هرمون الحليب وتكيس المبايض

كتابة:
هرمون الحليب وتكيس المبايض

ارتفاع هرمون الحليب

يمكن تعريف هرمون الحليب أو ما يُعرف علميًا باسم هرمون البرولاكتين بأنّه هرمون يُفرَز من الغدة النخامية الأمامية الموجودة في الدّماغ، ويكون موجودًا بكميّات متفاوتة عند الرّجال والنّساء، وترتفع نسبة هذا الهرمون عادةً عند النّساء خلال فترة الحمل والرّضاعة، إذ يساعد هذا الهرمون على نموّ الثّدي عندها، كما يُحفّز إفراز الحليب من الغدد الموجودة في الثّدي عند الرّضاعة، وله دور مُهم في تنظيم دورة الحيض عند المرأة.

أمّا عند الرّجال يساعد هذا الهرمون على عمليّة إنتاج الحيوانات المنوية وتطوّرها، وله أيضًا العديد من الفوائد الأخرى، لكن في بعض الحالات المرضية قد ترتفع نسبة هرمون الحليب عن المعدّل الطّبيعي، سواءً عند الرّجال أم النّساء في غير فترة الحمل، وتُعدّ هذا الحالة أكثر شيوعًا عند النّساء، إذ تتعرّض أكثر من 30% من النّساء لهذه المشكلة سنويًا، وتؤثّر على قدرتها على الإنجاب، ولها تأثير سلبي أيضًا على انتظام دورة الحيض عندها، أمّا في حالة ارتفاع هذا الهرمون عند الرّجال فإنّه يؤثّر أيضًا على قدرته على الإنجاب، ويمكن أن يسبّب حالةً من الضّعف الجنسي عنده.[١]


تكيّس المبايض

تُعرف متلازمة تكيّس المبايض بأنّها خلل هرموني متعلق بالغدد الصمّاء عند المرأة، ويؤدّي إلى تكوين أكياس صغيرة عديدة مليئة بالسّوائل على المبايض، ممّا يؤثر على قدرتها على إنتاج البويضات، وتُعدّ هذه الحالة من الحالات الشّائعة جدًا التي تصيب أكثر من 8-20% من السّيدات، خاصّةً في مرحلة سنّ الإنجاب، وتؤثّر على قدرتها على الحمل والولادة، بالإضافة إلى عدم انتظام دورة الحيض، والعديد من الأعراض المزعجة التي تُسبّبها هذه الحالة.

ترتبط متلازمة تكيّس المبايض بالعديد من المشكلات الصّحية الأخرى التي قد تعاني منها المرأة بالتّزامن مع مشكلة التكيّس، مثل: مقاومة الإنسولين، ومرض السكّري من النّوع الثّاني الذي يصيب أكثر من 50% من السيدات اللواتي يعانين من مشكلة التكيّس، بالإضافة إلى مشكلة السّمنة، وارتفاع ضغط الدّم والكوليسترول والدّهنيات، وحدوث مشكلات في الكبد، وأعراض نفسيّة مثل الاكتئاب، والتّوتر، والنّزيف في بطانة الرحم، وغيرها من المشكلات والأمراض الأخرى التي تكون مرتبطةً بمشكلة التكيّس.[٢] قد ترتبط متلازمة تكيُّس المبايض بارتفاع بسيط في مستويات هرمون البرولاكتين أو هرمون الحليب، لكن لا يُوجد سبب واضح لذلك، ويُمكن تفسير هذا الارتفاع على أنّه ناتج من تحفيز هرمون الإستروجين الذي قد يكون مرتفعًا لدى المُصابات بمتلازمة تكيُس المبايض[٣]


أسباب ارتفاع هرمون الحليب

من أكثر الأسباب الشّائعة لهذه المشكلة وجود أورام حميدة في الغدّة النّخامية تؤدّي إلى خلل في إفراز هذا الهرمون، بالتّالي زيادة كميّته في الدّم، بالتّزامن مع قلّة إفراز الهرمونات الجنسيّة الأخرى مثل الإستروجين والتستوستيرون، ومن الأسباب الأخرى التي تؤدّي إلى هذه المشكلة:[٤]

