هل يجوز الجمع بين الأضحية والعقيقة؟

كتابة:
هل يجوز الجمع بين الأضحية والعقيقة؟


الجمع بين الأضحية والعقيقة

تُعرف الأضحيّة بأنّها اسم لما يُذكى من النَّعم تقرباً إلى الله -تعالى- في أيام التشريق والنحر، ضمن شروط مخصوصة؛[١] وتُعرف العقيقة بأنّها الذبيحة التي تُذبح للمولود في اليوم السابع أو ما بعده شكراً لله -تعالى- على النعمة، ومن باب التوسعة على الأهل والضيوف والأقارب.[٢]


ومن هنا يتضحّ الفرق بين الذبيحيتن: الأضحيّة والعقيقة؛ فلكل منهما وقتٌ محددٌ، وسببٌ خاصٌ يتعلق بها؛ لهذا تعددت آراء أهل العلم في حكم الجمع بينهما؛ أي ذبح واحدة منهما وعزم النيّة على الأمرين، سواء أكان بذبح العقيقة في عيد الأضحى، والجمع بين نيّة العقيقة والأضحيّة، أو ذبح الأضحيّة في عيد الأضحى، والجمع بين نيّة الأضحيّة والعقيقة، وفيما يأتي بيان هذه الآراء:


لا تجزئ الأضحية عن العقيقة أو العكس

ذهب المالكيّة والشافعيّة، والإمام أحمد في رواية عنه -وعلى هذه الرواية أكثر الحنابلة-؛ إلى أنّ ذبح الأضحيّة لا يُجزئ عن العقيقة، كما أنّ ذبح العقيقة لا يُجزئ عن الأضحيّة؛ فلا يجوز عندهم الجمع بينهما.[٣]


لأنّ لكلٍ منهما سبباً مخصوصاً يختلف عن الآخر، فالأضحيّة فداء للنفس، والعقيقة فداء للمولود؛ فلا يصحّ أن يقوم السبب الواحد عن كلتا الذبيحتين، قياساً على عدم جواز الجمع بين دم التمتع في الحجّ، ودم الفديّة عند إتيان المحظور.[٣]


إضافةً إلى أنّ المقصود من تشريع كل من الأضحيّة والعقيقة إراقة الدم، فلا تقوم إراقة واحدة عن إراقتين، ولا يمكن القول -بحسب رأيهم- أنّ هذه المسألة مشابهة لجمع نيّة الغسل بين الجمعة والعيد، وبين نيّة سنة الظهر والعصر؛ لأنّ مسألة الجمع بين العبادات من الأمور التي تعددت أيضاً فيها الآراء، فأجازها من أجازها، ومنعها من منعها.[٣]


تجزئ الأضحية عن العقيقة أو العكس

ذهب الحنفيّة والإمام أحمد في رواية أخرى عنه؛ إلى أنّ الأضحيّة تُجزئ عن العقيقة، وأنّ العقيقة كذلك تُجزئ عن الأضحيّة؛ فيجوز الجمع بينهما بإراقة واحدة، وذبح واحد؛ وذلك لأنّ القصد من كلتا الذبيحتين التقرب إلى الله -تعالى- بالذبح، فيجوز إدخال إحداهما على الأخرى، قياساً على أنّ تحيّة المسجد تدخل في صلاة الفريضة لمن دخل المسجد على وقت الفريضة مباشرةً.[٤]


كما قاسوا ذلك على من صلى بعد الطواف صلاة الفريضة أو صلاة سنة الفريضة؛ أجزأه ذلك عن ركعتي الطواف، فدخلت إحداهما على الأخرى، فالأصل في العبادة عند الذبح التقرب لله -تعالى- سواء بفداء النفس أو المولود أو نحوهما من الأسباب؛ لذا جاز عندهم الجمع بين الأضحيّة والعقيقة.[٤]


الجمع بين الأقوال

ذهب بعض أهل العلم إلى الجمع بين القولين السابقين -بين الإجزاء وعدمه-؛ فقالوا إنّ المسلم إذا كان قادراً مستطيعاً، عنده الفائض عن حاجته، وحاجة أهل بيته؛ كان الفصل بين الأضحيّة والعقيقة له أفضل، وأكمل وأحسن؛ وفي ذلك زيادة أجر له؛ لما يكون من حق الفقراء والمساكين في كل ذبيحة؛ فيعمّ الخير والبركة على عدد أكبر.[٥]


أمّا من كانت قدرته محدودة جاز له الجمع بين الأضحيّة والعقيقة،[٥] وأضاف آخرون أنّ العقيقة والأضحيّة إن كانتا عن الصغير جاز الجمع بينهما،[٦] كما نبّهوا إلى أنّ الأضحيّة أوجب وأوكد من العقيقة؛ فيجوز أيضاً تقديمها على العقيقة، لا سيما إذا تقدّم وقتها على وقت العقيقة.[٥]

المراجع

  1. صالح السدلان، رسالة في الفقه الميسر، صفحة 94. بتصرّف.
  2. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2745، جزء 4. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت حسام الدين عفانة، المفصل في أحكام العقيقة، صفحة 127-129. بتصرّف.
  4. ^ أ ب حسام الدين عفانة، المفصل في أحكام الأضحية، صفحة 105-106. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 20471، جزء 11. بتصرّف.
  6. محمد صالح المنجد، الإسلام سؤال وجواب، صفحة 4507، جزء 5. بتصرّف.
4712 مشاهدة
للأعلى للسفل
×