محتويات
مفهوم الفحص الطبي
الفحص في اللغة اسمٌ ويُجمع على فحوص، وفحوصات، وفَحَصَ الشيء: دقَّق النظر فيه وراجعه بتمعُّنٍ ليعلم كُنْهه، أما الفحص الطبّي في اللغة فيُراد به: عملية الكشف على جسم المريض لتشخيص مرضه أو لتحديد لياقته البدنيّة أو حالته الصحيّة، أما مفهوم الفحص الطبي في الاصطلاح فيُراد به: ما يقوم به الطبيب من فحصٍ للحالة الصحيّة للمريض، سواءٌ أكان هذا الفحص ظاهريًا؛ كملاحظة مظهر المريض وجسمه، أو السؤال عن علامات المرض وأعراضه، أو من خلال إجراء الطبيب فحصًا للجسم من خلال وضع يده على جسد المريض لكي يتحسس ما يدله إليه، أو من خلال إجراء فحوصات مخبرية، أو تصويرٍ لموضع الألم بالأشعة أو المناظير الطبية، أما في هذا المقال فسيتم تناول موضوع حكم الفحص الداخلي للصائمة، ومشروعية الفحص الطبي، والحكم الشرعي لكشف عورة المرأة للطبيب وشروطها.
هل يؤثر الفحص الداخلي للمرأة على صيامها
يرد تسائلٌ من العديد من النساء حول الأسباب التي تؤدي إلى إفساد الصيام في شهر رمضان المبارك، ومن ذلك ما يتعلق بالفحص الداخلي للمرأة أو ما يماثله مما يُدخل إل فرج المرأة من إصبع وعود ونحوه، و هل يؤثر الفحص الداخلي للصائمة على صيامها، للفقهاء رحمهم الله تعالى في ذلك أقوال وتفصيلات ومذاهب، وفيما يأتي بيان لذكر أقوال الفقهاء في مسألة هل يؤثر الفحص الداخلي للصائمة عل صيامها، وبيان ما استندوا عليه من أدلة في أقوالهم.[١]
فساد الصوم
ذهب جمهور العلماء إلى فساد صيام المرأة إذا وصل شيءٌ إلى فرجها، وقال بذلك علماء الحنفية والمالكية والشافعية وغالبية الحنابلة، ويرى الحنفية أن صيام المرأة يَفسُد إن وصل شيءٌ رطبٌ إلى فرجها لاحتمال وصول ذلك الشيء الرطب إلى الجوف، بينما لم يُفرِّق فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة فيما إن كان ذلك الشيء رطبًا أو جافًا، وقد صرَّح ابن نُجيم الحنفي باشتراط كون الداخل إلى فرج المرأة رطبًا حتى يكون صيامها فاسدًا، كما صرَّح بذلك من علماء المالكية الإمام الدسوقي، ويدخل في حكم الفحص الداخلي إدخال المنظار المهبلي، وإصبع الفحص الطبي فإدخاله مفسدٌ للصيام حيث يتم إدخاله إلى باطن الفرج هذا على رأي الجمهور، أما الحنفية فيكون مفطرًا عندهم إذا تم دخول المنظار المهبلي مع إضافة مواد دهنية مُليِّنة، ويدخل في حكم هذه الأمور أيضًا ما يُعرف بالغسول المهبلي، وإدخال التحاميل والمراهم، فهي عند أصحاب هذا القول مفطّرة وتفسد صيام المرأة وعلى المرأة قضاء اليوم الذي يكون فيه عملية فحصٍ داخلي، أو إدخالٌ للمنظار المهبلي، أو اصبع الفحص الطبي أو إدخالٌ للتحاميل والمراهم.[١] ورأي دائرة الإفتاء الأردنية موافق لهذا القول.[٢]
صحة الصوم
يرى بعض العلماء أن دخول شيءٍ إلى فرج المرأة أو قُبُلها لا يُؤثر في صحة صيامها وليس عليها القضاء، وإلى ذلك ذهب بعض علماء المالكية كالمسناوي لكون فرج المرأة غير متصلٍ بجوفها فلا ينفذ ما دخل فيه إلى جوفها فلا يؤثر على صحة صيامها، وإلى ذات الرأي ذهب الرحيباني من علماء الحنابلة وشبَّه ذلك بما يصل ظاهر الفم ولا ينفذ إلى الجوف فإنه كذلك لا يُفسد الصيام، وكذا الأمر بالنسبة لمنظار المهبل أو الرحم، أو إصبع الفحص الطبي، فهو عند أصحاب هذا القول غير مفطّر إذا لم يتجاوز المهبل أما إذا دخل إلى الرحم فإنه يُفطر، ويدخل في حكم الفحص الداخلي والمنظار المهبلي وإصبع الفحص الداخلي الغسول المهبلي والتحاميل والمراهم، فهي غير مفطرة عند أصحاب هذا القول، ولا تفسد صيام المرأة وصيامها صحيحٌ عندهم.[١]
مشروعية الفحص الطبي
بعد التعرف على موضوع حكم الفحص الداخلي للصائمة على صيامها، لا بد من التعرف على مشروعية الفحص الطبي، والحكمة من مشروعيته؛ فالفحص الطبّي من الأمور المشروعة التي يجري بها معرفة نوع المرض الجراحي ليتم علاجه، أما الحكمة من مشروعيته فهي كما يأتي:[٣]
- الفحص الطبي من لوازم الجراحة الطبية، وإذن الشريعة الإسلامية بفعل العملية الجراحية يتطلب الإذن بلوازم هذه الجراحة.
