نشأة علم البديع

كتابة:
نشأة علم البديع

نشأة علم البديع

كان العرب بفطرتهم الأدبيّة يُورِدون في شِعرهم أساليبَ بيانيّة مُتعددة، بالإضافة إلى المُصطلحات البلاغيّة التي استخدموها دون معرفة أنواعها، إنّما هي التّلقائيّة الأدبيّة في شُعرائهم، إلّا أنّ هناك العديد منهم تنبّه إلى هذه الأساليب وأهميّتها البالغة في التّعبير عن الشِّعر ورفع مستواه البلاغيّ، ومن الشُّعراء الذين اشتُهروا بتلك المرحلة الشّاعر زُهير بن أبي سلمى، فقد أشاد العرب إلى أساليبه المليئة بأساليب التّشبيه والاستعارة وغيرها من الأساليب البلاغيّة.[١]


إنّ العرب كانوا يميلون إلى استحسان هذه الأساليب دون معرفة بمُصطلحاتها، كحال استخدامهم للفاعل المرفوع، والمفعول به المنصوب، فلم تظهر هذه القواعد إلّا بعد وضعها لاحقاً من قِبل عُلماء النّحو، والحال هُنا نفسه بالنّسبة للأساليب البلاغيّة، فقد عُرِفت لاحقاً بعُلوم البلاغة العربيّة، وهي ثلاثة علوم: (عِلمُ المعاني، وعِلمُ البيان، وعِلمُ البديع).[١]


من الجدير بالذِّكر أنّ اهتمام عُلماء الُّلغة العربيّة بعلم البلاغة بدأ بعد الإسلام؛ انطلاقاً من اهتمامهم بفهم المعاني المُرادة من الإعجاز البيانيّ في القُرآن الكريم، وهذا ما أشار إليه أبو هلال العسكريّ في كتابه "الصّناعتيْن"، فقد قال: "أحقّ العلوم بالتّعلُم وأولاها بالتّحفُظ -بعد المعرفة بالله جلّ ثناؤه- علم البلاغة ومعرفة الفصاحة الذي به يُعرف إعجاز كتاب الله تعالى"، ويجب الإشارة إلى أنّ الإسراف في استخدام علم البديع وألوانه من المُحسّنات البديعيّة في العصور الحديثة أنشأ حالة من الضّعف في المُنتج الأدبيّ، وهذا ناتج عن عيب في كيفيّة استخدام هذا العلم، وليس في العلم بحدّ ذاته، إنّما لعدم القدرة على فهمه، وحُسن إدراة استعماله كعُنصر مهمّ في بلاغة العمل الأدبيّ، كما أنّه أشير إلى ذلك في كتاب العسكريّ، فقد قال: "إنّ هذا النّوع من الكلام إذا سَلِم من التّكلُّف وبرئ من العُيوب، كان في غاية الحُسن ونهاية الجَودة".[١]


مراحل تطوّر علم البديع

مرّ علم البديع بمراحل مُتعدِّدة مُنذ بدايات ظهوره عند العرب وحتّى الانتهاء من تطويره والاعتناء بتفاصيله، وفيما يلي هذه المراحل بصُورة مُوجزة:[٢]


القرن الثّالث الهجريّ

ذُكِر في كتاب "بديع القُرآن" أنّ أبا فرج الأصفهانيّ أشار إلى أنّ الشّاعر العباسيّ (مُسلم بن الوليد) كان: "أولّ من قال الشِّعر المعروف بالبديع"، وهذا في عام 208هـ، ثمّ جاء الجاحظ بعده ليُشير إلى مُصطلح (البديع) وأنواعه، ولكن بلا تحديد لتفصيلاته، ثمّ تبعه بعد ذلك المُؤسس الأولّ لهذا العلم ومُصطلحاته، وهو (ابن المُعتزّ)، وقد كان كتابه المُسمّى بـ(البديع) أولّ مُصنّف في علم البديع، وذلك عام 274هـ، كما ذكر فيه أنّ "ليُعلَم أنّ بشاراً، ومُسلماً، وأبا نوّاس، ومن قبلهم ومن سلك سبيلهم لم يسبقوا إلى هذا الفنّ، لكنّه كثر في أشعارهم فعُرف في زمانهم حتّى سُمّي بهذا الاسم، فأُعرف عنه ودُلّ عليه"، ومن الجدير بالذِّكر أنّ من المُطوِّرين لهذا العلم في هذه المُدّة المُبَرِّد وابن قُتيبة.


القرن الرّابع الهجريّ

تمّ تطوير علم البديع في هذه المرحلة، وكان (قُدامة بن جعفر) أشهر المُطوِّرين على كتاب ابن المُعتزّ، فألّف كتابه "نقد الشِّعر" ليتحدّث فيه عن هذا التّطوير، وتلاه بعد ذلك (ابن هلال العسكريّ) ليُطوّر أكثر فيه ليكتشف أنواعاً أخرى في هذا العلم.


