مفهوم الحجامة
حَجَمَ يحجمُ، والمصدر حِجَامةً وحَجْمًا، واسم المفعول مَحْجوم، وحجَمُ المريضَ: مُعالجتُه بالحِجامة؛ ويكون ذلك بامتصاص الدَّم بالمِحْجم، أمّا الحِجَامَة المراد معرفة معناها هنا هي حرفة الشّخص الحَجَّام، والشّخص الحجّام هو محترف الحِجامة، وهو من يقوم بعمل امتصاص وسحب الدَّم الزَّائد أو الفاسد من شخص قد يكون مريضًا أو غير مريض بالمِحْجَم، حيث قال الرّسول، صلّى الله عليه وسلّم: "نِعْمَ الْعَبْدُ الْحَجَّامُ يَذْهَبُ بِالدَّمِ وَيُخِفُّ الصُّلْبَ"،[١] والحِجام أيضًا ما يوضع فمَ البعير، ليمنعه من العضِّ، وحجَمه عن الأمر: صرَفه عنه ومنَعه، والمِحْجَمُ: هو أداة الحجم ويكون قدح أو أنبوب زجاجيّ منتفخ يقوم الحاجم بوضعه على جسم شخص يريد أن يحتجم، فيُفرَّغ من الهواء ليمسك على الجسم ويخرج الدّم إليه، وسيأتي لاحقًا الحديث عن: هل الحجامة تنقض الوضوء.[٢]
هل الحجامة تنقض الوضوء
لمعرفة الإجابة عن السّؤال: هل الحجامة تنقض الوضوء، فإنّ الحِجامة كما هو معروف إحداث جرح أو شقّ في جسم الإنسان الذي يريد أن يحتجم؛ لسحب الدّم الفاسد أو الزائد منه على سبيل الصّحّة والتّداوي بآلة معيّنة كالقدح أو الكأس، وهي مستحبّة لقوله، صلّى الله عليه وسلّم: "خير ما تداويتم به الحجامة"،[٣] وأمّا حكم الدّم الخارج في الحجامة، فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه لا ينقض الوضوء، بينما خالف البعض بقولهم: ينقض الوضوء إذا كان كثيرًا،[٤] وما ذهب إليه أهل العلم بأنّ الحجامة لا تنقض الوضوء؛ وذلك لأنّ الأدلّة الأقوى تدلّ على ذلك كصلاة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وجرحه ينزف دمًا، وقول الحسن البصريّ: "ما زال المسلمون يصلّون في جراحاتهم"،[١] أي في غزواتهم، ولأنّ الأصل بقاء الطّهارة ما لم يثبت ضدّها، وقول ابن تيمية: "استحباب الوضوء من الحجامة والقيئ ونحوهما متوجه ظاهر"، وقال الشّيخ ابن سعدي، رحمه الله: "بأنّ الصّحيح والثّابت بعدم نقض الوضوء من الدّم والقيئ ونحوهما سواء القليل أو كثيرها لأنّه لم يثبت دليل على نقض الوضوء بها فالأصل بقاء الطّهارة", والله أعلم.[٥]
نواقض الوضوء
بعد معرفة هل الحجامة تنقض الوضوء، لا بدّ من الحديث عن نواقض الوضوء، للوضوء نواقض ومفسدات تبطله، وتمنع المسلم من القيام بالعبادات التي يتوجب لأدائها الطّهارة من الحدثين، وهي نوعان: مجمع عليها، ومختلف فيها، فأمّا النّواقض المجمع عليها، فهي كما يأتي:[٦]
- الخارج من السّبيلين، من غائط أو بول أو دم أو مني أو مذي أو وذي أو الرّطوبة التي تخرج من المرأة.
- زوال العقل، بجنون أو سكر أو إغماء أو نوم بحيث يفقد الإحساس بكلّ ما حوله.
- وأمّا النّواقض المختلف فيها، فهي: مس القبل أو الدّبر بباطن الكفّ، قال به المالكيّة والحنابلة، وخالفهم الحنفيّة وبعض الفقهاء.
- مسّ المرأة التي تحلّ له من غير حائل، وقد اختلف الفقهاء فيه على ثلاثة أقوال: ينقض مطلقًا، وهو قول الشّافعيّة والظاهريّة، لا ينقض مطلقًا وهو قول الحنفيّة، ينقض بشهوة، وهو قول المالكية والحنابلة.
- تغسيل الميّت، وهو قول الحنابلة، وخالفهم جمهور الفقهاء لعدم وجود الدّليل.
- أكل لحم الإبل، قال به الحنابلة، وخالفهم جمهور الفقهاء، وقد اختار قول الحنابلة البيهقي والنّوويّ، وابن تيمية.
- الرّدة عن الإسلام، وهو الرّاجح عند الحنابلة والمعتمد عند المالكيّة، لقوله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ}،[٧] وخالفهم بعض الفقهاء، لأنّهم رأوا شرط إحباط العمل الموت، لقوله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}.[٨]
المراجع
- ^ أ ب رواه السيوطي، في الجامع الصغير ، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:9253، حديث صحيح.
- ↑ "تعريف و معنى الحجامة"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-07. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم:3323، صحيح.
- ↑ "هل الحجامة تنقض الوضوء ؟ "، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-07. بتصرّف.
- ↑ "هل التبرع بالدم ينقض الوضوء"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-07. بتصرّف.
- ↑ "نواقض الوضوء"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-14. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية:5
- ↑ سورة البقرة، آية:217