الإفراط في تناول الملح يزيد من خطر الإصابة ببعض الأمراض. دراسة تشير الى فائدة تناول الملح، وأن تقليل تناول الصوديوم قد يكون خطيرا
هل إحتواء وجباتنا الغذائية على ملح الطعام الزائد، ضار بالصحة؟ وفق دراسة نشرت نتائجها في مجلة American Journal Hypertension ، فإن تقليل كمية الصوديوم في النظام الغذائي، أي المكون الرئيسي لملح الطعام، يساعد على خفض ضغط الدم قليلاً، ولكن بالمقابل قد يرفع كل من مستوى هرمونات معينة في الدم، ومستوى الدهون الصحية في الغذاء مثل أوميغا 3 و 9 .
ماذا تقول الدراسات؟
ووفقا لنتائج الدراسة، فقد اختلف الباحثون حول مسألة تقليل نسبة الصوديوم في الطعام، وهل زيادة النسبة ممكن أن تضر صحياً في أجسامنا. البعض قال بأن تقليل نسبة الصوديوم قد لا يعود بالفائدة الصحية الكبيرة على الجسم. واخرون انتقدوا نتائج الدراسة واعتبروها خاطئة لأنها تعتمد على دراسات قليلة وقصيرة المدى . اذ يؤكدون بأن كل الأدلة تشير الى فوائد صحية واضحة عندما يقلل الإنسان تناول الصوديوم أي تناول ملح الطعام.
وبعد تحليل أكثر من 167 دراسة علمية أجريت لإثبات الخطأ والصواب، في القول القائل، بأن زيادة الأملاح في الطعام" الصوديوم" يمكن أن يضر بصحة الإنسان. وقد ضمت هذه الدراسات التي تم تحليلها، الأشخاص الذين لديهم ضغط دم طبيعي أو مرتفع، وقد طلب منهم وبشكل عشوائي تناول غذاء غني بالصوديوم، أو إتباع نظام غذائي قليل بالصوديوم.
وبناءاً عليه فقد أظهرت النتائج، أن تناول أقل من 2800 ملغم من الصوديوم يومياً، يساعد على خفض ضغط الدم. ولكن هذه الإنخفاضات تتراواح ما بين (صغيرة ومتوسطة)، أي أن نسبة الأنخفاض كانت 1٪ لدى الأشخاص الذين كان لديهم ضغط الدم طبيعي في بداية البحث ، والمتوسطة كانت 3.5٪ لدى الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم.
لكن يبدو ان لتقليص كمية الملح أي الصوديوم، يحدث آثار اخرى. حيث أن الأشخاص الذين حافظوا على نظام غذائي، يحتوي على نسبة قليلة من الصوديوم، حدث لهم ارتفاع بنسبة 2.5٪ (أي في المتوسط) في نسبة الكوليسترول، وزيادة بنسبة 7٪ في الدهون الثلاثية الجليتسرئيدات، مقارنة بالأشخاص الذين تناولوا أكثر من 3,450 ملغم% من الصوديوم، وهذه الكمية قريبة، مما يتناوله الأمريكي (المتوسط) في اليوم الواحد.
إن المستويات العالية من الكولسترول، والدهون الثلاثية الجليتسرئيدات، لها علاقة في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، والتي يمكن أن تؤدي إلى حدوث النوبات القلبية، والسكتات الدماغية.
ووفقا للباحثين، فمن غير الواضح، لماذا تتأثر نسبة الدهون في الدم، عندما يتم تقليل كمية الصوديوم؟. كما أن النظام الغذائي الذي يحتوي على نسبة قليلة من الصوديوم، زاد من مستويات الهرمونات وأنزيم رينين والدوستيرون، والتي ترفع من ضغط الدم. غير ان الباحثين يؤكدون بأن هذه الهرمونات قد تشكل أحد الأسباب التي تجعل تقليص كمية الملح في النظام الغذائي، له تأثير بسيط فقط على ضغط الدم.
ويذكر أن أنزيم الرينين، هو أنزيم تقوم الكلى بافرازه، ويقوم بتفعيل منظومة الـ"رينين- انجيوتنسين" (Angiotensin). هذه المنظومة، هي المسؤولة بالأساس من خلال افراز الغدة الكظرية للالدوستيرون (Aldosterone)، عن التحكم بمستويات ضغط الدم. كما انها المسؤولة عن انقباض الأوعية الدموية.
