الكبائر
يمكنُ تعريف الكبائر على أنَّها مجموعة من الذنوب التي حذَّر منها الله تعالى المسلمين تحذيرًا شديدًا في القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد حدّدَ العلماء هذه الذنوب، وهي ما كبر من الذنوب وعظم، لذلك سُمِّيت بالكبائر، وقد حدد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في الحديث بعض هذه الكبائر وأسماها بالموبقات السبع أي المهلكات السبع، حيث قال: "اجتنبوا السبعَ الموبقاتِ، قالوا: يا رسولَ اللهِ، وما هنَّ؟ قال: الشركُ باللهِ، والسحرُ، وقتلُ النفسِ التي حرّم اللهُ إلا بالحقِّ، وأكلُ الربا، وأكلُ مالِ اليتيمِ، والتولي يومَ الزحفِ، وقذفُ المحصناتِ المؤمناتِ الغافلاتِ" [١]، وهذا المقال سيتناول الحديث عمَّا إذا كان عقوق الوالدين من الكبائر إضافة إلى الحديث عن فضل بر الوالدين. [٢]
هل عقوق الوالدين من الكبائر
يتبادر إلى ذهن الإنسان السؤال عمَّا إذا كان عقوق الوالدين من الكبائر في الإسلام، وجدير بالذكر إنَّ عقوق الوالدين يعتبر من أكبر الكبائر في الإسلام، وهذا ما صحَّ عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فيما روى نفيع بن الحارث الثقفي قال رسول الله: "ألا أنبِّئُكم بأكبرِ الكبائرِ ثلاثًا، قالوا: بلَى يا رسولَ اللهِ، قال: الإشراكُ باللهِ، وعقوقُ الوالدينِ -وجلَس وكان متكئًا فقال-: ألا وقولُ الزُّورِ، قال: فما زال يكرِّرُها حتَّى قلنا: ليتَه يَسكتُ" [٣].
وفي هذا الحديث دليل واضح على أنَّ عقوق الوالدين يعدّ من أكبر الكبائر في الإسلام، وجاء عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أيضًا أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "ثلاثةٌ قد حرم اللهُ عليهم الجنةَ: مدمنُ الخمرِ، والعاقُّ، والديوثُ الذي يُقرُّ على أهلِه الخبثَ" [٤]، وقال المناوي في شرح هذا الحديث: "وهؤلاء الثلاثة إن استحلوا ذلك، فهم كفار، والجنة حرام على الكفار أبدًا، وإن لم يستحلوا، فالمراد بتحريمها عليهم منعهم من دخولها قبل التطهير بالنار، فإذا تطهروا بها أدخلوها"، والله أعلم.
والخلاصة إنَّ عقوق الوالدين لا يؤدي إلى الكفر بل هو من أكبر الكبائر لذلك على كلِّ مسلم أن يكون بارًّا بوالديه محسنًا إليهما ليحقق مرضاة الله تعالى. [٥]
فضل بر الوالدين
بعد ما جاء من إجابة على السؤال القائل: هل عقوق الوالدين من الكبائر في الإسلام؟ سيتم المرور على فضل برِّ الوالدين، ويعتبر برُّ الوالدين من أفضل الأعمال التي يجزي الله بها المسلمين خيرًا، فقد حثَّ عليها في الكتاب والسنة، ومن أبرز ما جاء في السنة النبوية والكتاب من أحاديث وآيات تحثُّ المسلمين على برِّ الوالدين والإحسان إليهما: [٦]
- عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "سألتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- أيُّ العملِ أفضلُ؟ قالَ: الصَّلاةُ لوقتِها:، قالَ: قلتُ: ثمَّ أيّ؟ قالَ: برُّ الوالدين، قالَ: قلتُ: ثمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجهادُ في سبيلِ اللهِ، فما تركتُ أستزيدُهُ إلَّا إرعاءً عليهِ" [٧].
- وجاء عن عبد الله بن عمرو أنَّ رسول الله قال: "رضا الربُّ في رضا الوالدينِ، و سخطُهُ في سخطِهما" [٨].
- قال تعالى في سورة الإسراء: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [٩]، والله تعالى أعلم.
المراجع
- ↑ الراوي: أبو هريرة، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الجزء أو الصفحة: 6857، حكم المحدث: صحيح
- ↑ الكبائر وحكم مرتكبها, ، "www.alukah.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 01-02-2019، بتصرّف
- ↑ الراوي: نفيع بن الحارث الثقفي أبو بكرة، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الجزء أو الصفحة: 2654، حكم المحدث: صحيح
- ↑ الراوي: عبدالله بن عمر، المحدث: الهيثمي، المصدر: مجمع الزوائد، الجزء أو الصفحة: 8/150 حكم المحدث: فيه راو لم يسم
- ↑ عقوق الوالدين من أكبر الكبائر, ، "www.islamweb.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 01-02-2019، بتصرّف
- ↑ ما جاء في الكتاب والسنة في فضل بر الوالدين, ، "www.binbaz.org.sa"، اطُّلِع عليه بتاريخ 01-02-2019، بتصرّف
- ↑ الراوي: عبدالله بن مسعود، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، الجزء أو الصفحة: 85، حكم المحدث: صحيح
- ↑ الراوي: عبدالله بن عمرو، المحدث: السيوطي، المصدر: الجامع الصغير، الجزء أو الصفحة: 4441، حكم المحدث:،صحيح
- ↑ {الإسراء: الآية 23-24}