محتويات
تحليل قصة النمور في اليوم العاشر
كتب هذه القصة القاص السوري زكريا تامر ضمن مجموعته القصصية التي تحمل اسم القصة نفسها،[١] وقد صدرت عام 1978م عن دار الآداب في بيروت.
سيميائية العنوان في القصة
قصة النمور في اليوم العاشر من القصص الرمزية التي إن استطاع القارئ فهم العنوان فإنّ ذلك يقوده نحو استشراف مضمون القصة وجوهرها، فقد اختار الكاتب زكريا تامر شخصية النمر في قصته ليدلّ على الثوريّة أو الشخص الثائر من الشعب، وجمع النمر هو "النمور" كناية عن الشعب الثائر.[٢]
مدار القصة حول كيفية ترويض الشعب من أجهزة القمع والسلطة، وتتمّة العنوان "في اليوم العاشر" تختزل أحداث القصة التالية حول الآليّة التي سوف تُخضِعُ بها السلطة الشعب، وذلك من خلال معركة الأمعاء الخاوية التي يمارسها السجّان ضد السجين، سواء أكان ذلك في السجون الكبيرة أم الصغيرة.[٢]
يتضح اختيار العنوان وسبب التسمية من الحوار الذي يدور في بداية القصة بين الصيادين الذين يحيطون بقفص النمر، وذلك حينما يقول كبيرهم: "إذا أردتم حقًّا أن تتعلموا مهنتي، مهنة الترويض، عليكم ألا تنسوا في أي لحظة أنّ معدة خصمكم هدفكم الأول، وسترون أنّها مهنة صعبة وسهلة في آن واحد".[٢]
من هنا يتّضح سبب اختيار زكريا تامر لعنوان القصة.[٢]
أحداث القصة
تدور أحداث القصة حول نمر يعيش في غابة ما، يُلقي بعض الصيّادين القبض عليه، فيجعله كبير الصيادين مادّة تعليمية للصيادين الآخرين ليعلّمهم كيفية ترويض الحيوانات المفترسة، فيأخذه إلى قفص ويبدأ معه معركة الترويض التي تدوم عشرة أيّام، تنتهي بترويض النمر وظهور الرسالة بصراحة التي يريد الشاعر إيصالها للقارئ.
يبدأ المروّض بطلب طلبات من النمر لينفّذها، مستعينًا بسلاح الطعام الذي يمتلكه، فيبدأ النمر بالرضوخ شيئًا فشيئًا لطلبات المروّض وهو لا يدري أنّه ينزلق نحو فخ الترويض بنجاح كبير للمروّض، حتى جاء اليوم التاسع.
في اليوم التاسع يكون النمر قطع شوطًا كبيرًا في الخضوع للمروّض، وإذا بالمروّض يلقي للنمر حزمة من الحشائش، فيستغرب النمر هذا ولا يعترض على هذا الفعل كعادته وهو شامخ، وإنّما يسأل المروّض عن سبب إحضار هذه الحشائش وهو يعلم أنّ النمر حيوان لاحم.
يجيب المروّض أنّ هذا هو الطعام فقط، ويغادر المكان ليبقى النمر وحده مع الحشائش، فيغلبه الجوع ويتذوّق طعمها فلا يعجبه، ولكنّه لا يجد بدًّا من تناولها، فيستسيغ طعمها ويأكلها، ليأتي اليوم العاشر الذي يضع حدًّا للقصّة، فيختفي القفص والنمر، ليصبح النمر مواطنًا، والقفص مدينة.
الشخصيات في القصة
تتألف القصة من عدّة عناصر منها الشخصيات، وقد تعدّدت في قصة النمور في اليوم العاشر، منها ما يأتي:
- النمر
هو الشخصيّة الرئيسة والمحوريّة في القصة، يستمرّ حضوره من بداية القصة وحتى نهايتها.
- الصيّاد
هو الشخصيّة الرئيسة الثانية والمحوريّة في القصة، ويكون حاضرًا كذلك من بداية القصة وحتى نهايتها، ولكنّ حضوره أقلّ من حضور النمر.
- مجموعة الصيادين
هي مجموعة ثانوية ليس لها حضور في القصة سوى في بعض المشاهد، فهم تلاميذ للصيّاد المروِّض.
