نظرة الإسلام إلى الغرور والتكبر

كتابة:
نظرة الإسلام إلى الغرور والتكبر

نظرة الإسلام إلى الغرور

يرى الإسلام أنّ الغرور نوع من أنواع الجهل، بحيث يعتقد المغرور سفَهَاً بأنّ الشيء الفاسد هو الصحيح، فهو بذلك صفة مذمومة؛ لقوله -تعالى-: (فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورَ)،[١] فهو أصل هلاك الإنسان وشقائه في الدنيا والآخرة؛ لأنه يمثل تلك الطريقة التي يبني الإنسان حياته عليها، فيميل إلى اتِّباع الهوى وعدم الخضوع إلى أوامر الله -عز وجل-.[٢]

نظرة الإسلام إلى التكبر

يُعدُّ التكبُّر من أخطر أمراض القلوب التي تودي بصاحبها إلى النار، قال -تعالى-: (قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ)،[٣] وثبت في السنة الشريفة أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: (لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْرٍ).[٤]

والكبر أول معصية عُصي الله بها، حيث أن إبليس تكبر على السجود لآدم -عليه السلام- فرأى أنه أعظم خلقا، وأرفع قدرا، فلم يسجد له، فقد ذكر الله في كتابه حكاية عن إبليس: (قالَ أَنا خَيرٌ مِنهُ خَلَقتَني مِن نارٍ وَخَلَقتَهُ مِن طينٍ).[٥]

أنواع التكبر

سأذكر أنواع التكبر فيما يأتي:[٦]

  • التكبر على الله

وهذا من أشد أنواع الكبر وأعظمها، بحيث يرفض الشخص أن ينصاع لأوامر الله -عز وجل- ويُفضِّل الانقياد لشهوات نفسه وهواها، مثل فرعون حين أبى أن يكون عبدا لله.

  • التكبر على الرسل

أكثر الكفار والعصاة كانت حُجتهم في عدم طاعة الله، هو أنّ الرسول بشر كما هم، فلمَ يفضله الله عنهم، فقد ذكر القرآن قولهم حين أتتهم الرسل، فقال -تعالى-: (قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَـنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ).[٧]

  • التكبر على الناس

وذلك يكون بأن يُعظِّم نفسه ويزدري غيره، ويكون في الأمور الدينية والدنيوية، فالبعض آتاه الله ما لم يؤت غيره من علم في الدين أو غيره، فينظر للآخرين على أنهم أدنى منه منزلة، ويجب عليهم القيام على خدمته، وتلبية احتياجاته، وهو منافٍ لأصل الإسلام القائم على أن الناس سواسية في كل أمر، وميزان تفاضلهم التقوى لا غير.

علاج الغرور والتكبر

يكون العلاج بأمرين:[٨]

  • استئصال أصل الغرور والتكبر من القلب

وذلك عن طريق معرفة الله -تعالى- وقدرته؛ فإذا توصل الإنسان إلى حقيقة أن الله هو القادر الذي لا ينازعه أحد في ملكه وعرشه، وأن الناس جميعاً عبادٌ لله، فهذا يكفي لجعل الإنسان يرى نفسه على حقيقتها وبالتالي لا يدخل في قلبه ذرة من كبر أو غرور، ومعرفة النفس وضعفها مما يعين الإنسان على الحفاظ على قدر من التواضع، يحميه من هوى النفس وكبره.

  • دفع العوارض المؤدية للغرور والتكبر

وذلك عن طريق الابتعاد عن الصحبة السيئة؛ فقد تؤدي الصحبة إلى تحفيز وزيادة هذه الآفات في القلوب، وزرع مخافة الله في القلوب وتدريب النفس على ذلك.

المراجع

  1. سورة فاطر، آية:5
  2. أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي ت(505)، إحياء علوم الدين، بيروت:المعرفة ، صفحة 378، جزء 3. بتصرّف.
  3. سورة الزمر، آية:72
  4. رواه الإمام مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:91، صحيح.
  5. سورة الأعراف، آية:12
  6. عبد الملك بن محمد القاسم، من تواضع لله رفعه، صفحة 36-37.
  7. سورة يس، آية:15
  8. أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي، إحياء علوم الدين، بيروت:دار المعرفة، صفحة 358-369، جزء 3. بتصرّف.
3570 مشاهدة
للأعلى للسفل
×