هل يعد التوحد مرضًا وراثيًا؟

كتابة:
هل يعد التوحد مرضًا وراثيًا؟

مرض التوحد

يُعرف مرض التوحد أيضًا باسم اضطراب طيف التوحد (ASD)، وهو اضطراب عصبي معقّد، يبدأ مع الطفل منذ الولادة، وعادةً ما تُشخّص حالة الطفل قبل بلوغه عمر ثلاث سنوات، إذ تبدأ الأعراض بالظهور في عمرٍ مبكر، إلّا أن بعض التأثيرات قد لا تظهر حتى سن المراهقة.

يتسبّب مرض التوحد بمجموعة كبيرة من الاضطرابات السلوكية والتعلّمية والاجتماعية، وتتراوح هذه الأعراض والاضطرابات في شدّتها، فيمكن أن تكون اضطرابات بسيطةً يستطيع المصاب التعايش معها والعيش حياةً طبيعيةً تقريبًا وأكثر استقلاليةً، إلّا أنّها قد تُسبّب عجزًا واضطرابات خطيرةً وحياة اجتماعيةً مضطربةً، هذه الحالات تتطلّب الرعاية الخاصّة في المراكز والمنشآت الخاصة بالتعامل مع مصابي التوحد.

ما يُثير الانتباه زيادة عدد الأطفال الذين شُخصوا بإصابتهم بالتوحد في الآونة الأخيرة، لكن هذا لا يعني أن المرض انتشر بين الأطفال، لكن الأساليب المتّبعة لتشخيص اضطراب التوحد قد تغيّرت وأصبحت تشمل اضطرابات عصبيةً أخرى، مثل: متلازمة أسبرجر، واضطراب التفكّك في مرحلة الطفولة، إضافةً إلى الاضطرابات النمائية المنتشرة التي لم تُشخّص ضمن اضطراب معيّن.[١][٢]


هل يعد التوحد مرضًا وراثيًا؟

ظلّ هذا السؤال محطّ اهتمام الكثير من الأطباء والعلماء لسنواتٍ طويلة، إلى أن أثبتت العديد من الدراسات تأثير الكثير من الجينات الوراثية في الإصابة بمرض التوحد، فقد تمّت دراسة أعداد كبيرة من الجينات ووُجِدَ أنّ الطفرات الوراثية في عدد كبير من هذه الجينات تتسبب بمرض التوحد بطريقةٍ مباشرة، في حين قد تُسبب الطفرات في بعض الجينات ما يُسمّى الاستعداد الوراثي لمرض التوحد.

يمكن تحديد احتمالية الإصابة بمرض التوحد بناءً على وجود الطفرات الجينيّة إلى جانب العوامل البيئية، كعمر الأم عند الحمل، وحدوث مشكلات أثناء ولادة الطفل، وقد بيّنت الأبحاث أنّ عددًا من هذه الطفرات قد تكون وراثيةً وتنتقل من الآباء إلى الأبناء، لكن ما يزال نمط الوراثة غير معروف، فالأشخاص الذين لديهم تغيرات جينيّة تترافق عادةً مع الإصابة بالتوحد لديهم خطر أكبر للإصابة بهذه المشكلة.[٣]


محفزات الإصابة بالتوحد وعوامل الخطر

إضافةً إلى الطفرات الجينية والعوامل الوراثية توجد مجموعة من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بمرض التوحد، من ضمنها:[٤]

  • الإصابة ببعض الاضطرابات الوراثية، مثل متلازمة X الهشة.
  • تاريخ سابق من العدوى الفيروسية.
  • أن يولد الطفل لأبوين كبيرين سنًا.
  • انخفاض الوزن عند الولادة.
  • اضطرابات التمثيل الغذائي.
  • التعرّض للمعادن الثقيلة والسموم البيئية.
  • تعرّض الجنين لبعض الأدوية، كأدوية حمض الفالبرويك، أو ثاليدومايد.