القرن الخامس الهجريّ

يُعدّ (ابن رشيق القيروانيّ) أشهر المُطوِّرين لعلم البديع في هذه المرحلة، فقد أشار إلى ألوانٍ جديدة في هذا العِلم لم يُشِر إليها أحد من قبله، ومن الذين اشتُهروا كذلك في هذه المرحلة: (ابن سنان الخفاجي)، و(ابن أبي الإصبع المصريّ)، و(عبد القادر الجرجانيّ).


القرن السّادس الهجريّ

تُعدّ هذه المرحلة هي المرحلة التي ازدهر فيها علم البديع، وعلى رأس مُطوِّريه (الزّمخشريّ) في كتابه "الكشّاف"، فقد أوجد أنواعاً جديدة أُخرى لعلم البديع، ومن روّاد هذه المرحلة أيضاً (رشيد الدّين العمريّ) المعروف بالوطواط، وصاحب كتاب "حدائق السِّحر في حقائق الشِّعر"، كذلك (أسامة بن المنقذ)، وهو صاحب كتاب "البديع في نقد الشِّعر"، ويجب الإشارة إلى أنّه بعد هذه المرحلة لم يتمّ إيراد أنواع جديدة في علم البديع، إنّما عُني في تقسيمه وتلخيصه فقط.


القرن السّابع الهجريّ حتّى الآن

عُنيت هذه المرحلة وما بعدها بتقسيم علم البديع إلى مُحسّنات بديعيّة لفظيّة ومعنويّة، ومن أشهر روّاد هذه المرحلة (فخر الدّين الرّازيّ)، فقد ألّف كتاب "نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز" والذي أورد فيها أنواع علم البديع مُصّنفة وشاملة، ويجب الإشارة إلى أنّ المراغي أشار إلى أنّ عالم البلاغة (السّكاكيّ) كان صاحب تقسيم علم البديع إلى قسميه اللفظيّ والمعنويّ.


فنون علم البديع

المحسّنات البديعيّة المعنويّة المحسّنات البديعيّة اللفظيّة
الطباق الجِناس
المُقابلة السَّجع
الطيّ والنشر ردّ الإعجاز على الصَّدر
التورية إيغال الاحتياط
حُسن التعليل التّوشيح
حُسن التقسيم تآلف الألفاظ
سَوْق المعموم مَساق غيره
المبالغة
براعة الاستهلال
الاستتباع
التّوجيه


المحسّنات البديعيّة المعنويّة

هي المُحسّنات التي تُعنى بالمعاني الواردة في النّص الأدبيّ، والتي تهدف لتحسينه وتجميله، وأشهرها:[٣][٤]


الطِّباق

هو وُجود تضادّ في المعنى بين جملتين في العبارة الواحدة، مع الجمع بين شيئين مُتوافقين أو مُتضادّين، وفيما يلي أقسامه الفرعيّة:[٣][٤]


الطِباق الإيجابيّ:

هو اجتماع شيئين بالمعنى بالإثبات أو النّفي وأنواعه:

  • طِباق الإثبات: مثل قوله تعالى: (يُحْيِي وَيُمِيتُ)، فهو هنا بين بين (يُحيي-يُميت).[٥]
  • طِباق النّفي: مثل قوله تعالى: (ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ)، فهو هنا بين (لا يموت-لا يحيى).[٦]


الطِّباق السلبيّ:

هو اجتماع بين فعلين أحدهما مُثبت والآخر منفيّ، أو اجتماع بين فعلين أحدهما أمر والآخر نهي، وأنواعه:

  • الجمع بين مُثبت ومنفيّ: مثل قوله تعالى: (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ*يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا)،[٧] فهو هنا بين (لا يعلمون-يعلمون).
  • الجمع بين أمر ونفي: مثل قوله تعالى: (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ)،[٨] فهو هنا بين (اتّبعوا-لا تتّبعوا).


الطِّباق المجازيّ:

هو اجتماع شيئين ليسا حقيقين في المعنى مثل قوله تعالى: (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ)،[٩] فالطِباق هنا بين كلمة (فَأَنجَيْنَاكُمْ) والمقصود بها: خلّصناكم، وكلمة: (أَغْرَقْنَا) المقصود بها أهلكنا.


الطِّباق الحقيقيّ:

هو اجتماع شيئين حقيقين في المعنى ويأتي بأقسام هي:

  • الطِّباق بين اسمين: مثل قوله تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۚ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ)،[١٠] فالطباق هنا بين (أصحاب النّار-أصحاب الجنّة).
  • الطِّباق بين فعلين: مثل قوله تعالى: (لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ)،[١١] فالطباق هنا بين (يتقدّم-يتأخّر).
  • الطِّباق بين مختلفين: مثل قوله تعالى: (فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)،[١٢] فالطباق هنا بين (الحقّ-بَطَلَ).