الزمان في القصة
في القصّة الزمان غير واضح، ولكنّه معلوم من حيث الأيّام التي تمر، فهي عشرة أيّام في وقت مجهول تمر على النمر والصيّاد، ولكنّ الزمان غير معلوم، وكذلك الأيّام ليس لها أسماء بل أرقام.
كأنّ زكريا تامر أراد أن يقول من خلال هذا الجو الذي وضع القارئ فيه إنّ الأيّام في السجون ليس لها قيمة إذ هي أيّام تمضي لا فرق فيها بين اليوم الأول والثاني والثالث والعاشر وهلمّ جرًّا.
مثلًا يقول: "في اليوم الثاني أحاط المروض وتلاميذه بقفص النمر"،[١] ثمّ يقول:" في اليوم الثالث قال المروض للنمر: إذا أردت اليوم أن تنال طعامًا، فنفذ ما سأطلب منك"،[١] وهكذا يمضي في باقي الأيّام، فلا يسمّيها ولا يذكر الزمان سوى بالأرقام.
الأمكنة في القصة
بالنسبة للمكان في القصّة فلا يذكر زكريا تامر ذلك المكان على وجه التحديد، ولكنّه يذكره من حيث كونه مكانًا مُغلقًا مجهولًا غير معروف، فالمكان هنا مقسوم إلى ثلاثة أقسام: الأوّل هو الغابات التي لا تظهر سوى في المشهد الأوّل حيث يُصطاد النمر فيها، وفي اليوم الثامن حينما يتذكّرها النمر.
تمثّل الغابات الحريّة؛ فهي الوطن الذي يعيش فيه الإنسان بحريّة، أو هي الأرض التي كان يعيش فيها الإنسان قبل اعتقاله، إضافة للغابات هناك مكان القفص، وهو أطول الأمكنة التي تدور فيها أحداث القصّة، وهو يمثّل المُعتقل، أو يمثّل الوطن الذي تحكمه السلطة القمعيّة.
القسم الثالث من الأمكنة هو المدينة، وهي الوجه الآخر للقفص، فالمدينة التي تحكمها الأجهزة القمعيّة هي قفص بالنسبة للإنسان، وهو ما يقوله زكريا تامر صراحة في السطر الأخير من القصة.
يقول زكريا تامر في قصة النمور في اليوم العاشر متحدّثًا عن الأمكنة فيها: "رحلت الغابات بعيدًا عن النمر السجين في القفص، ولكنه لم يستطع نسيانها"،[١] ثمّ يقول: "حدّق غاضبًا إلى رجال يتحلّقون حول قفصه، وأعينهم تتأمله بفضول ودونما خوف".[١]
يقول في نهاية القصة: "وفي اليوم العاشر اختفى المروض وتلاميذه والنمر والقفص؛ فصار النمر مواطنًا، والقفص مدينة".[١]
اللغة السردية في القصة
كان أسلوب زكريا تامر في سرد القصة أسلوبًا تعبيريًّا رتيبًا، وقد أكثرَ في هذه القصة من استعمال الفعل الماضي مع الجار والمجرور والنعت، إضافة إلى ميلانه للحواريّة التي تُعدّ -في النقد الحديث- من الأسلوب الرتيب الذي يمكن أن يتّبعه الكاتب، ولكن قد ينوّع الكاتب بين حين وآخر بما يتلاءم مع الأسلوب القصصي.
يُلاحَظُ كذلك التكرار في القصة من حيث المفردات والأسئلة والأقوال ونحو ذلك، وتُلاحظ كذلك الفوضى اللفظية في مفرداته، وربّما يعود ذلك إلى فَقرٍ في المعجم اللغوي عند الكاتب، أو ربّما لغياب وعيه عند الكتابة مما أوقعه في بعض الفوضى في النص وفي نصوصه الأخرى.[٣]
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج ح زكريا تامر، النمور في اليوم العاشر، صفحة 54 - 59. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث خالد حسين، النمور في اليوم العاشر قراءة في شؤون التسمية: دلالة وعلاقة، صفحة 27 - 28. بتصرّف.
- ↑ علي بيانلو، دراسة أسلوبية للرتابة التعبيرية في "النمور في اليوم العاشر" لزکريا تامر، صفحة 17 - 20. بتصرّف.