واجبات وشروط الصلاة

كتابة:
واجبات وشروط الصلاة
قَسَّمَ جُمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية أفعال الصلاة إلى قسمين: الواجبات والسُّنن، وقسَّم الحنابلةُ أفعال الصلاة إلى ثلاثة أقسام هي: الأركان والواجبات والسنن، فالواجبات عند الجمهور هي ذاتها الأركان، أما الواجبات عند الحنابلة فهي تُقابل السنن عند الجمهور، فتَركُهَا عَمداً لا يُبطلُ الصلاةَ عند الجمهور، أما عند الحنابلة فهو يُبطلها،[١] وفيما يأتي بيان واجبات الصلاة بحسب تصنيف الحنابلة، وبيانُ شروط الصلاة عموماً.


واجبات الصلاة

الواجب في الصلاة: هو ما يُثاب فاعله ويُعاقب تاركه، وتبطل الصلاة بترك واجب من واجباتها عمدًا، ويَسقُطُ الواجبُ سهوًا وجهلًا، ويُجبَرُ بسجودِ السهو إذا كان المُصلِّي مُنفردًا أو إمامًا، أما إذا كان مَأمومًا فيتحمَّلُ الإمامُ الواجبَ عنه،[٢] وأما الشرط: فيُقصدُ به ما يَلزم من عدم تحققه عدمُ صحة العبادة، فالطهارة مثلًا شرطٌ لتصحَّ الصلاة، فإذا فُقِد الشرط بطلت الصلاة ولم تصح،[٣] وفي السطور الآتية بيانٌ لواجبات وشروط الصلاة بالتفصيل، وواجبات الصلاة ثمانيةٌ، بيانها فيما يلي:[٤]

الواجب الأول: تكبيرات الانتقال بين أركان الصلاة

وذلك بقول: الله أكبر عند انتقال المصلي من ركن إلى ركن عدا تكبيرة الإحرام؛ وذلك لأن تكبيرة الإحرام ركنٌ من أركان الصلاة، فإن أراد الانتقال من القيام إلى الركوع قال: الله أكبر، وإن أراد أن ينتقل من السجود إلى الجلوس بين السجدتين قال: الله أكبر، وهكذا يفعل بين جميع الأركان، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّما جُعِلَ الإمامُ لِيُؤْتَمَّ به، فإذا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا).[٥][٦]

الواجب الثاني والثالث: التسميع والتحميد

ويقصد بالتسميع قول: سمع الله لمن حمده دون أي زيادةٍ أو نقصانٍ، وذلك عند الرفع من الركوع للإمام والمنفرد، لأنّه ذكرٌ توقيفي، وأمَّا التحميد فقول: ربنا ولك الحمد، وذلك عندما يستتم قائمًا بعد الرفع من الركوع، ويتلفظ به الجميع: الإمام والمأموم والمنفرد؛ لقولِ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (إنَّما جُعِلَ الإمامُ لِيُؤْتَمَّ به، فإذا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وإذا رَكَعَ فارْكَعُوا، وإذا قالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ، فَقُولوا: اللَّهُمَّ رَبَّنا لكَ الحَمْدُ).[٥][٧]

الواجب الرابع والخامس: التسبيح في الركوع وفي السجود

أي قولُ: سبحانَ ربي العظيم في الركوع، فعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-: (أن النبي كان يقولُ في رُكوعِه: سُبحانَ رَبِّيَ العَظيمِ).[٨] وقول: سبحان ربي الأعلى في السجود، فعن حُذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-: (أن النَّبيَّ كان يقولُ في رُكوعِه: سُبحانَ رَبِّيَ العَظيمِ. وفي سُجودِه: سُبحانَ رَبِّيَ الأعلى).[٨][٩]

الواجب السادس: سؤال الله المغفرة بين السجدتين

فيقول: ربِّ اغفر لي في جلوسه بين السجدتين، ويسنُّ تكرارها ثلاثًا، وذلك أيضًا لما جاء في حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-: (أنَّ النَّبيَّ كان يقولُ بين السَّجدَتينِ: رَبِّ اغفِرْ لي، رَبِّ اغفِرْ لي).[١٠][١١]

الواجب السابع والثامن: التشهد الأول والجلوس للتشهد الأول

ويُقصد بذلك: الجلوس للتشهد الأول بعد الرفع من السجدة الثانية من الركعة الثانية، ثم قراءة التشهد، ودليل ذلك ما ورد في الحديث الصحيح عن عبد الله بن مالك -رضي الله عنه- أنَّه قال: (صَلَّى لَنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَكْعَتَيْنِ مِن بَعْضِ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ قَامَ، فَلَمْ يَجْلِسْ، فَقَامَ النَّاسُ معهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ ونَظَرْنَا تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وهو جَالِسٌ، ثُمَّ سَلَّمَ)،[١٢] ففِعلُ النبيِّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- بأنْ سَجَد سجود سهوٍ ولم يرجع للتشهُّد، دليل على أنَّ التشهدَ والجلوسَ له واجبٌ من واجباتِ الصلاة وليس ركنًا من أركانها.[١٣]

شروط الصلاة

للصَّلاة شروطٌ لا تصح إلا بها، وقد قسمها بعض العلماء إلى شروط وجوب وشروط صحة، وفيما يأتي بيانها على سبيل الإجمال:[٣][١٤]

