نظرية المعرفة عند جون لوك

كتابة:
نظرية المعرفة عند جون لوك

نظرية المعرفة عند جون لوك

يعتبر لوك المعرفة لها ثلاث مراتب: المعرفة الحدسية، ومصدرها العقل، وتتكون بداهة دون الحاجة لأدنى اكتساب أو مجهود، وهي معرفة واضحة للعاقل ولا تحتاج إلى براهين أو أدلة.

والمعرفة البرهانية: وهي المعرفة التي يتم الوصول إليها عبر تحليل العقل، وتعتمد على الأدلة والبراهين التي يعمل العقل على إيجادها.

والمعرفة الحسية: وتتميز بكونها معرفة مادية بواسطة الحواس، وتعتمد على الأمور الموجودة في الواقع الخارجي، وهذه المعرفة أعلى مرتبة ويقينًا من المعرفة الظنية.

وقد أنكر لوك في نظريته للمعرفة الأفكار الفطرية، بناء على أن ما هو فطري لدى البعض قد يكون مكتسبًا لدى الآخرين، وبناء على أن الإنسان يخلق بعقل خال من أي معرفة مسبقة، ثم تأتيه المعارف من العالم الخارجي، ولو كان ثمة معرفة فطرية لما كان الإنسان عند ولادته صفحة بيضاء بلا أيه معارف.[١]

نقد جون لوك للأفكار الفطرية

تناول جون لوك نظرية المعرفة في كتابه الذي يحمل عنوان " مقال في الفهم البشري"، وأشار في الباب الأول إلى ما يقصده بالأفكار الفطرية، وكونها أحكامًا مسبقة، واكتفى لوك بإثبات قدرة الإنسان على تحصيل المعارف من خلال استخدام أدوات طبيعية وبدون أي انطباعات سابقة بغض النظر عن مصدرها. وأصول نظرية الأفكار الفطرية ترجع إلى الفلسفة اليونانية ورائدها صاحب نظرية المُثُل أفلاطون.[٢]

فقد قامت مثالية أفلاطون وعقلانيته على افتراض وجود عالم آخر مفارق للعالم المادي، يحتوي على مثل الأشياء المادية، ولكنها غير مجسدة، والنفس قبل أن تتجسد كانت فيه وعرفت الحقيقة، وعندما تجسدت في الجسد أصبحت تتذكر ما عقلته في عالم المُثُل، لذلك يقال في نظرية المعرفة الأفلاطونية أن "المعرفة تذكُّر"، ولكن لوك بذل جهدًا كبيرًا لمقاومة الأفكار العقلانية والمثالية، لينتصر للمذهب التجريبي، وبذلك كان رائدًا من رواده.[٢]

العقل كالصفحة البيضاء

وبعد نقد لوك لنظرية الأفكار الفطرية، أقر بأن الحواس هي المصدر الرئيسي لمعرفة الإنسان، والعقل يكون كالصفحة البيضاء، خاليًا من أي أحكام، وأفكار مسبقة، فالحواس هي المصدر الأول لتلقي الانطباعات والمدركات الحسية.

وبذلك تكون خبرتنا الحسية هي المرجعية لما يتم تخزينه من معارف، ولكن العائق الأكبر يكون في الأخلاق والفضيلة، فهل من الممكن أن يكون مصدر الأخلاق هو التجارب والخبرات الحسية؟[٢]

يقر لوك أن الفضيلة ليست فطرية، وذلك لوجود اختلاف بين قيم الشعوب، فلو كانت القيم والأخلاق فطرية لوجب أن تكون موحدة وثابتة، ولكن لوك ذهب إلى ضرورة أن تكون مكتسبة؛ وذلك لتتسق نظريته في الأخلاق مع نظريته في المعرفة، ولكن الانتقاد الموجه لها هو أنه مهما اختلفت ثقافات الشعوب إلا أن هنالك مبادئ، وقواعد أخلاقية رئيسية يوجد إجماع عليها، مثل القاعدة التي تقول لا تقتل.[٢]

تصنيف الأفكار عند جون لوك

ذهب جون لوك إلى أن الأفكار هي موضوع التفكير، ولا يمكن أن يقوم العقل بوظيفته دون الأفكار، ولا يمكن التأسيس لنظرية في المعرفة البشرية دون الأفكار، لذلك بحث لوك في طبيعة الأفكار، وصنفها إلى قسمين، وهما:[٣]

  • الأفكار البسيطة

وهي الأفكار غير الممتزجة مع غيرها، ويتم الحصول عليها مباشرةً عن طريق الحواس.

  • الأفكار المركبة

وهي الأفكار التي يكونها العقل، من خلال العمليات العقلية المعقدة.


ويتضح من خلال تصنيف لوك للأفكار أنه لم يلغي دور العقل، وإنما رفض فكرة وجود ما هو سابق على التجربة فيه.[٤]

المراجع

  1. سامية عثماي، نظرية المعرفة عند لوك ، صفحة 80-90. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث سامية عثماي، نظرية المعرفة عند جون لوك، صفحة 19-27. بتصرّف.
  3. بشار مالك سليمان ، فلسفة جون لوك وأبعادها الرتبوية دراسة وصفية تحليلية، صفحة 36. بتصرّف.
  4. "John Locke", Stanford, Retrieved 23/1/2022. Edited.
4344 مشاهدة
للأعلى للسفل
×