ما هي أعراض مرض التوحد؟

يؤثّر مرض التوحد في نمو الطفل، وسلوكياته، وحياته الاجتماعية، وطريقة تفاعله مع الأشياء المحيطة ومع الآخرين، لتتمثّل هذه التأثيرات بظهور بعض السلوكيات والمشكلات المتنوعة، بما في ذلك:[١][٢]

  • قلة الكلام لدى الطفل أو حتى إطلاق الأصوات كغيره من الأطفال في مرحلة الطفولة المبكّرة.
  • التطوّر المتأخّر لمهارات الكلام.
  • تجنّب التواصل البصري مع الآخرين.
  • ضعف التواصل السمعي مع الآخرين، وعدم الاستجابة عند مناداتهم بأسمائهم.
  • عدم النظر إلى الأشياء عند الإشارة إليها من قِبَل شخصٍ آخر.
  • صعوبة واضحة في فهم مشاعر الآخرين، بالإضافة إلى صعوبة التعبير عن مشاعرهم الخاصة.
  • اعتماد أنماط الكلام غير المعتادة، مثل استخدام نغمة حديث تُشبه الروبوت.
  • صعوبة البدء بالحديث مع الآخرين، أو الحفاظ على المحادثة.
  • مشكلات في فهم الكلام واستخدامه، أو الإيماءات، أو تعابير الوجه، أو نغمة الصوت.
  • تكرار بعض الكلمات أو العبارات.
  • تكرار بعض السلوكيات أو الحركات، كالتأرجح ذهابًا وإيابًا.
  • الانشغال مدة طويلة بأشياء بسيطة، كألعاب الأطفال، أو الأدوات المنزلية.
  • حساسية عالية للأصوات، أو اللمس، أو الروائح، أو المشاهد الطبيعية التي تبدو عادية للآخرين.
  • الاهتمام العميق بموضوعٍ ما، كالسيارات، أو جداول المواعيد، أو الطائرات.
  • ترتيب الألعاب أو الأشياء بطرق منظمة للغاية.
  • قدرات استثنائية في بعض المجالات، مثل: العزف على آلة موسيقية، أو حساب أرقام معقّدة بسرعة عالية، أو قراءة صفحتين من الكتاب في وقتٍ واحد، أو القدرة على حفظ كميات هائلة من المعلومات.
  • صعوبة التكيّف مع التغيرات في الروتين، وسيطرة مشاعر الحزن والغضب عند إحداث أي تغيير على الروتين الذي يعتاد عليه، حتى وإن كان التغيير بسيطًا جدًا.
  • مشكلات في التوازن أو الحركة.


كيف يتم تشخيص مرض التوحد؟

لا توجد فحوصات طبية أو مخبرية لتشخيص حالات التوحد، إذ يكون التشخيص من خلال مراقبة سلوك الطفل ومراجعته، وتطوّره، وحياته الاجتماعية، وغيرها من السلوكيات، وغالبًا ما تُشخّص حالات الإصابة اعتمادًا على عمر المصاب.[٢]


الأطفال الصغار

تشخيص الحالات لدى الأطفال الصغار يتمّ على مرحلتين، هما:[٥]

  • المرحلة الأولى: الفحص التنموي العام أثناء إجراء فحوصات صحة الطفل الروتينية، التي غالبًا ما تكون بين 9 و18 و24 أو 30 شهرًا، ويتضمّن ذلك الاستفسار عن سلوكيات الطفل، وجمع الإجابات ومقارنتها مع أدوات فحص مرض التوحد، بالإضافة إلى التركيز على الأطفال الذين لديهم استعداد وراثي، أو أي أمراض وراثية، أو الذين ولدوا بوزن منخفض جدًا.
  • المرحلة الثانية: هي مرحلة التقييم الإضافي للأطفال الذين ظهرت عليهم بعض المشكلات في النمو في المرحلة الأولى، والتي يُشرف عليها مجموعة من الأطباء والاختصاصيين، وتتضمّن هذه المرحلة تقييم المستوى المعرفي أو مهارات التفكير، والقدرات اللغوية، والمهارات المناسبة للعمر اللازمة لإكمال الأنشطة اليومية بصورة مستقلة، مثل: الأكل، وارتداء الملابس.
  • فحوصات إضافية: يمكن إجراء بعض الفحوصات الإضافية بما في ذلك تحاليل الدم واختبار السمع لتأكيد التشخيص، وتحديد العلاج المناسب.


