محتويات
يرى الفيلسوف اليوناني أفلاطون أن "الموسيقى تمنح روحًا للكون وأجنحة للعقل وهي بمثابة رحلة للخيال، وبمقدورها بث الحياة في كل شيء"، إن تأمل هذه المقولة قد يساعدنا على فهم كيف تستطيع الموسيقى مساعدتنا في أمور كثيرة، من ضمنها الدراسة.
اختلف العلماء والباحثون كثيرًا حول الفوائد الفعلية للاستماع للموسيقى أثناء عملية الدراسة، وحاولت العديد من الدراسات والتجارب العلمية معرفة إذا كان تأثيرها سلبيًا أم إيجابيًا على الإدراك المعرفي والتذكر، وجاءت النتائج متباينة في الكثير من الأحيان، ولكن هل تساعدنا الموسيقى على التركيز في الدراسة؟
هل تساعدنا الموسيقى على التركيز في الدراسة؟
لم تتوصل الدراسات العلمية إلى إجابة محددة عن هذا التساؤل، وإنما اختلفت النتائج تبعًا لعدة عوامل، وهي:
-
نوع الموسيقى
إذ تبين أن الاستماع للموسيقى الكلاسيكية يُساعد على التركيز بشكل أكبر بالمقارنة مع الموسيقى الحديثة أو السريعة، كما تبين أن الاستماع للأغاني يمكن أن يؤدي إلى تشتيت الذهن مقارنة بالموسيقى التي لا ترافقها كلمات مغناة.
-
الذوق الفردي
حيث تبين أن الاستماع إلى موسيقاك المفضلة ربما لا يساعدك على التركيز ويشتت ذهنك، بينما الاستماع لموسيقى لا تفضلها كثيرًا قد يُساعدك على رفع مستوى التركيز وبالتالي زيادة تحصيلك الدراسي.
-
الظروف المكانية
في بعض الأحيان يُساعد الاستماع إلى موسيقى هادئة في الانفصال عن الضوضاء الموجودة في مكان الدراسة.
-
طبيعة الشخصية
بالإضافة إلى أن درجة التنبه للموسيقى تختلف من شخص لآخر فإن استجابة الأشخاص الانطوائيين للموسيقى أثناء الدراسة تختلف عن تلك التي يبديها الأشخاص الاجتماعيين، إذ قد تتفوق الفئة الثانية على الأولى في الدراسة لدى استماع أفرادها للموسيقى أثناء الدراسة.
-
ارتفاع أو انخفاض الموسيقى
إذ يبدو أن الاستماع إلى الموسيقى متوسطة الارتفاع يُساعد على التركيز أكثر من الموسيقى الصاخبة جدًا أو المنخفضة جدًا.
هل السكون دائمًا أفضل خلال الدراسة؟
بينما اختلف العلماء حول هل تساعدنا الموسيقى على التركيز في الدراسة أو مدى فائدة الاستماع للموسيقى أثناء الدراسة، فقد أجمع معظمهم على أن السكون يحقق دائمًا أفضل النتائج مقارنة بأي ظرف مكاني أو زماني تتوافر فيه مؤثرات خارجية، مثل: الموسيقى.
ويعزو الباحثون ذلك إلى حقيقة أن لكل منا نوعين من الانتباه، وهما:
- انتباه واعٍ: وهو الذي نقوم من خلاله بتوجيه تركيزنا إلى المهام التي ندرك أن علينا إعطاءها قسطًا كبيرًا من الانتباه لإتمامها.
- انتباه غير واعٍ: وهو الذي يجعلنا نفقد تركيزنا لننتبه لأي مؤثرات خارجية تلتقطها حواسنا دون إدراك أو تحكم.
لذا فإننا عندما نستمع إلى الموسيقى أو غيرها من المؤثرات الخارجية المسموعة نكون أشبه بطفل يلوح له شخص ما بلعبة يحبها فيفقد تركيزه ويتشتت انتباهه عن أنشطة عليه القيام بها، مثل: إنجاز فروضه المدرسية.
ولكن في نهاية الأمر قد يكون مفيدًا أن تجرب طرقًا مختلفة للدراسة أثناء الاستماع لأنواع ودرجات مختلفة من الموسيقى، وقياس تحصيلك في وجودها وغيابها، لتحدد هل تساعدنا الموسيقى على التركيز في الدراسة فعلًا أم لا.
تأثير موزارت (The Mozart effect)
استكمالًا للحديث عن هل تساعدنا الموسيقى على التركيز في الدراسة نخبركم هنا عما يُعرف بتأثير موزارت وهي نظرية ظهرت لأول مرة عام 1991، ونشرت نتائجها في المجلات العلمية العالمية بعد ذلك بعامين، وتقول النظرية أن موسيقى موزارت تحديدًا لها تأثير إيجابي على الإدراك والذاكرة.
واعتمدت هذه النظرية على حقيقة أن بعض الأطفال والأفراد الذين واظبوا على الاستماع إلى موسيقى موزارت أثناء دراستهم سجلوا مستويات ذكاء مرتفعة بعض الشيء، لذا بدأ عدد من الآباء والأمهات بجعل أطفالهم يستمعون لموسيقى موزارت منذ الصغر، إلا أنها لا زالت بحاجة لمزيد من الأبحاث والدراسات لإثباتها بشكل أفضل.