نظرية الأدب والمناهج النقدية المعاصرة

كتابة:
نظرية الأدب والمناهج النقدية المعاصرة

حول نظرية الأدب

قامَتِ الكثير من الدراسات النقديّة والأدبيّة التي استقرأت جهود الفلاسفة ودراسات النقاد الأدبية في ميدان النظريات الأدبية من فترة ما قبل الميلاد حتّى العقود الأخيرة من القرن العشرين، وقامت هذه الدراسات بدراسة نظرية الأدب والمناهج النقدية المعاصرة، وعالجت حدود التماس بين الأدب أي فنّ الأدب وبين الفنون والعلوم الأخرى، فنظرت إلى العلاقة بين الأدب وعلم النفس والفلسفة والاجتماع والتاريخ، حتى تستخلص الجذور الفلسفية والاجتماعية والفكرية للمدارس النقدية والمناهج النقدية التي أغنت الدراسات الأدبية بسياقها وأبعادها وما تجسده من رؤية للغة والأدب والنقد والعالم والإنسان.[١]

نظرية الأدب والمناهج النقدية المعاصرة

إنّ البحث في نظرية الأدب والمناهج النقدية المعاصرة، يستلزم البحث أولًا في ماهية الأدب، وتاريخ نشأة النظرية الأدبية، ودور المناهج النقدية في نشوء النظرية الأدبية، وفيما يأتي عرضٌ مُوجَز لما سبق.

مفهوم الأدب

يبدو أنه من الصعب بمكانة تحديد ماهيّة الأدب، فقد اختلف النقّاد في ماهيته وحدوده، وأثاروا الجدل حوله، فتعدَّدت آراؤهم وتباينت فيه، وما زالت موضع دراسة وبحث حتى اليوم، فقد نظر إليه بمعناه الخام بأنه كلَّ ما أنتجه العقل البشري، من تفكير وثقافة تدعو إلى تثقيف العقل، متعلقة بالعلوم الفلسفية والرياضية والطبيعية والاجتماعية واللسانية، وكلُّ فن من الفنون الجميلة كالشعر والكتابة.[٢]

أما في مفهومه الخاص، فهو كل ما يؤثِّر في النفس من شعر جميل وجاذب ومحكم الصنعة، ونثـرٍ رائع، وشعرٍ جميلٍ، يعبّر من خلاله الأديب عن عواطفه وضمائره وأفكاره بأسلوب إنشائيٍّ أنيق، ويُطلَق على الشعر والنثر الفنيِّ فقط. ومن هنا جاء الخلاف في مفهومه، فهل هو انعكاس لتفكير الأديب، أم لنفسه، أم لمجتمعه، وهل من طبع الإنسان، أم يأتي تكلّفًا، وهل هو فن لغوي، أم شكل فني، أم عمل فني، أو هل هو لغة خيال ... إلخ، والعديد من الأسئلة التي طرحت حوله، مما خلق صعوبة لدى النقاد في الإجابة عن الأسئلة التي تحدد ماهيّة الأدب وما هي ماهيته، خاصة أن كل ناقد كان يصدر رأيه عن منهج نقديّ ينتمي إليه، وسياق ثقافي عاشه، ومن هنا كان لابد من ظهور وصف نظرية الأدب والمناهج النقدية المعاصرة.[٢]

تعريف نظرية الأدب

تُعرف نظرية الأدب في نظرية الأدب والمناهج النقدية بأنها مجموعة من الآراء المستندة إلى نظرية في الفلسفة أو المعرفة، تسعى إلى دراسة الأدب دراسة منهجية لطبيعته وبيان جوهر الأعمال الأدبية وخصائصها وسماتها، وطرق تحليله، ونشأته لتفسير العلاقة بين الأديب والعمل الأدبي، ووظيفته لبيان العلاقة بين الأديب وجمهوره. وهذا يعني أن تتداخل مهام نظرية الأدب بالنقد، إذ لا بدّ للناقد من نظرية يستند إليها ليتمكن من دراسة الأديب والنص والقارئ، بالإضافة إلى الوظيفة الاجتماعية للعمل الأدبي الذي يدرسه.[٣]

لقد كانت دراسة نظرية الأدب في القرن التاسع عشر تتضمن، أخلاقيات الفلسفة، والتاريخ الفكري، ومستقبل التطور الاجتماعي وكل ما هي مرتبط بالمعنى البشري، أما في الدراسات الحديثة خصوصا في الدراسات اللغوية وازدياد تأثير البنيوية، أصبحت نظرية الأدب مصطلحًا نظريًّا يضم في جنباته الكثير من المناهج النقدية المرتبطة بقراءة النصوص، وبمذاهب فلسفية ثابتة وراسخة جملة من نظرية الأدب والمناهج النقدية المعاصرة شيئان مرتبطان ارتباطا وثيقا فيما بينهما.[٣]

