محتويات
هل هناك فرق بين هلال رمضان وهلال العيد؟
كلّ من هلال شهر رمضان الفضيل وهلال العيد يتعلّق به أمر ديني؛ حيث أنّ هلال رمضان يتعلّق به وجوب الصيام، أما هلال عيد الفطر فيتعلّق به حرمة الصيام ووجوب زكاة الفطر، ويكمن الفرق في مراقبة كلّ من هلال رمضان وهلال شوّال في عدد الشهود اللازمين لثبوت دخول الشّهر؛ فقد تعددت أقوال المذاهب الفقهيّة في مسألة ثبوت دخول شهر رمضان والخروج منه.[١]
واتفق الفقهاء في الجملة على أنّ الجميع لو رأَوا هلال الشهر فإنّ ذلك يثبت به وجوب الصيام أو وجوب الفطر، ولكن كان خلافهم على عدد الشهود الكافي لثبوت دخول شّهر رمضان والخروج منه، ويرجع تعدد الآراء في هذه المسألة إلى اختلاف الآثار الواردة فيها، فضلًا عن أنّ هذه المسألة ممّا اختلف فيها ضمن باب الشّهادة أو الأخبار.[٢]
قول الشافعية في رؤية هلال رمضان وهلال العيد
يثبت دخول شهر رمضان وفقًا للمذهب الشافعي إما بإكمال عدّة شهر شعبان؛ وهي ثلاثون يومًا، أو برؤية هلال رمضان، وعندهم أن الشّاهد الواحد إذا رأى هلال رمضان فإن دخول الشهر يثبت برؤيته، وعلّة ذلك الاحتياط بالدخول في العبادة، وهو عندهم بطريق الشهادة لا الرواية، وكلّ شهر اشتمل على عبادة يثبت دخوله بشاهد عدل واحد أيضًا.[٣]
والشرط في الشاهد عندهم كما يأتي:[٣]
- أن لا يكون عبدًا ولا أنثى ولا صبيًّا ولا مجنونًا.
- أن تكون شهادته بلفظ (أشهد).
- أن يُنَفَذ الحكم بدخول الشهر عند القاضي.
- أن يكون عدلًا ولو مستور الحال.[٤] أما هلال العيد فلا يكفي أن يراه عدل واحد للحكم بدخول شهر شوّال؛ من باب الاحتياط في الخروج من العبادة، بل تجب فيه شهادة عدلين.[٥]
قول الأحناف في رؤية هلال رمضان وهلال العيد
للأحناف في هذه المسألة قولان بالاعتماد على الحالة الجوّية:[٦]
- كون السماء صافية
اشترط الأحناف في إثبات هلال رمضان والعيد إذا كانت السماء صافية والجوّ صحو رؤية الهلال من قبل جمع عظيم؛ ويعود تقدير الجمع إلى الإمام في الأصح؛ وذلك لأن الجو صحو، والأبصار سليمة، والمطلع متّحد، والهمم مستقيمة، ولا بد من أن يلفظ الواحد منهم لفظ الشهادة (أشهد).
- كون السماء غير صافية
إذا لم تكن السماء صافية بسبب تكاثر الغيم أو الغبار، فإنّ الإمام يكتفي بشهادة واحد؛ على أن يكون عاقلًا بالغًا عدلًا ولو مستور الحال، ولا يشترط الشهادة بلفظ (أشهد)، ولا تشترط الذكورة ولا الحريّة لأنّه أمر ديني فكان كرواية الأخبار.
وتجوز عندهم الشهادة على الشهادة؛ كما لو شهد أحد على شهادة غيره لرؤية الهلال، وإن رأى شخص الهلال ولم يقبل الإمام شهادته فإنّ عليه الصيام، وإن لم يصم وجب عليه قضاء الصيام ولم تجب الكفارة، ولا يعتمد عندهم قول المنجّمين.
قول الحنابلة في رؤية هلال رمضان وهلال العيد
يكفي عند الحنابلة لإثبات دخول شهر رمضان شهادة العدل الواحد، ولا فرق عندهم بين أن يكون الجوّ صحواً أو غير ذلك، وهو عندهم خبر لا شهادة؛ فلا يشترط لفظ: (أشهد)، ومن أدلتهم خبر ابن عمر: (تراءَى النَّاسُ الهلالَ فأخبرتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ- أنِّي رأيتُه فَصامَه وأمر النَّاسَ بصيامِهِ)،[٧] فضلًا عن الاحتياط في العبادة.[٨]
ولا يشترط عندهم الذكورة ولا الحريّة في المُخبر، كما لا يشترط أن يحكم به حاكم بل يصوم كل من سمع برؤية الهلال من عدل، ولا تقبل شهادة مستور العدالة، أما هلال شوّال فلا يثبت دخوله إلا برؤية رجلين عدلين ويجب أن يكون قولهم بلفظ الشهادة.[٣]
قول المالكية في رؤية هلال رمضان وهلال العيد
أقل ما يجزئ للقول بدخول شهر رمضان ثبوت رؤيته من قبل رجلين مسلمين عدلين حرّين، فلا تكفي رؤية النساء؛ لأن ذلك مما يطلع عليه الرجال غالبًا، ولا رؤية العبيد، ولا عبرة عندهم لحالة السماء ولا باستفاضة الخبر، ولا التفات لما يقوله المنجّمون، وإن لم تثبت الشهادة برؤية هلال رمضان بالشروط المذكورة يكون دخول رمضان بإكمال عدّة شهر شعبان.[٩]
وإذا رأى شاهد واحد الهلال فإنّ ذلك يوجب عليه الصوم والفطر في حقّ نفسه، وكذلك في حقّ كل من يخبرهم ممّن لا اهتمام لهم بأمر الهلال،[٤] أما شهر شوال فيثبت بشهادة جماعة يؤمن تواطؤهم على الكذب، ويجزئ فيه أيضًا شهادة عدلين مقبوليّ الشهادة كما في إثبات دخول شهر رمضان.[٦]
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين ، كتاب مجلة مجمع الفقه الإسلامي/ الجزء 3، صفحة 412. بتصرّف.
- ↑ موافقي الأمين، الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف، صفحة 86. بتصرّف.
- ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، كتاب مجلة مجمع الفقه الإسلامي/ الجزء 3، صفحة 414. بتصرّف.
- ^ أ ب سعيد حوى، كتاب الأساس في السنة وفقهها، العبادات في الإسلام/ الجزء السادس، صفحة 2548. بتصرّف.
- ↑ البغوي، كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي/ الجزء 3، صفحة 149. بتصرّف.
- ^ أ ب وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي/ الجزء 3، صفحة 1651. بتصرّف.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:2342 ، سكت عنه - وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح.
- ↑ عبد الله الطيار، كتاب الفقه الميسر/ الجزء 3، صفحة 35. بتصرّف.
- ↑ القاضي عبد الوهاب، كتاب المعونة على مذهب عالم المدينة، صفحة 454. بتصرّف.