  • وجود خلل أو مرض في منطقة تحت المهاد- hypothalamus الموجودة في الدّماغ، التي تلعب دورًا مهمًّا في التحكّم بوظيفة الغدّة النّخامية، بالتّالي التّأثير سلبًا على عملها.
  • خمول الغدة الدرقية.
  • تشمّع الكبد.
  • استخدام أنواع معينة من الأدوية، مثل: الأدوية المضادّة للاكتئاب، وأدوية ارتفاع ضغط الدّم، ومضادّات التقيّؤ، وأدوية المعدة من نوع حاصرات مستقبلات الهستامين، والأدوية الهرمونيّة المُحتوية على هرمون الإستروجين.


أعراض ارتفاع هرمون الحليب

تختلف أعراض هذه الحالة بين النّساء والرجال، ويُعدّ تشخيصها عند الرجال في العادة أصعب من تشخيصها عند النّساء؛ وذلك بسبب قلّة الأعراض التي تُسبّبها مقارنةً بالأعراض عند النّساء، وتتلخّص أعراض هذه الحالة كما يأتي:[٤]


  • الأعراض عند الرجال
    • الضّعف الجنسي.
    • تضخّم في أنسجة الثّدي.
    • خروج إفرازات حليبيّة من الثّدي.
    • العقم وضعف الخصوبة.
  • الأعراض عند النّساء
    • العقم، وضعف الخصوبة.
    • عدم انتظام دورة الحيض.
    • غياب الدّورة وانقطاعها.
    • ضعف الرّغبة الجنسيّة.
    • زيادة إفراز الحليب من الثّدي من غير حمل أو رضاعة.
    • ألم في الثّدي.
    • جفاف شديد في المهبل، وألم أثناء الجماع.


علاج ارتفاع هرمون الحليب

إنّ الهدف من علاج هذه الحالة، هو إعادة إفراز هرمون الحليب إلى المعدّل الطّبيعي، وتقليل حجم الورم في الغدّة النّخامية، وإعادة الوظيفة الطّبيعية للغدة، وتنقسم العلاجات لهذه الحالة إلى ثلاثة أقسام، هي:[٥]

  • العلاج الدوائي: من أشهر الأدوية المستخدمة في علاج هذه المشكلة هي أدوية محفّزات الدّوبامين، مثل: دواء البروموكربتين، ودواء الكابرجولين، إذ تعمل هذه الأدوية بنفس مبدأ عمل هرمون الدوبامين، الذي يؤدّي دوره بتقليل معدلات هرمون الحليب في الدّم، بالتّالي تقليل حجم الورم في الغدّة النّخامية إن وجدّ، وتُعدّ هذه الأدوية من العلاجات الفعّالة جدًّا في علاج هذه الحالة لدى أكثر من 80% من المرضى، ويجب على المريض الالتزام بتعليمات الطّبيب بخصوص كيفيّة تناول العلاج، والجرعة المناسبة، والالتزام بمدّة العلاج المحدّدة؛ حتّى الشّفاء من هذه المشكلة.
  • العلاج الجراحي: ذلك في حال فشل العلاج الدّوائي، أو عدم قدرة المريض على أخذه، ويُزيل الطّبيب في هذه الحالة الورم كليًّا أو جزئيًّا جراجيًا، وذلك اعتمادًا على حجم الورم، وتعتمد نسبة نجاح العملية على حجم الورم الموجود؛ أي كلّما قلّ حجم الورم زادت نسبة نجاح العمليّة في إعادة إفرازات هرمون الحليب إلى الوضع الطّبيعي.
  • العلاج الإشعاعي: من النّادر اللجوء إلى هذا النّوع من العلاج، إذ يلجأ الأطبّاء إليه كحلّ أخير في حال فشل العلاج الدّوائي والعلاج الجراحي.