المناهج النقدية

لا يمكن الحديث عن المناهج النقدية دون الحديث عن الأدب، إذ إنّ موضوعها هو الأدب، وتتصل به اتصالًا وثيقًا، ووظيفتها الأساسية هي أن تكشف جماليات الأدب، وتعين على فهمه وإدراكه، باستخدام مصطلحاتها ونظرياتها وأدواتها المنهجية، وهذا يستلزم من الناقد أن يكون متسلحًا بالمعرفة الواسعة، والقدرة الخاصة على النظر والفهم، مما يساعد المتلقي على امتلاك خصائص النظر والفهم والتفسير والتعليق والحكم حين يَحتكُّ بالعمل الأدبي دون ناقد أدبي.[٤]

النظريات الأدبية

إن عمل الناقد على تناول الأدب ونصوصه الأدبية، وبيان ماهيته وصفاته وحقيقته، يخرج عمله من وظيفة النقد الأدبي الخالص إلى نظريات الفن الأدبي، التي تعتبر الميدان الأوسع لدراسة الأدب ونظرية الأدب والمناهج النقدية المعاصرة، وتساعد على أخذ أحكام فنية عامة منها، تطلق على الفنون عامة، إذ إنّ كلّ نظرية تحمل حقيقة لا تتغير بتغير اللغات والآداب، ومن النظريات الأدبية التي تدرس الأدب: نظرية المحاكاة، ونظرية التعبير، والنظرية الطبيعية، ونظرية الخلق، ونظرية الانعكاس، ونظرية الأنواع الأدبية، النظرية البنيوية، النظرية التفكيكية ونظرية التناص ما بعد البنيوية، وقد كانت كل نظرية منها، وليدة سياقها الثقافي.[٥]

مصطلحات النظريات الأدبية

تعدّدت مصطلحات النظريات النقدية في نظرية الأدب والمناهج النقدية المعاصرة، وذلك بتعدد المناهج النقدية، والمدارس النقدية، والسياقات الثقافية التي أدّت إلى ظهور تلك المصطلحات، وفيما يأتي عرض للمصطلحات الخاصة بنظرية الأدب والمناهج النقدية المعاصرة من ثلاث زوايا: الأديب، والنص، والقارئ، بوصف هذه الثلاثة هي الأركان الرئيسة للأدب.

مصطلحات خاصة بالأديب

من المصطلحات الخاصة بالأديب في نظرية النقد والمناهج النقدية المعاصرة: الشاعر الغنائي والشاعر الملحمي والشاعر الدرامي، المحاكي الملهم والمحاكي المصور، المبدع، الصانع، الخالق، المؤلف، القائل، الناظم، الكاتب، المخيل، الأديب، الرامز، المرسل، الباث، المنتج، المولّد، الباني للبنا، المشكّل، الناص، المنشئ.[٦]

مصطلحات خاصة بالنص

ومن المصطلحات الخاصة بالنص في نظرية النقد والمناهج النقدية المعاصرة: مرآة مستوية ومرآة محدّبة ومرآة مقعّرة، شعر غنائي وشعر ملحمي وشعر درامي، محاكاة، صورة لغويّة، الأثر، صياغة، معادل موضوعي، تكنيك، مكتوب، كيان فني، رسالة، كائن لغوي، الشفرة، الدالّ، الرمز، بناء، نظام، النظم والمنظوم، المنتَج، مولَّد، ظاهرة، تشكيل لغوية، المعنى الأدبي، المقول، أسطورة منزاحة، العمل، البنية الإنشاء، النص، الخطاب.[٦]

مصطلحات خاصة بالمتلقي

ومن المصطلحات الخاصة بالمتلقي في نظرية النقد والمناهج النقدية المعاصرة: المتلقي، السامع، المشاهد، المتذوق، المتأثر، المرسل إليه، المستقبل، الجمهور، القارئ والقارئ الكاتب، الناقد، المنتج، المولّد، المستهلك، المؤوّل، المفسّر، الشارح، المشرّح، المفكك للشفرة والمفكك للرمز، المدمر للبنية.[٦]

نصوص في نظرية الأدب

إن المتتبع لنظرية الأدب في جهود الفلاسفة والنقاد، سيجد أن لهم آراء في العديد من القضايا النقدية، بدءا من أفلاطون حتى نظرية الأدب والمناهج النقدية المعاصرة، مرورا بالأدب العربي، وفيما يأتي عرض لبعضٍ من هذه النصوص، لنقاد مختلفين:

الشعر تعبير عن العواطف

ومنه ما ورد في كتاب القصائد الغنائية 1800 لوليم ووردزورث: "قلت إن الشعر فيض تلقائي لمشاعر قويّة، يتخذ أصوله من عاطفة تستذكر في هدوء، ويتأمل الشاعر تلك العاطفة بنوع من رد الفعل حتى يتلاشى الهدوء تدريجيًا وتتولد بالتدريج عاطفة صنو لتلك التي كانت قبل التأمل، وهذه العاطفة الثانية هي نفسها ماثلة في الذهن، وفي هذه يبدأ النظم متواليًا وفي حال مشابهة لها يستمر مريره، لكن مهما يكن نوع العاطفة ودرجتها فإن المسرات المتنوعة الناشئة من عدّة أسباب، تعدلها، حتى إن الذهن إذ يصف أية مشاعر، ويكون وصفه لها إراديًا، إنما يكون على الجملة في حال ابتهاج وسرور".[٧]