الطِّباق الخفيّ:

هو اجتماع الشيء مع ضدّه في المعنى لا الّلفظ مثل قوله تعالى: (وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ)،[١٣] فالطِّباق هنا بين (ضُرٌّ-رحمة).


لمعرفة المزيد عن الطباق يرجى قراءة المقال الآتي: ما هو الطباق.


المُقابلة

هي الإتيان بمعنيَين اثنين أو أكثر يتوافقان، مع إيراد ما يُقابل هذه المعاني على وجه مُرتّب، وهي بذلك تحتوي بداخلها على طِباق وآخر يتبعه، وفيما يلي أقسامها الفرعيّة:[٣][٤]


المُقابلة الحقيقيّة المُباشرة:

هي وجود التّضاد بين الجُمل بشكل مُباشر بالّلفظ، وأنواعها كالآتي:

  • مقابلة ثنائيّة: مِثل قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا*وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا)،[١٤] فالأضداد الثُّنائيّة هنا هي (الّليل-النّهار/ لباسا-معاشاً).
  • مقابلة ثلاثيّة: مِثل قول الشّاعر:[١٥]


ما أحسن الدِّين والدُّنيا إذا اجتمعا

وأقبح الكفر والإفلاس بالرَّجُلِ


فالأضداد الثُّلاثيّة هنا هي: (أحسن-أقبح/ الدِّين-الكفر/ الدُّنيا-الإفلاس).

  • مقابلة رباعية: مِثل قوله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى*وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى*فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى*وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى*وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى*فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى)،[١٦] فالأضداد الرُّباعيّة هنا هي: (أعطى-بخل/ اتّقى-استغنى/ صدَّق-كذَّب/ اليُسرى- العُسرى).
  • مقابلة خماسيّة: مِثل بيت المُتنبّي:[١٧]


أزُورُهُمْ وَسَوَادُ اللّيْلِ يَشفَعُ لي

وَأنثَني وَبَيَاضُ الصّبحِ يُغري بي


فالأضداد الخُماسيّة هنا هي: (أزورهم- أنثني/ سواد-بياض/ الّليل-الصُّبح/ يشفع-يُغري/ لي-بي).

  • مقابلة سداسيّة:

بيت عنترة العبسيّ:[١٨]


على رأسِ عبدٍ تاجُ عِزٍّ يزينهُ

وفي رِجْلِ حرّ قيدُ ذُلٍّ يَشينهُ


فالأضداد السُّداسيّة هنا هي: (على-في/ رأس-رِجْل/ عبد-حُرّ/ تاج-قيد/ عِزّ-ذُلّ/ يُزيّنه-يَشينه).


المُقابلة المعنويّة غير المُباشرة:

هي وجود التّضاد بين الجُمل بالمعنى لا الّلفظ مثل قوله تعالى: (مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ۖ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ)،[١٩] فالمُقابلة هنا بين (من كفر فعليه كفره)، أي مصيره في النّار، وبين (ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون)، أي: منازلهم ستكون في الجنّة.


الطيّ والنشر

هو إيراد الكلمات على نحو مُتتالٍ مع ما يتعلّق بها بالتّرتيب أو التّعقيب، وله قسمان هُما:[٣]


نوع الطّي والنَّشر تعريفه المِثال التّوضيح
النّشر بنفس ترتيب الطيّ. تتابع الكلمات في الجملة مع الكلمات في الجملة التي تليها مُرتّبة. خلق الله تعالى الّليل والنّهار، لنسكُن فيه للرّاحة، ولنسعى فيه طلباً للرّزق. تجمع الجملة بين كلمتي الّليل والنّهار، ثمّ يتمّ تخصيص السّكون لليل، ثمّ السّعي للنّهار على التّرتيب.
النّشر بعكس ترتيب الطيّ. ألا تتابع الكلمات في الجملة مع الكلمات في الجملة التي تليها. خلق الله تعالى (الليل والنّهار)، (لنسعى) فيه طلباً للرّزق و(لنسكن) فيه للرّاحة. تجمع الجملة بين كلمتي الّليل والنّهار، ثمّ يتمّ تخصيص السّكون لليل، ثمّ السّعي للنّهار على التّرتيب.


التّورية

هي إيراد الكلمة بمعنيين اثنيين أحدهما مرئيّ والآخر مخفيّ، ولها أربعة أشكال، وهي:[٣][٤]

  • المرشّحة: هي التّورية التي يرد فيها معنى قريب ومُلائم لمُفردة التّورية، مثل التّورية المُرشّحة الواردة في بيت ابن نباتة المصريّ الشِّعريّ الذي يقول:[٢٠]


كأنّا للمجاورة اقتسمنا

فقلبـي جـارهم والدّمع جاري


فالتّورية في كلمة (جاري) وهُنا المعنى القريب هو: (المُجاورة)، والبعيد هو: (المُنسكب).