أسباب متلازمة تكيّس المبايض

إنّ السّبب الرّئيس لهذه المشكلة مازال غير معروف حتّى الآن، لكن يوجد عدد من الأسباب التي يعتقد الباحثون والأطباء أنها تساهم في تطوّر هذه المشكلة، ومنها:[٦]

  • ارتفاع هرمون الإنسولين:إنّ وظيفة هرمون الإنسولين تكمن في إدخال جزيئات السكّر من الدّم إلى خلايا الجسم، لكن في حالة تكيّس المبايض تكون خلايا الجسم مقاومةً لهرمون الأنسولين، ولا تسمح له بإدخال السكّر داخل الخلايا، ممّا يؤدّي إلى ارتفاع نسبة السكّر في الدّم، بالتّالي ارتفاع نسبة هرمون الأنسولين أيضًا، ويؤدّي ارتفاعه إلى ارتفاع نسبة هرمون الأندروجين في الدّم، أو ما يُعرف باسم هرمون الذكورة، إذ يُعدّ ارتفاع هذا الهرمون عند المرأة من المُسبّبات الرّئيسة لهذه المشكلة.
  • عوامل وراثية: إنّ الباحثين يعتقدون أنّه توجد جينات معيّنة تكون مرتبطةً بهذه الحالة ومسؤولةً عن حدوثها وتطوّرها.
  • زيادة نسبة هرمون الأندروجين: في هذه الحالة تُفرز المبايض كميّاتٍ كبيرةً من هرمون الأندروجين، ممّا يساعد على زيادة التكيّس، وظهور أعراض أخرى مترافقة مع زيادة هذا الهرمون، مثل: ظهور حبوب على الوجه، وزيادة شعر الوجه.


أعراض متلازمة تكيّس المبايض

من الأعراض المترافقة مع هذه الحالةما يأتي:[٧]

  • عدم انتظام دورة الحيض، إذ تعاني المرأة في هذه الحالة من غياب الدّورة، أو عدم انتظام موعدها، سواءً في التّأخير أم التّقديم.
  • ظهور الشّعر وزيادته في مناطق معيّنة من الجسم، إذ تتعرّض أكثر من 70% من السيدات لنُموّ الشّعر وسماكته في مناطق من غير الشّائع للشّعر النُموّ فيها، مثل: الوجه، والذّقن، ويحدث ذلك بسبب ارتفاع نسبة هرمون الذّكورة.
  • ظهور حبوب الشباب، خاصّةً على الوجه، والصّدر، والظّهر.
  • زيادة الوزن، مع صعوبة التحكّم به وفقدانه.
  • تساقط الشّعر، خاصّةً في مقدّمة الرّأس، إذ تتشابه مع حالة بداية الصّلع عند الرّجال.
  • تصبّغ الجلد واسمراره في مناطق معيّنة من الجسم.
  • ظهور زوائد لحميّة جديدة، خاصّةً في منطقة الإبطين والرّقبة.
  • صعوبة الحمل، وضعف الإخصاب.


تشخيص متلازمة تكيّس المبايض وعلاجها

يجري تشخيص هذه المشكلة من قِبَل الطّبيب المختص، إذ يُجري الطّبيب تحاليل مخبريّةً لفحص نسبة الهرمونات عند المرأة، بالإضافة إلى طلب صور أشعّة، وإجراء فحص سريريّ لمنطقة الحوض عند المرأة، وتقيّيم الحالة بصورة عامّة، ثمّ وصف العلاج المناسب، ومن الأمثلة على العلاجات المستخدمة:[٢][٨]

