محتويات
هل الدعاء في العمرة مستجاب
إجابة الدعاء تكون بمشيئة الله وفضله
منهجُ أهل السنة والجماعة أنّ الله تعالى لا يَجِبُ عليه شيء، فيفعلُ الله ما يشاء ويذر ما يشاء،[١] فالجواب بنعم على هذا السؤال ليس من باب إيجابِ إِجابةِ الدعاء وقَبوله على الله -سبحانه وتعالى-، وإنما من باب الرجاء وإحسان الظن بالجواد الكريم -سبحانه وتعالى-.
ومن أراد إجابة دعائه فيستحب أن يحرص عليه في الأزمنة والأمكنة المباركة، والعمرة من المواسم المباركة والتي يرجو فيها المسلم قَبول عمله، فهي سبب لتكَفير ومحو الذنوب؛ لكثرة التذلل والخضوع لله -عز وجل- والعزم على عدم العود لما سبق من الذنوب،[٢] وقد قال الصادق المصدوق -عليه الصلاة والسلام-: (العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا).[٣]
مواطن يستحبّ فيها الدعاء للمعتمر
يحرصُ المسلم على استغلال مواسم الخير؛ للتقرب والتذلل لله تعالى وسؤال حاجاته الدنيوية وفي الآخرة، والمعتمر دعاؤه مستجاب -بإذن الله تعالى- إذا أخلص النية لله وأوقن بالإجابة، وقد ذكر أهل العلم بعض الأزمنة والأمكنة التي يُستحب للمعتمر أن يستغلها بالدعاء خلال عمرته، ومنها:
- الدعاء عند استلام الحجر الأسود، وعند الطواف، وعند الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى، ويسن الدعاء عند الوقوف على الصفا والمروة، وعند البدء بالسعي وأثنائه.[٤]
- من الأماكن التي يستحب فيها للمعتمر الدعاء رجاء الإجابة؛ الدعاء في الميقات عند الإهلال بالعمرة، والاستمرار بالدعاء في الطريق إلى مكة بعد الإهلال.[٥]
- العمرة تشترك في أوقات إجابة الدعاء مع أوقات أخرى يمكن للمعتمر أن يستغلها أثناء اعتماره، فيستطيع الدعاء لله في سجوده، وفي جوف الليل، وبين الأذان والإقامة.[٦]
- يمكن للمعتمر أن يستغل رؤيته للكعبة بالتقرب لله تعالى بالدعاء، فقد ذكر أهل العلم أن الدعاء عند رؤية الكعبة مستجابٌ -بإذن الله-.[٧]
من الأدعية المأثورة في العمرة
مما يهم المعتمر أن يعرف ما يستحب من الدعاء ومتى يبدأ بالدعاء، وقد نقل العلماء الأجلاء جملة من الأدعية المأثورة في العمرة، وإن كان بعضها ضعيفًا إلا أنهم رأوا أن الحديث الضعيف يُعمل به في باب فضائل الأعمال ما لم يكن به مخالفة شرعية ظاهرة، ومما أُثر من الدعاء في كتب أهل العلم:
- دعاء المسلم إذا دخل المساجد بعمومها، وإذا دخل بيت الله الحرام بخصوصه معتمرًا، فيقول المعتمر بعد أن يدخل برجله اليمنى إلى المسجد الحرام:[٨](رَبِّ اغْفِرْ لِي ذنوبي، وافْتَحْ لِي أبوابَ رَحْمَتِكَ).[٩]
- أن يقول المعتمر عند بدء الطواف: "بسمِ اللهِ واللهُ أكبرُ، اللهمَّ إيمانًا بكَ، وتصديقًا بكتابِك، ووفاءً بعهدِك، واتباعًا لسنةِ نبيِّك محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، ومع أن الحديث غريب والغرابة من درجات الحديث الضعيف إلا أن العمل به جائز؛ لأنه من باب الدعاء وفضائل الأعمال، ولا يترتب عليه مخالفة شرعية ظاهرة.
- الدعاء عند الركن الأسود: "اللَّهمَّ إنِّي أسألُك العفوَ والعافيةَ في الدُّنيا والآخرةِ، ربَّنا آتِنا في الدُّنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً، وقِنا عذابَ النَّارِ".
- ما ثبت عن النبي من الدعاء في الصفا والمروة، ففي الحديث: (لَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158]، أَبْدَأُ بما بَدَأَ اللَّهُ به، فَبَدَأَ بالصَّفَا، فَرَقِيَ عليه، حتَّى رَأَى البَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ، وَقالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهو علَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ، ثُمَّ دَعَا بيْنَ ذلكَ، قالَ مِثْلَ هذا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إلى المَرْوَةِ، حتَّى إذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ في بَطْنِ الوَادِي سَعَى، حتَّى إذَا صَعِدَتَا مَشَى، حتَّى أَتَى المَرْوَةَ، فَفَعَلَ علَى المَرْوَةِ كما فَعَلَ علَى الصَّفَا).[١٠]
- عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا قَفَلَ مِنَ الغَزْوِ، أوِ الحَجِّ، أوِ العُمْرَةِ؛ يَبْدَأُ فيُكَبِّرُ ثَلَاثَ مِرَارٍ، ثُمَّ يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ، وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ، عَابِدُونَ سَاجِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وعْدَهُ، ونَصَرَ عَبْدَهُ، وهَزَمَ الأحْزَابَ وحْدَهُ).[١١]
وهذه جملة من الأوقات والأزمنة والأذكار التي يستحبّ لمن قصد بيت الله الحرام بالعمرة أن يدعو بها، مع ضرورة الإشارة إلى أنّ هذه النصوص ليست لحصر المسلم بها وعدم الخروج عنها، إذ يحتاج المعتمر أن يدعو الله له ولأبنائه بأمور دنيوية؛ كالنجاح في التعليم، أو الحياة المهنية، أو الشفاء من الأسقام، والفرج من الهموم، فباب الدعاء واسع.
المراجع
- ↑ "عقيدة المعتزلة في وجوب الأصلح على الله والرد عليهم"، "fatwa.islamweb.net"، اطّلع عليه بتاريخ 01-07-2019. بتصرّف.
- ↑ "فضل العمرة وصفتها"، "www.alukah.net"، اطّلع عليه بتاريخ 26-06-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1773، صحيح.
- ↑ "أدعية تقال في الحج والعمرة"، "www.islamweb.net"، اطّلع عليه بتاريخ 26-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "مواضع وصيغ الدعاء في العمرة"، "www.islamqa.info"، اطّلع عليه بتاريخ 26-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "الأدعية المستجابة، والأوقات التي يتحرى فيها المسلم الدعاء"، "www.binbaz.org.sa"، اطّلع عليه بتاريخ 26-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "الدعاء عند رؤية الكعبة مطلوب ومستجاب"، "www.islamweb.net"، اطّلع عليه بتاريخ 26-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "العمرة وأدعيتها الخاصة والعامة"، "www.archive.islamonline.net"، اطّلع عليه بتاريخ 26-06-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن فاطمة بنت رسول الله، الصفحة أو الرقم:314، حسن وليس إسناده بمتصل.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:1218، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:4116، صحيح.