  • المُبيِّنة: هي إيراد معنى مُناسب للمعنى البعيد المقصود في النّص، وهي في بيت ابن نباته المِصريّ الشِّعريّ الذي يقول:[٢١]


ذكرتُ والكأس في كفي لياليكم

فالكأسُ في راحةٍ والقلب في تعب


التّورية في كلمة (راحة)، والمعنى القريب هو: (الاسترخاء)، والبعيد (راحة اليدّ)، ودلّ على المعنى (الكّأس في كفّي).

  • المُجردّة: هي التّورية التي لا تحتوي على معنى مُلائم للمعنى البعيد، مثل ما جاء في البيت الشِّعريّ:[٢٢]


وقالـت رُحْ بـربِّك من أمـامي

فقلـتُ لـها بربِّك أنـتِ روحـي


فالتّورية في كلمة (روحي)، والمعنى البعيد: (نفسي)، والقريب: (الذّهاب)، ولم يرد ما يُقرّب المعنى البعيد.

  • المُهيئة: هي التّورية التي ترد في اسمين، ولا تكون موجودة باختفاء أحدهما، مثل بيت عمر بن أبي ربيعة:[٢٣]


أَيُّها المُنْكِحُ الثُّرَيا سُهَيْلاً

عَمْرَكَ اللَّهَ كَيْفَ يَلْتَقِيانِ


فالتّورية هنا هي في كلمة (الثُّريّا) فالمعنى القريب هو (النّجم)، والمقصود هو (اسم لفتاة)، ودلّ عليه وُرود اسم سُهيل، والعكس صحيح، فتكون الكلمتان هُنا قدّ هُيّئت كلّ واحدة منهما للأخرى.


حُسن التّعليل

هو الأسلوب البلاغيّ الذي يعتمد على إيراد سبب وقوع العِلّة قبل أن ترد العلة، سواء كان السبب لعلِّة حقيقيّة أم لا، وتُقسّم لثلاثة أنواع هي:[٣][٤]

  • التّعليل لشيء ثابت دون ظهور العِلّة: وهو التّعليل الذي لا تظهر له عِلّة حقيقيّة، وقد تكون عِلّة لا يُسأل عنها عادة، مثل بيت أبي العلاء المعريّ:[٢٤]


وَمَا كُلْفَةُ الْبَدْر الْمُنِيرِ قَدِيمَةً

وَلَكِنَّهَا فِي وَجْههِ أَثَرُ اللَّطم


فالمَعريّ يصف لنا حالة الكون المُتأثّر بفراق المرثيّ، لدرجة أنّ الكدرة الموجودة على القمر ليس لها إلّا سبب واحد هو لطم الشّاعر نفسه؛ لتأكّده أنّ المرثيّ سيُغادر الدُّنيا يوماً.

  • التّعليل لشيء ثابت مع ظهور العِلّة: هو التّعليل الذي تظهر له عِلّة حقيقيّة، ولكنْ يتمّ التّغاضي عنها، وإيراد أخرى من خيال الأديب، مثل بيت المُتنبّي:[٢٥]


لم تَحْكِ نائِلَكَ السّحابُ وإنّـما

حُمّتْ بهِ فَصَبيبُها الرُّحَضاءُ


يصف المُتنبي سبب هطول المطر، فيقول أنّه حصل بسبب الغيرة من الممدوح، وذلك لعجزها عن مُجاراة كرمه، فكان لها من الحسد ما كان، فأصابتها الحُمّى بعد ذلك، فوصف المُتنبيّ المطر هُنا بالعرق الذي يتصبب من السحاب نتيجة الحُمى.

  • التّعليل لشيء غير ثابت: هو التّعليل الذي يُراد به إثبات ما هو غير ثابت وغير مُمكن، مثل: (لو كانت حياة الظّالمين بيدي لأهلكتهم جميعاً)، فتتقدّم العِلّة هنا وهي عدم امتلاك حياة الظّالمين لإهلاكهم.


حُسن التّقسيم

هو إيراد الشّيء وأقسامه كلها على أوجه مُختلفة، ويُصنّف التّقسيم بعدّة أوجه منها التّقسيم العدديّ الذي يعتمد على عدد الأقسام الموجودة في الجملة، أمّا التّقسيم الآخر فهو بحسب أثر هذا التّقسيم وهو كالتّالي:[٣]

  • تقسيم يُحدِث التّفريق: هو الأشياء التي تندرج تحت النّوع الواحد مع ذِكر فرق بينها مدحاً أو ذمّاً، مثل بيت ابن قرقماس:[٢٦]


إِنْ شَبَّهُوا بالنَّبْل أَلْحَاظَهُ

يَوْمًا فَقَدْ جَاؤُوا بِأَمْرٍ عَجِيبْ

فَالنَّبْلُ قَدْ تُخْطِئُ فِي رَمْيِهَا

وَهَذِهِ مِنْ غَيْرِ رَمْيٍ تُصِيبْ


فالتّفريق هُنا بين الرَّميَيْن، مع اتّحادهما في معنى الرَّمي.