  • حبوب منع الحمل الهرمونية: تحتوي هذه الحبوب على هرموني الإستروجين والبروجيسترون، وتساعد هذه الحبوب على تحسين وظيفة المبايض وعملية الإباضة، وتقليل نسبة هرمون الأندروجين، بالتّالي تقليل الأعراض المصاحبة لارتفاعه، وحماية الرّحم من الأورام والمشكلات الأخرى.
  • الأدوية المضادة لهرمون الأندروجين: تتضمّن دواء السبايرونولاكتون الذي يُصرف بوصفة طبيّة وحسب تعليمات الطبيب، إذ يساعد على تقليل نسبة هذا الهرمون في الدّم، بالتّالي تقليل الأعراض المصاحبة لارتفاعه، مثل: حبوب الشّباب، والشّعر الزائد، ويجب الانتباه إلى ضرورة استخدام وسيلة لمنع الحمل في حال استخدام هذا العلاج من قِبَل امرأة متزوّجة؛ لما له من تأثير خطير على الجنين في حال حدوث حمل أثناء استخدامه.
  • دواء الميتفورمين: يمكن استخدام هذا الدّواء في العادة لعلاج مرض السكّري من النّوع الثّاني، وأثبتت الدّراسات أنّ له تأثير كبير وجيّد في علاج متلازمة التكيّس؛ لما له من دور مهم في تقليل مقاومة خلايا الجسم لهرمون الأنسولين،وأثبتت الدّراسات والأبحاث أيضًا أنّ هذا الدواء فعّال جدًا في علاج الأمراض المصاحبة لمتلازمة التكيّس، مثل: السكّري، والسمنة، وغيرها من المشكلات الصّحية إذا تزامن استخدامه مع ممارسة التمارين الرياضية والالتزام بنظام غذائي صحي.
  • دواء الكلوميفين: يُستخدم هذا العلاج عادةً في حال رغبة المرأة بالحمل والإنجاب، إذ إنّ الوظيفة الأساسية لهذا العلاج هي تحفيز المبايض على الإباضة، وتحسين فرص الحمل في حال وجود تكيّس.
  • العلاج الجراحي: يمكن اللجوء إلى هذا العلاج في حال فشل العلاجات الدّوائية السابقة، خاصّةً إذا كانت المرأة متزوّجةً وترغب بالحمل، إذ يُجري الطّبيب خلال الجراحة ثقوبًا صغيرةً في المبايض؛ لتفريغها من الأكياس، وذلك باستخدام أجهزة خاصّة، بالتّالي تحسين فرص الحمل والإنجاب عندها.

بالإضافة إلى العلاجات المذكورة سابقًا يجب على المرأة الالتزام بنظام غذائي صحّي، وممارسة الرياضة بانتظام، إذ أثبتت الأبحاث أهميّة الرّياضة والحمية الغذائية في التّقليل من الأعراض المصاحبة لهذه الحالة، مثل: السّمنة، وارتفاع السكّر، والدّهنيات، وغيرها من المشكلات.


المراجع

  1. "Hyperprolactinemia (High Prolactin Levels)", reproductivefacts, Retrieved 2019-5-2. Edited.
  2. ^ أ ب Lori Smith (2018-1-5), "What is polycystic ovary syndrome?"، medicalnewstoday, Retrieved 2019-5-2. Edited.
  3. "Hyperprolactinemia: Causes and Treatments", mdedge, Retrieved 26-3-2020. Edited.
  4. ^ أ ب Nicole Galan (2018-11-28), "Hyperprolactinemia Overview Abnormal hormonal function affects both women and men"، verywellhealth, Retrieved 2019-5-2. Edited.
  5. "Prolactinoma", niddk, Retrieved 2019-5-2. Edited.
  6. "Polycystic ovary syndrome (PCOS)", mayoclinic,2017-8-29، Retrieved 2019-5-2. Edited.
  7. "Polycystic ovary syndrome", womenshealth,2019-4-1، Retrieved 2019-5-2. Edited.
  8. Stephanie Watson (2018-11-1), "Polycystic Ovary Syndrome (PCOS): Symptoms, Causes, and Treatment"، healthline, Retrieved 2019-5-2. Edited.
5715 مشاهدة
للأعلى للسفل
×