  • الإسلام: فالإسلام شرطٌ لصحة الصَّلاة وقبولها، كما في سائر العبادات، فلا تُقبل الصَّلاة من الكافر، قال -تعالى-: {ما كانَ لِلمُشرِكينَ أَن يَعمُروا مَساجِدَ اللَّـهِ شاهِدينَ عَلى أَنفُسِهِم بِالكُفرِ أُولـئِكَ حَبِطَت أَعمالُهُم وَفِي النّارِ هُم خالِدونَ}.[١٥]
  • العقل: فلا تقبل صلاة المجنون والسكران؛ وذلك لأنهما لا يعقلان الصَّلاة، ودليلُ ذلك قوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (رُفِعَ القلَم ُعَن ثلاثةٍ عن النَّائمِ حتَّى يَستيقظَ وعنِ الصَّغيرِ حتَّى يكبُرَ وعنِ المَجنونِ حتَّى يعقِلَ أو يفيقَ).[١٦]
  • التمييز: وهو ضد الصِّغَر، فيُؤمرُ بالصَّلاة ابن سبع سنين على سبيل التعويد لا الوجوب؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: (مُروا أبناءَكم بالصلاةِ لسبعٍ واضرِبوهم عليها لعشرٍ وفرقوا بينَهم في المضاجعِ).[١٧]
  • دخول الوقت: وهو من أهم شروط صحة الصَّلاة، وقد أجمع العلماء على بطلان الصَّلاة قبل دخول وقتها، ودليل ذلك قوله -تعالى- في سورة النساء: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا}.[١٨][١٩]
  • الطهارة: وذلك برفع الحدثين الأصغر والأكبر، والحدث الأصغر: كل ما يُوجب الوضوء، كالخارج من السبيلين وغيره من النواقض، أما الحدث الأكبر: فهو كل ما يوجب الغُسْل كالجنابة والحيض، ويدخل في هذا الشرط؛ الطهارة من النجاسة، فيتجنب المُصلي النجاسةَ في الثوب والبدن والمكان.[١٩]
  • استقبال القبلة: فيتجه في صلاته نحو القبلة، وهي بيت الله الحرام في مكة المكرمة؛ لقوله -عزَّ وجلَّ- في سورة البقرة: {مِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا اللَّـهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}.[٢٠]
  • سترُ العورة: فإذا انكشفت عورة المصلي في الصَّلاة، بَطلت صلاته، ودليل ذلك قوله -تعالى-: {يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ}.[٢١][١٩]
  • النيَّة: فالأصل بالأعمال النية، فمن صلَّى دون نيةٍ بطلت صلاته؛ وذلك لقول النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (إنما الأعمالُ بالنياتِ وإنما لكلِّ امرئٍ ما نَوَى).[٢٢][١٩]

المراجع

  1. إسلام ويب (13/4/2010)، "أدلة الفقهاء في أركان الصلاة وواجباتها وشروطها"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 9/1/2022. بتصرّف.
  2. [محمد المختار الشنقيطي]، كتاب شرح زاد المستقنع للشنقيطي، صفحة 1-3. بتصرّف.
  3. ^ أ ب [عبد المحسن العباد]، كتاب شرح شروط الصلاة وأركانها وواجباتها لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، صفحة 4-8. بتصرّف.
  4. [محمد المختار الشنقيطي]، كتاب شرح زاد المستقنع للشنقيطي، صفحة 1-8. بتصرّف.
  5. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:417، صحيح.
  6. محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 3. بتصرّف.
  7. [محمد المختار الشنقيطي]، كتاب شرح زاد المستقنع للشنقيطي، صفحة 4-5. بتصرّف.
  8. ^ أ ب رواه الألباني ، في إرواء الغليل، عن حذيفة بن اليمان ، الصفحة أو الرقم:333، صحيح.
  9. [محمد المختار الشنقيطي]، كتاب شرح زاد المستقنع للشنقيطي، صفحة 6. بتصرّف.
  10. رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم:335، صحيح.
  11. [محمد المختار الشنقيطي]، كتاب شرح زاد المستقنع للشنقيطي، صفحة 7. بتصرّف.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مالك بن بحينة، الصفحة أو الرقم:1224، صحيح.
  13. [محمد المختار الشنقيطي]، كتاب شرح زاد المستقنع للشنقيطي، صفحة 8. بتصرّف.
  14. [محمد المختار الشنقيطي]، كتاب شرح زاد المستقنع للشنقيطي، صفحة 2. بتصرّف.
  15. سورة التوبة، آية:17
  16. رواه الألباني ، في صحيح ابن ماجه، عن عائشة أم المؤمني، الصفحة أو الرقم:1673، صحيح.
  17. رواه ابن باز ، في مجموع فتاوى ابن باز، عن جد عمرو بن شعيب ، الصفحة أو الرقم:184/7، صحيح.
  18. سورة النساء، آية:103
  19. ^ أ ب ت ث مجموعة من العلماء (27\10\2007)، "شروط صحة الصلاة"، إسلام سؤال وجواب ، اطّلع عليه بتاريخ 24/12/2021. بتصرّف.
  20. سورة البقرة، آية:149
  21. سورة الأعراف، آية:31
  22. رواه الألباني ، في غاية المرام، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:14، صحيح.
2815 مشاهدة
للأعلى للسفل
×