  • تقسيم يُحدث التّقسيم: هو الأشياء التي تندرج تحت حُكم واحد بإيرادها جميعاً ثمّ تقسيمها، أو أن تُقسّم ثمّ تُجمع في مُفردة واحدة، أو بإيرادها مع ما يُناسبها، مثل بيت ابن قرقماس:[٢٦]


يَقُولُونَ صِفْ قَدَّ الحَبِيبِ وَلَحْظَهُ

وَوَجْنَاتِهِ وَالثَّغْرَ قُلْتُ لَهُمْ: قُرُّوا

فَقَدٌّ وَلا رُمْحٌ، وَلَحْظٌ وَلا ظَبْيٌ

وَخَدٌّ وَلا وَرْدٌ، وَثَغْرٌ وَلا دُرُّ


ففي المثال أربعة أقسام ورد معها ألفاظ تُناسبها أثناء ذِكرها وتقسيمها: (القدّ-الرُّمح/ الّلحظ-الظّبي/الخدّ-الورد/الثّغر-الدُّر)، وهذا أحد أشكال التّقسيم الذي يُعطي معنى التّقسيم فقط وليس التّفريق بين الأشياء.

  • تقسيم يُحدث الجمع: هو الأشياء المُختلفة التي تندرج تحت حُكم واحد، مثل: (زيدٌ وعمرو وبكرٌ ومحمدٌ كِرام)، ففي المثال أربعة أسماء مُختلفة اشتركوا جميعاً بوجود صفة الكرم فيهم.


سَوْق المعموم مَساق غيره

هو قيام المُتحدّث بالسّؤال عمّا يعرفه حقيقةً بتعمُّد إظهار الجهل به، وهذا لأغراض مُختلفة كالمدح، أو الذّم، أو التحقير، أو الحبّ، وغيرها، ويقسّم على نحوين مختلفين، هُما:[٣]

  • من حيث ذِكر الشّيئين أو أحدهما: هو الاستفهام المصحوب بالسّؤال عن أمريْن أحدهما واقع والآخر لا.، وهما بالتفصيل:
    • ممّا نُطق فيه أحد الأمريْن: مِثل: (ألا يعلمُ إذا قامت السّاعة؟)، فالمقصود هُنا المآل الذي سيؤول إليه من أفعاله الخاطئة، وفي هذا المِثال أسلوب استفهام واحد.
    • ممّا نُطق فيه بالأمرين معاً: مِثل: (ألم يفهم الأمر؟ أمّ أنّ هذا من علم الغيب؟)، فالمقصود هُنا: (ألم يفهموا؟ أمّ أنّ هذا الكلام صعباً على قدراتهم)، وفي هذا المِثال أسلوبا استفهام.
  • من حيث الموجب والمنفيّ: هو الاستفهام الذي يُصاحبه نفي المعنى بالتّحذير أو التّوبيخ، أو لإثباته بالتّأكيد والتّنبيه عليه، ونوعاه:
    • ممّا ذَكر الاستفهام موجباً: مِثل قوله تعالى: (وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ)،[٢٧] ففي الآية الكريمة الاستفهام يُفيد التّنبيه؛ للدّلالة على أهميّة القصّة والحدث.
    • ممّا ذَكر الاستفهام منفيّاً: مِثل القول: (لقد عاقب الله تعالى الأقوام السّابقة، أفلا تُبصِرون؟)، فالاستفهام في الجُملة ينفي عنهم الإبصار، وينُكَر لهم هذا.


المبالغة

هي القيام بوصف الشّيء على نحوٍ بعيد عنه وبشكل مُستحيل لا يُصدّق، ويكون ذلك بعدّة درجات هي:[٤]


نوع المبالغة تعريفه المِثال التّوضيح
التبليغ: هي المبالغة المُمكنة عقلاً وعادةً. أكلتُ 5 أرغفة من الخُبز اليوم في المثال يتّضح أنّ الأمر يُمكنُ أن يتقبّله العقل، وقد تجري به العادة.
الإِغراق: هي المبالغة الممكنة عقلاً لا عادةً. أكلتُ 8 أرغفة من الخبز اليوم يُمكن للإنسان أن يأكل هذا العدد من الأرغفة إذا كان جائعاً كثيراً على مدار اليوم، ولكنّ العادة لا تجري هكذا.
الغُلوّ: هي المبالغة غير الممكنة لا في العادة ولا في العقل. أكلتُ 50 رغيفاً من الخبز اليوم لا يُمكن لعقل الإنسان أن يُصدِّق أكل هذا العدد من الأرغفة، ولا حتّى العادة تجري أن يأكل أحد هذا الكمّ.


