هل يجوز إخراج زكاة الفطر عن شخص آخر
الحمد لله الذي جعل في كل عبادة طهارة تكمله ليزهر سلام الإيمان بطمأنينة الروح في قلب العبد، فجعل للصيام صدقة زكاةً للفطر تغسل التقصير وتسد خلل الطاعة رحمة منه للعباد باعثاً روح الايخاء فيه بين الناس وإسعادا للفقراء بسد فاقتهم، ووضع أحكاما لها تقضي بصلاح أحوال الناس.
زكاة الفطر
زكاة الفطر هي صدقة تخرج في رمضان وسميت زكاة؛ لأن فيها تنمية للمال، فتجعل الإنسان في عداد الكرماء فهي تنمية للخلق، وتنمية للمال؛ فكل مال يبذله المرء ابتغاء وجه الله، هو تنمية له، وتنمية للحسنات، فهي طهارة للنفس وإسعاداً الفقراء، وزكاة الفطر ليس لها علاقة بالمال، إذ ليس هناك مال حتى تجب فيه الزكاة، وإنما تجب في الذمة؛ ولأن تعلقها بالذمة أقوى من تعلقها بزكاة الأموال.
ورد عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنه: (فرضَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ زَكاةَ الفطرِ طُهْرةً للصَّائمِ منَ اللَّغوِ والرَّفثِ، وطُعمةً للمساكينِ، فمن أدَّاها قبلَ الصَّلاةِ فَهيَ زَكاةٌ مقبولةٌ، ومَن أدَّاها بعدَ الصَّلاةِ فَهيَ صدقةٌ منَ الصَّدقاتِ)،[١] فاقتضت حكمة الله أن يعطوا هذه الزكاة، لأجل أن يشاركوا الأغنياء في الفرح والسرور.[٢]
حكم زكاة الفطر
زكاة الفطر واجبة على كل مسلم كبيرا كان أو صغيرا حتى لو كان في المهد، غنيا أو فقيراً، حراً أو عبداً، وحتى المرأة التي نفست طوال الشهر؛ لأنها ستقضي ما قد أفطرته فيما بعد،[٣] فقد ورد عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: (فَرَضَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، علَى كُلِّ عَبْدٍ، أَوْ حُرٍّ، صَغِيرٍ، أَوْ كَبِيرٍ).[٤]
أحكام المسؤول عن زكاة الفطر
زكاة الفطر تجب على كل شخصٍ بنفسه، للرجل بنفسه والزوجة بنفسها والأم بنفسها وللأولاد بنفسهم، لقول الله -تعالى-: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)،[٥] ولما ذكر في الحديث من وجوبها على الصغير والكبير، فالفرض واجب على كل فرد دون غيره.[٦]
حكم إخراج زكاة الفطر عن العائلة
لكنه لعدم امتلاك الصغير المال، فإنه يتكلف بها المنفق عليهم، بل وتجب عليه، وتجب عليه في حال كان هو المنفق على زوجته أمه وأبيه، وعلى عبده؛ فالعبد مملوك للسيد لا يملك؛ فوجب عليه تطهيره.[٦]
حكم إخراج زكاة الفطر عن الزوجة الكافرة
وإن كان للمسلم زوجة كافرة أو عبد كافر فإنه لا يخرج الزكاة عنما؛ لفقدان أصل وجوب زكاة الفطر فيهما، لأنهما غيرا مسلمين.[٦]
حكم إخراج زكاة الفطر عمن يتم تموينهم كالرئيس في العمل
لا تجب عليه، بل عليهم إلا إذا كان من ضمن الأجرة كون النفقة عليه فتجب عليه.[٧]
حكم إخراج زكاة الفطر عمن لا تلزم فطرته
يجوز للمرء أن يخرج زكاة الفطر عن الغير الذي لا تلزمه فطرته، إذا رضي بهذا، فيجوز له إخراج زكاة الفطر عن أصدقائه إن رضوا بهذا، وتعسر حالهم عن إخراج زكاتهم، ويجوز للأب أن يخرج زكاة الفطر عن بناته المتزوجات إن رضين بهذا؛ لأن نفقتهن واجبة على أزواجهن، وغيرهم في حال رضي الموكل.[٨]
حكم إخراج زكاة الفطر عن الضيوف
فإنه إذا زار المرء ضيوفاً مكثوا عنده طوال الشهر، فلا تجب عليه نفقتهم على الصحيح، لأنه أنفق عليهم في شهر رمضان من باب الكرم والضيافة، وله أن يخرج زكاة الفطر عنهم إذا رضوا بهذا.[٩]
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في صحيح إبن ماجة، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1492، حسن.
- ↑ إبن عثيمين، الشرح الممتع على زاد المستقنع، صفحة 149. بتصرّف.
- ↑ إبن عثيمين، الشرح الممتع على زاد المستقنع، صفحة 153. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:984، صحيح.
- ↑ سورة فاطر، آية:18
- ^ أ ب ت إبن عثيمين، الشرح الممتع على زاد المستقنع، صفحة 155. بتصرّف.
- ↑ إبن عثيمين، الشرح الممتع على زاد المستقنع، صفحة 156. بتصرّف.
- ↑ محمد بن صالح المنجد، كتاب موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 2641. بتصرّف.
- ↑ إبن عثيمين، الشرح الممتع على زاد المستقنع، صفحة 156-157. بتصرّف.