
للأعلى للسفل
×