نص عن الوطن للإذاعة المدرسية
الوطن بمعناه العامّ هو المكان الذي نعيش فيه، ولكنْ معنى الوطن أكبرُ من ذلك بكثي،ر فالوطن ليس مكانًا فقط، إنّما كل ذكريات إنسان في الماضي وكلّ أمله في المستقبل على أرضه، فلا يمكن للإنسان أن يتذكر المكان بعيدًا عن الذكريات التي عاشها فيه، والوطن ليس فقط المكان الذي يولد فيه المرء ويحمل جنسيته، أو المكان الذي يقضي فيه فترة طويلة من حياته، أو المكان الذي ينتمي إليه نسبًا ولم تسمح له الظروف بأن يسافر إليه أو يشاهده في حياته.
إنّما الوطن المكان الذي يمنح الإنسان شعورًا بالانتماء إليه، ويخلق فيه عاطفة الحب والولاء؛ لأن عاطفته كما أنّها مرتبطة بالناس مرتبطة أيضًا بالأماكن، ويسمى الشخص الذي يعيش في الوطن وينتمي إليه مواطنًا، والمواطنة ليست فقط العيش على رقعة ما على الأرض، إنما أيضًا تعني أن يسهم الإنسان بوقته وعمله وجهده ومشاعره في سبيل تطوّر بلده وتنميته وازدهاره.
ولا يكون الإنسان منتميًا عندما يكون في منصب يمكّنه من اتخاذ القرارت فحسب، إنما يمكن لأي شخص أن ينتمي من موقعه، فالطالب يكون منتميًا إلى وطنه عندما يحافظ على دروسه ويجتهد ليتقدّم ويحقق مستقبلًا زاهرًا له ولوطنه، والمعلم يكون منتميًا عندما يؤدي دوره بأمانة ويبلّغ رسالة العلم التي يسرّه الله لتأديتها.
والمسؤول يكون منتميًا عندما يحسن التصرف في المواقف واتخاذ القرارات جاعلًا من مصلحة الوطن والناس أولويّة، ولا يقدّم مصالحه الشخصية على المصلحة العامة، ولا يأخذ مالًا بغير وجه حق، وكل شخص يمكن أن يحقق معنى الانتماء حتى الأطفال عندما يحافظون على نظافة أوطانهم، ويتعلمون قواعد الأدب واحترام الآخرين، كل هذا يعطي صورة حسنة عن الوطن وعن مواطنيه، ويُحسب من باب الولاء والحب والانتماء.
عند كتابة نص عن الوطن تجدر الإشارة إلى أنّ للوطن قيمة كبيرة في قلب الإنسان، ويمكن للمغترب أن يتحدث عن هذا الشعور أكثر من الشخص المقيم في وطنه، فالمغترب يشعر أكثر بقيمة الوطن عندما يسافر إلى بلد غريب، ويقابل أشخاصًا لا يعرفهم، ويضطر إلى القبول بظروف لا يحبها من أجل لقمة العيش، أو لظروف أخرى كالزواج، وعندما يكون الشاعر مغتربًا يستطيع أن يعبّر عن مشاعره بلغة حساسة تصف شعوره واشتياقه إلى بلده، وقد عبّر الشاعر خير الدين الزركلي عن مشاعر الغريب وتعبه بين الذهاب إلى وطنه ومغادرته في قصيدته نجوى، إذ يقول:
إنَّ الغَريبَ مُعَذَّبٌ أبدا
- إن حَلَّ لم يَنعَمْ وإن ظَعَنا