براعة الاستهلال

هو حُسن الابتداء وجعل مَبدأ الكلام عذباً، وصحيحاً في المعنى، ويكون ذلك بتناسق مطلع الكلام مع بدايته ونهايته ومحتواه.[٣] ومِثال ذلك التّهنئة بزوال المرض في بيت المُتنبّي:[٢٨]


المجدُ عوفي إذ عوفيتَ والكرمُ

وزال عنك إلى أعدائك السَّقم


بالإضافة إلى بيت النابغة، الذي قالوا عنه إنّه أحسن الابتداءات في الجاهليّة:[٢٩]


كليني لهمٍّ يا أميمةَ ناصبِ

وليلٍ أقاسيه بطئ الكواكب


الاستتباع

هو الإتيان بالكلام لغرض ما، ثمّ يتبعه مُسترسلًا به، كالمدح والذّم وغيره،[٣] ومِثال ذلك مدح المُتنبّي سيف الدّولة، فيقول فيه أنّه لو استطاع جمع الأعمار التي أخذها من قِتاله في الحروب وأضافها إلى عُمره، لأصبح خالداً، ولأَصبحَ هذا الخلود نعمة للدُّنيا، وهُنا أجاد المُتنبي مدحه واسترسل من الشّجاعة لإصلاح حال النّاس وإيجاد سعادتهم، وهذا هو البيت:[٣٠]


نَهَبْتَ مِنَ الأَعْمَارِ مَا لَوْ حَوَيْتَهُ

لَهُنِّئَتِ الدُّنْيَا بأَنَّك خَالِ


التّوجيه

هو الإتيان بالكلام حاملاً معنييْن مُتضادّيْن مِثل: (الهجاء، والمديح)، و(الدّعاء على أحد، الدُّعاء له)، مع عدم ترجيح أحدهما؛ لكي لا يقع شيء على قائله، ومِثال ذلك قصّة (مُحمّد بن حزم) ذهب مع غيره ليُهنئ (الحسن بن سهل) بابنته (بوران) التي اتّصلت بالخليفة العباسيّ (المأمون)، ولكنّ الحسن أثاب الجميع ولم يُثِب مُحمّد بل حرمه من هذا الثّواب، وبعد مدّة كتب إليه يُحذّره من كتابته لأبيات فيه لا يُعرف القصد منها، وهذا في حال بقاء حرمانه له، فناده إليه، وجعله يقول أبياته شرطاً لفكّ الحرمان، فكانت الأبيات تُشير إلى ابنته بوران، فقد يُفهم أنّها ذات مكانة عالية، أو أنّها صاحبة مكانة دنيئة، والبيت يقول:[٣١]


بارك الله للحسن ولبورن في الختَنْ

يا إمام الهدى ظفرت ولكن ببنت مَنْ؟!


المحسّنات البديعيّة اللفظيّة

هي المُحسِّنات التي تُعنى بالّلفظ والعمل على تحسينه، ومن أشهرها:[٣][٤]


الجِناس

هو تشابه لفظين في النُّطق، واختلافهما في المعنى، وله عدّة أنواع هي:[٣][٤]


الجِناس التّام:

هو اتّفاق كلمتين بأمور أربعة هي: (أنواع الحُروف، وترتيبها، وعددها، وضبطها)، وله أنواع هي:

  • الجِناس التّام المُماثل: هو توافق الكلمتين توافقاً تامّاً مع اختلاف المعنى، ويُقسّم كالتّالي:
    • الجِناس المُماثل بين اسمين: مِثل: (رحبة رحبة)، فرحبة الأولى بمعنى: (الدّار)، والثّانية بمعنى: (واسعة).
    • الجِناس المُماثل بين حرفين: مِثل: (فما منكم من قادرٍ على الصّعود على هذا الجبل)، فمِن الأولى بمعنى: (تبعيضيّة)، والثّانيّة بمعنى: (زائدة).
  • الجِناس التّام المُستوفي: الجِناس الذي تكون فيه الّلفظتين من نوعين مُختلفين، وفيما يلي أشكاله:
    • الجِناس المُستوقي بين اسم وحرف: مِثل: (إذا درسوا اليوم جيِّداً فلحوا، وإن لم يدرسوا إذا هم خاسرون)، فإذا الأولى: (شرطيّة)، والثّانيّة: (إذا الفُجائيّة).
    • الجِناس المُستوفي بين اسم وفعل: مِثل: (ارع الجار ولو جار)، فالجار الأولى بمعنى: (السّاكن بقربك)، وجار الثّانية بمعنى: (ظلم وتعدى).