الأدب والأيديولوجيا

ومن نصوص الأدب والأيديولوجيا في نظرية الأدب والمناهج النقدية المعاصرة، ما قاله عز الدين إسماعيل في كتابه الشعر في إطار العصر الثوري: "إن الجدل النظري بين الأيديولوجيا والفن قد يستنفد طاقتنا في سبيل الانتصار لجانب على الآخر، لكننا نؤمن بأن الانتصار لجانب منهما على الآخر لا يخدم طرفًا منهما لا الأيديولوجية ولا الفن.

وعند إمعان النظر في حقيقة الفن من حيث هو تعبير إنساني، وجدناه منذ بدايته الأولى شديد الارتباط بالعقيدة، ورجعة في التاريخ إلى الوراء تؤكّد لنا هذه الحقيقة؛ فتاريخ الفن يحدّثُ كيف أن الفن نشأ في أحضان العقيدة الدينية، وظل آمادًا طويلة شديد الارتباط بها، بل إن المتدبر لتاريخ الفن حتى العصور الحديثة يستطيع أن يدرك هذه العلاقة الوثيقة بين الفن والعقيدة، فليس هناك فنان معروف لم يصدر في أعماله الفنية عن عقيدة".[٨]

الأدب وعلم النفس

ومن نصوص الأدب وعلم النفس في نظرية الأدب والمناهج النقدية المعاصرة ما قاله عز الدين إسماعيل في كتابه الشعر في إطار العصر الثوري: "لدى كل مذهب من مذاهب علم النفس الحديث ما يقوله عن الأحوال النفسية التي ينشأ فيها الفن، أمّا الفرويديون فيعتقدون بقيام العلاقة بين الفن والمرض العصبي، أمّا أتباع يونغ فقد وجدوا في الآثار الأدبية صورًا عليا وأصداء لأساطير عريقة تتردد في حياة البشر، وقد ألحق بهاتين النظريتين ما لا يحصر من التعديلات والزيادات، وقد شاعت الفكرة التي تقول إن الفنان مريض مصاب بالعصاب مختل الاتزان، وراجت تلك الفترة كثيرًا خلال المائة والخمسين سنة الماضية، ويبدو أن علم النفس الحديث قد مدها بالمسوغات".[٨]

علم الشعر

ومن نصوص البنيوية في نظرية الأدب والمناهج النقدية المعاصرة، ما كتبه تودوروف في كتابه علم الشعر: ليس العمل الأدبي نفسه هو موضوع علم الشعر، إنما يبحث هذا العلم عن الخصائص المميزة لنوع معين من الكلام وهو الكلام الأدبي، ومن ثم لا ينظر إلى أن عمل إلا على أنه مظهر بنية عامة مجرّدة، لا يعدو أن يكون واحدًا من تحقيقاتها الممكنة، أو بعبارة أخرى: " بتلك الصفة المجرّدة التي تخص الظاهرة الأدبية أعني أدبية الأدب".[٩]

التاريخانية الجديدة

ومن نصوص التاريخانية الجديدة في نظرية الأدب والمناهج النقدية المعاصرة، ما قاله عبد الله الغذامي في كتابه النقد الثقافي: "إن نصوصية التاريخ تؤسس لفَهم مختلف لا يؤخذ بمقولة الطبيعة البشرية، من حيث إن البشر يتعرضون لعملية إخضاع تصوغ طرائق صناعتهم للأحداث، وأهم من ذلك أنها تضعهم في شبكة اجتماعية وفي منظومة علاماتية تفوق قدرتهم على إدراك فعلها بهم وتتعالى على سيطرتهم، ولذا لا يكون التاريخ مجرد حقائق وأحداث بمقدار ما هو منظومة علاماتية ألسنية".[١٠]

المراجع

  1. "في نظرية الأدب"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 08-07-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "ما الأدب؟"، www.alukah.ne، اطّلع عليه بتاريخ 08-07-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "نظرية أدبية"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 08-07-2019. بتصرّف.
  4. "في النقد الأدبي: ما الأدب؟ ما النقد؟"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 08-07-2019. بتصرّف.
  5. "مفردات مادة نظرية الأدب للدراسات العليا"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 08-07-2019. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت شكري ماضي (2013)، في نظرية الأدب (الطبعة 4)، بيروت- لبنان: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، صفحة 218.
  7. شكري ماضي، في نظريية الأدب، صفحة 234.
  8. ^ أ ب شكري ماضي، في نظرية الأدب، صفحة 238.
  9. شكري ماضي، في نظرية الأدب، صفحة 239.
  10. شكري ماضي، في نظرية الأدب، صفحة 241.
23886 مشاهدة
للأعلى للسفل
×