الأطفال الأكبر سنًا والمراهقون

غالبًا ما تُعرف أعراض التوحد لدى الأطفال الأكبر سنًا والمراهقين الذين يذهبون إلى المدرسة من قِبل أولياء الأمور والمعلمين في المدرسة، ثم تُقيّم الحالة تقييمًا أوليًّا من قِبل فريق الرعاية الصحية الخاص بالمدرسة إن وُجد، ليتحدث الآباء بعد ذلك مع الاختصاصيين حول الصعوبات الاجتماعية التي يُعاني منها الطفل، بما في ذلك مشكلات التواصل، أو السلوكيات الغريبة، وغيرها من الاضطرابات التي قد تدل على الإصابة بمرض التوحد.[٥]


البالغون

غالبًا ما يكون تشخيص مرض التوحد لدى البالغين أكثر صعوبةً من تشخيصه لدى الأطفال، فقد تتداخل بعض أعراضه مع أعراض اضطرابات الصحة العقلية الأخرى، مثل: القلق، أو اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، ويتضمّن التشخيص لدى البالغين تقييم حياة الفرد من جميع النواحي، بما في ذلك التفاعل الاجتماعي وتحديات الاتصال، والقضايا الحسية، والسلوكيات المتكررة، بالإضافة إلى تقييم تاريخ نمو الفرد، والمشكلات التي قد تعرّض لها في حياته.[٥]


كيف يتم علاج مرض التوحد؟

يُنصح جميع الآباء الذين لديهم أي شكوك حول سلوكيات طفلهم بمراجعة الطبيب المختص في أقرب وقت ممكن لتشخيص الحالة والبدء بالعلاج في الوقت المناسب؛ لمنع تفاقم التأثيرات وزيادة الاضطرابات، وتجدر الإشارة إلى أن لا يوجد علاج نهائي لمرض التوحد، إنما تتوفّر العديد من الطرق العلاجية لمواجهة المرض وتخفيف أعراضه ورفع المستوى السلوكي والوظيفي للمصابين، بالإضافة إلى زيادة قدراتهم العقلية والمعرفية والاجتماعية.

تختلف الطرق العلاجية المتبعة للتعامل مع المرضى باختلاف حالة المصاب والأعراض التي يعاني منها، وغالبًا ما يستفيد الكثير من المصابين من استراتيجيات العلاج المتبعة، لا سيّما في حال كانت التدخّلات العلاجية قد تمت بطريقة صحيحة ومناسبة لاحتياجات المصاب ومتطلباته وفي وقتٍ مبكّرٍ من عمره، وقد يتضمن علاج المرض واحدًا أو أكثر من الاستراتيجيات العلاجية، بما في ذلك: [٦]

  • العلاج السلوكي.
  • العلاج السلوكي المعرفي.
  • العلاج التربوي والمدرسي.
  • العلاجات الدّوائية.
  • العلاج الغذائي.
  • العلاج الوظيفي.
  • العلاج المشترك.
  • التدريب على المهارات الاجتماعية.
  • علاج النّطق واللغة.


المراجع

  1. ^ أ ب "Autism", webmd, Retrieved 2020-6-17. Edited.
  2. ^ أ ب ت Rachel Nall (2018-11-23), "What to know about autism"، medicalnewstoday, Retrieved 2020-6-17. Edited.
  3. "Autism spectrum disorder ", ghr, Retrieved 2020-6-17. Edited.
  4. Kristeen Cherney ,Jill Seladi-Schulman (2019-3-7)، "Everything You Need to Know About Autism"، healthline, Retrieved 2020-6-17. Edited.
  5. ^ أ ب ت "Autism Spectrum Disorder", nimh, Retrieved 2020-6-17. Edited.
  6. "What are the treatments for autism? ", nichd, Retrieved 2020-6-17. Edited.
4445 مشاهدة
للأعلى للسفل
×