- تُعد الحاجة الضرورية إلى فعل العملية الجراحية شرطًا للقيام بهذه العملية، وهذا الشرط يتوقف على القيام بالفحص الطبي.
- يتضمن الفحص الطبي دفع المفسدة التي يتمثل هنا بالقيام بجراحة موهومة، كما أنّ دفع المفسدة من الأمور المعتبرة في الشريعة الإسلامية.
حكم كشف العورة للطبيب
بعد بيان حكم الفحص الداخلي للصائمة لا بد من ذكر مسألة حكم كشف العورة للطبيب فقد ذهب أصحاب المذاهب الفقهية في هذه المسألة إلى القول بجواز كشف عورة كل من الرجل أو المرأة للطبيب عند وجود حاجةٍ لذلك، كما ذهب الفقهاء أيضًا إلى أنّه يجوز للطبيب المسلم أن يداوي المريضة المسلمة الأجنبية عنه، كما يُباح عند الفقهاء نظر القابلة إلى فرج المرأة المسلمة وقت الولادة، أو إذا دعت لذلك حاجةٌ كمعرفة حالها من حيث البكارة أو نحوها، وحال عدم وجود طبيبةٍ مسلمةٍ يجوز للطبيب المسلم أن يداوي المسلمة المريضة الأجنبية عنه وأن ينظر إلى موضع التداوي منها ويلمسه بمقدار الحاجة، فإن لم يوجد طبيبٌ مسلمٌ بعد عدم وجود الطبيبة المسلمة لجأت المريضة جوازًا إلى الطبيب غير المسلم.[٤]
شروط كشف العورة للطبيب
بعد التعرف على على مسألة حكم الفحص الداخلي للصائمة على صيامها، وبيان أراء الفقهاء في ذلك، وبيان الحكم الشرعي في كشف العورة للطبيب، لا بدّ من بيان الشروط التي ذكرها الفقهاء لجواز كشف العورة للطبيب، وهذه الشروط كما يأتي:[٥]
- وجود حاجة ضرورية ومُلِحّة للعلاج كالمرض والألم ونحوه.
- أن يكون النظر بقدر الحاجة، فالطبيب ينظر فقط إلى موضع المرض.
- عدم وجود خلوة بين الرجل والمرأة في حالة اختلاف الجنس، فالحاجة تبيح النظر فقط.
- تعذر دفع الحاجة عند اللجوء إلى الجنس المشابه؛ فالرجل لا يعالج المرأة عند وجود مثلها.
- أن لا يكون الطبيب أو المعالج مشركًا إذا وجد طبيب مسلم، وتُقدّم الطبيبة الكافرة على الطبيب المسلم في علاج المرأة المسلمة.
- أن يكون الطبيب ذا خُلُق وأمانة.
وبهذا يكون المقال قد وصل إلى بيان حكم الفحص الداخلي للصائمة.
المراجع
- ^ أ ب ت عبد الرزاق الكندي، المفطرات الطبية المعاصرة دراسة فقهية طبية مقارنة، صفحة 344. بتصرّف.
- ↑ "أحكام الصيام"، ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-03-24. بتصرّف.
- ↑ محمد مختار الشنقيطي، أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها، صفحة 218. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 56، جزء 31. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الطيار، الفقه الميسر (الطبعة 12)، صفحة 120. بتصرّف.