الجِناس النّاقص:

هو اختلاف كلمتين بأمور أربعة هي: (أنواع الحُروف، وترتيبها، وعددها، وضبطها)، وأنواعه هي:

  • الجِناس النّاقص العدديّ: اختلاف لفظتين في عدد الأحرف في أولّ الكلمة أو وسطها، مِثل: (دوام الحال من المحال)، الجِناسُ بين كلمتيّ (الحال-المُحال)، الزّيادة في حرف الميم أولّ الكلمة.
  • الجِناس النّاقص المُطرَّف: الجِناس الذي يكون فيه اختلاف عدد الأحرف في طرف الكلمة، مِثل: (الهوى مطيّة الهوان)، فالجِناسُ بين كلمتيّ (الهوى-الهوان)، الزّيادة في حرف النون آخر الكلمة.
  • الجِناس النّاقص المُذيَّل: هو الجِناس الذي يكون فيه اختلاف عدد الأحرف في طرف الكلمة بأكثر من حرف، مِثل بيت أبي تمّام:[٣٢]


يَمُدُّونَ مِنْ أَيْدٍ عَوَاصٍ عَواصِمٍ

تصُولُ بأسيافٍ قواضٍ قواضبِ


فالجِناسُ هنا بين كلمتيّ (عواص-عواصم)/ (قواض-قواضي)، الزّيادة في حرف الميم والياء آخر الكلمة.


جِناس الاختلاف:

هو اختلاف الّلفظتين في أنواع الحروف المُكوِّنة لهما، وفيما يلي أقسامه:

  • جِناس المُضارع: اختلاف الّلفظين في حرفيْن لم يتباعدا مخرجًا في أولّ أو وسط أو آخر الكلمة، مِثل: (ليل دامِس وطريق طامس)، فالجِناسُ بين كلمتيّ (دامس-طامس)، التّبديل بين حرفيّ الدّال والطّاء أولّ الكلمة + تشابه الحرفين في المخرج.
  • جِناس الّلاحق: هو اختلاف الّلفظين في حرفيْن يتباعدان مخرجًا في أولّ أو وسط أو آخر الكلمة، مِثل قوله تعالى: (وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ لَشَهِيدٌ*وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ)،[٣٣] فالجِناسُ بين كلمتيّ (شهيد-شديد)، التّبديل بين حرفيّ الهاء والدّال وسط الكلمة + اختلاف الحرفين في المخرج.
  • جِناس العكس (القلب): اختلاف اللفظين في ترتيب الحروف، مِثل: (اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا)، فالجِناسُ بين كلمتيّ (عوراتنا-روعاتنا)، التّبديل بين الحروف التّالية على هذا النّحو: (العين، الواو، الرّاء --> الرّاء، الواو، العين).
  • جِناس التّصحيف (الخطّ): اختلاف اللفظتين في النِقاط الواردة في الأحرف، مِثل بيت البُحتريّ:[٣٤]


ولم يكن المغتر بالله إذ سرى

ليعجز والمعتز بالله طالبه


فالجِناسُ بين كلمتيّ (المُغتر-المُعتزّ)، التّبديل بين نقاط حرفيّ: (الغين، والرّاء).

  • جِناس الاشتقاق: الجِناس الذي تتشابه فيه الّلفظتان في المادّة الّلغويّة، مِثل: (فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ)،[٣٥] فالجِناس بين كلمتيّ (رَوح-ريحان)، كلاهما من المادّة الّلغويّة (رَوَحَ).


السَّجع

هو التّوافق الحاصل بين نهايات الكلمات الواردة ضمن فقرتين أو أكثر، ويشتهر في النّثر، وفيما بعض أقسامه:[٣][٤]


نوع السَّجع تعريفه المِثال التّوضيح
السَّجع المُطرَّف. هو اختلاف الألفاظ في الوزن الصّرفيّ مع توافق النّهاية. قوله تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا*وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا).[٣٦] السَّجع بين كلمتيّ (مِهاداً-أوتاداً)، وهما تختلفان في الوزن الصّرفيّ (فِعالاً، أفعالاً).
السَّجع المُتوازي. هو اتّفاق الألفاظ في الوزن الصّرفيّ والقافية. قوله تعالى: (وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ*وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ).[٣٧] السَّجع بين الكلمات (الفجر-عشر-الوتر)، وهما تتشابهان في الوزن الصّرفيّ (الفَعْل).
السَّجع المُتفاوت. هو السَّجع الذي تختلف فيه الجُمل في طُولها. قوله تعالى: (هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ*مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ).[٣٨] السَّجع بين الكلمات: (همّاز-منّاع/ مشّاء-مُعتد/ بنميم-أثيم)، في الجُملة الأولى 3 كلمات، وتُقابلها 4 كلمات، وهذا ما جعله سجعاً مُتفاوتاً.
السَّجع المُرصّع. هو ما اتفقت فيه ألفاظ إحدى الفقرتين أو أكثرها في الوزن والقافية. قوله تعالى: (وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ *وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ).[٣٩] السَّجع بين الكلمات (آتيناهما-هديناهما/ الكتاب-الصِّراط/ المُستبين-المُستقيم)، ويُلاحظ أنّ الكلمات لا تتوافق جميعها في نهايات الأحرف، مع توافق الأوزان.


لمعرفة المزيد عن السجع وأنواعه يرجى قراءة المقال الآتي: نشأة علم البديع.