المزيد حول: الصوديوم
خفض تناول الملح يؤدي إلى ارتفاع مستويات الدهون
"النظرية التي تقول، انه يمكن تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، عن طريق الحد من تناول ملح الطعام، وبالتالي خفض ضغط الدم. هي في الواقع مهمة. ولكن حسب الدراسة، فإن نسبة تأثير تقليل تناول الملح، على ضغط الدم لدى الأشخاص الأصحاء تصل فقط 1%. ويقول مؤلف الدراسة واستشاري أمراض الروماتيزم والطب الباطني في مستشفى جامعة كوبنهاغن في الدنمارك، الدكتور نيلز ا. جروئدل، بأن: " الحد من تناول الملح، يؤدي إلى إرتفاع مستويات اللبيدات (دهون في الدم). ولذا فمن المعقول أن نفترض أن تقليل تناول ملح الطعام هو أمر غير مفيد. ومن ناحية أخرى فإن التأثير الكلي قد يكون ضاراً."
ملح الطعام يثير التساؤل لدى الخبراء
وبناءاً على الإستنتاجات السابقة للدراسة، فقد أنتقد بعض الخبراء هذه النتائج واعتبروا الدراسة خاطئة، لأنها تعتمد أكثر على دراسات محدودة وقصيرة المدى. وفي حالات معينة، فالأشخاص الذين شاركوا في الدراسات المشمولة، استهلكوا أغذية تقل فيها نسبة الصوديوم ولبضعة أيام فقط.
وعليه فإن ما جاء به الخبراء المعارضون للدراسة ما يلي : "عندما يكون هناك انخفاض كبير وحاد في الصوديوم، فالأمر يحتاج إلى وقت للتكيف مع هذا الوضع". يقول البروفيسور في الطب، وعلم الأوبئة والصحة العامة، في مركز جونز هوبكنز الطبي في بالتيمور، في الولايات المتحدة الأمريكية، الدكتور لورانس ابيل:" أنه من المريح للغاية بالنسبة لبعض الأشخاص، تلخيص مجال البحث المعقد بصفحة واحدة. ولكن الحقيقة موجودة في التفاصيل، والتي تم إخفاء الكثير منها، بسبب أن العديد من هذه الدراسات أجريت بشكل غير مهني".
وقد وجهت الدراسة بالعديد من الإنتقادات من قبل الخبراء، ولكنها تثير بعض التساؤلات التي تستحق المزيد من الفحص حسب ما ذكره الخبراء. يقول مدير قسم إعادة التأهيل القلبي الرئوي في المركز الطبي لانجون في جامعة نيويورك في مدينة نيويورك، الدكتور جوناثان ويتسون.""هذا الامر لا يغير ممارستنا، ولكنه يثير تساؤلات حول التغذية التي تحتوي على نسبة قليلة من الصوديوم، وخاصة بالنسبة للأشخاص الذين لديهم ضغط دم طبيعي".
وأضاف "نحن نعلم أنه لا يوجد دواء واحد يمكن أن يؤثر على جميع الأشخاص بنفس الطريقة". ولذلك، لا يمكن الإفتراض، أن نوع واحد من الحمية الغذائية يناسب الجميع. ويقول أطباء آخرين، أن الاستنتاجات التي توصلت إليها الدراسة ربما قد تكون صحيحة، وأن تغير نسبة تناول الصوديوم، لايؤثر فقط على ضغط الدم. لكن السؤال هو ما إذا كان هذا هو ما يهم؟
طبيبة القلب في مستشفى لينوكس هيل في نيويورك، الدكتورة تارا ناروله، تقول في هذا الصدد: "أنا بالتأكيد لن أنصح مرضاي، بالتقليل من تناول الصوديوم، لأن هذا الأمر قد يرفع مستويات الكوليسترول في الدم، ولم أجد معلومات كافية في هذه الصدد يمكن أن تغير من توجهاتي تجاه مرضاي، وسيكون من الصعب العثور على أطباء قلب اخرين، ممن يقولون انه بالإستناد إلى هذه الدراسة، فأنهم لن يوصوا باتباع حمية غذائية قليلة الصوديوم، وخاصة لأولئك الذين يعانون من إرتفاع ضغط الدم وقصور القلب. ويذكر ان أكثر من 50 جمعية في مجال الصحة العامة توصلت الى هذه النتائج، ولا يعقل أن تخطئ في هذه المسألة ".
المزيد حول: نقص صوديوم الدم