ردّ الإعجاز على الصَّدر

هو أن يُجعل أحد اللفظين المُكرَّرين أو المتجانسين أو الملحقين بهما في أول الفقرة، ثم يُعاد في آخرها، وله أشكال، وهي:[٣]


نوع التّصدير تعريفه المِثال التّوضيح
موافقة كلمتين الأولى في مُنتصف الكلام والثّانية في آخره. وُرود كلمة في نهاية الجُزء الأول من الكلام مع ما يُوافقها في نهايته. قوله تعالى: (لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ).[٤٠] التّصدير بين كلمتيّ (عملوا-يعملون).
موافقة كلمتين الأولى في أوّل الكلام والثّانية في آخره. هو وُرود كلمة في بداية الكلام مع ما يُوافقها في نهايته. قوله تعالى: (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ).[٤١] التّصدير بين كلمتيّ (تخشى-تخشاه).
موافقة كلمتين الأولى في حشو الكلام والثّانية في آخره. هو وُرود كلمة في الجُزء الثّاني من الكلام مع ما يُوافقها في نهايته. قوله تعالى: (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا).[٤٢] التّصدير بين كلمتيّ (فتُفجّر-تفجيراً).


إيغال الاحتياط

هو الإتيان بكلمة في آخر الكلام بغرض الزّيادة، مع اكتمال المعنى بدونها،[٣] مِثل قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ)،[٤٣] ففي الآية السّابقة المعنى مُكتمل عند كلمة (فكذّب)، ولكن وُجدت (وأبى) للتّعبير عن شِدّة الكذب.


التّوشيح

هو الإتيان بما يدلّ على آخر الكلام في أولّه،[٣] مِثل قوله تعالى: (وَآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ)،[٤٤] ففي الآية السّابقة من يحفظ السّورة يعلم أنّ السّورة تنتهي آياتها بمقطع (النّون)، فعند قراءة مطلع الآية مع ذِكر انسلاخ النّهار من الّليل فيها: (وآية لهم الّليل نسلخ منه النّهار فإذا هُم)، سيعلمُ القارئ -لا محالة- أنّ نهاية الآية ستكون (مُظلمون)؛ لأنّ من أسلخ النّهار عن ليله أظلم.


تآلف الألفاظ

هو اتّساق الكلمات في الجُملة مع تناسق ألفاظها ومعانيها في نَسق واحد، بحيث لا يبدو وجود واحدة منها غير مُناسب مع الأخرى، ولا غنى لواحدة عن الأخرى كذلك.[٣] مِثل قصّة الأعرابي الذي اكتشف الخطأ في قراءة الأصمعيّ لآية: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)،[٤٥] فقد قرأ الآية مع إنهائها بـ: (والله غفور رحيم)، لكنّ الأصمعيّ أشار له إلّا أنّ الله ذكر حدّاً للسّرقة، فكيف تكون العقوبة محمولة مع المغفرة، وقال له: "عزّ فحكم فقطع، ولو غفر ورحم ما قطع"، وفي هذه القصّة تظهر اتّفاق الآية بمفرداتها معاً، ليكتمل المعنى المُراد، وهذا هو تآلف الألفاظ.[٤٦]


تدريبات على المُحسّنات البديعيّة

حدِّد المُحسّن البديعي في الأمثلة الآتية مع ذِكر نوعه:
الجملة المُحسن البديعيّ نوعه
بيت الشّريف الرّضي:[٤٧]

وَمَنظَرٍ كانَ بالسّرّاءِ يُضْحِكُني

يا قُرْبَ مَا عادَ بالضّرّاءِ يُبكيني
(........................) معنويّ / لفظيّ
(فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ*وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ).[٤٨] (........................) معنويّ / لفظيّ
(أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ).[٤٩] (........................) معنويّ / لفظيّ
بيت البُحتريّ:[٥٠]

فإذا حَارَبُوا أذَلّوا عَزِيزاً

وإذا سَالَمُوا أعَزّوا ذَليلاً
(........................) معنويّ / لفظيّ
صلّيت المغرب في أحد مساجد المغرب. (........................) معنويّ / لفظيّ
يَـقيني بالله يقيني. (........................) معنويّ / لفظيّ
تدعو إلى الانحلال والفساد، وتبعد عن الظّلم والضّيم. (........................) معنويّ / لفظيّ
أَرْضِهم مادمت في أَرْضِهم. (........................) معنويّ / لفظيّ


اذكر المُصطلح المُناسب من المُحسّنات البديعيّة للتّعريفات التّالية:
التعريف المُحسن البديعيّ
اجتماع المعنى وعكسه. (........................)
التّضاد بين كلمتين أو أكثر. (........................)
هو توافق أواخر فواصل الجُمل. (........................)
اتفاق أو تشابه كلمتين في الّلفظ واختلافهما في المعنى. (........................)
ذكر كلمة لها معنيان أحدهما قريب ظاهر غير مقصود، والآخر بعيد خفيّ وهو المقصود والمطلوب. (........................)
استيفاء المُتكلّم جميع أقسام المعنى. (................
5602 مشاهدة
للأعلى للسفل
×