محتويات
وصاية النبي بالأنصار
لماذا أوصى رسول الله بالأنصار؟
أوصى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم بالأنصار قبل وفاته، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ أبا بكرٍ والعبّاس -رضي الله عنهم- قد مرّوا بمجلس من مجالس الأنصار، فوجدوهم يبكون، فأخبروهم أنّهم تذكروا مجلس رسول الله وكان الرسول وقتها في فترة مرضه، فأخبروا رسول الله بذلك، فخرج وهو يعصب رأسه وصعد المنبر وكانت آخر مرّة يصعد فيها المنبر وقتذاك، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: "أُوصِيكُمْ بالأنْصَارِ، فإنَّهُمْ كَرِشِي وعَيْبَتِي، وقدْ قَضَوُا الذي عليهم، وبَقِيَ الذي لهمْ، فَاقْبَلُوا مِن مُحْسِنِهِمْ، وتَجَاوَزُوا عن مُسِيئِهِمْ"،[١] ومعنى "كرشي وعيبتي"، أي: بطانتي وخاصتي.[٢]
حسن الظن بالله تعالى
حسن الظن بالله تعالى هو أحد وصايا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- والدليل قول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: "سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قَبْلَ مَوْتِهِ بثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يقولُ: لا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهو يُحْسِنُ الظَّنَّ باللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ"،[٣] فهذا يبيّن أهمية إحسان الظن بالله تعالى فهو سبيل لاستقامة العمل وصلاح الحال، وقد وردت أحاديث قدسية تحثّ على حسن الظن بالله، كما أنّ محبّة الإنسان للقاء الله تعالى وطمعه في رحمته وثوابه مع التزامه بشرعه هو سبيل النجاة والفوز، وهو المعنى الحقيقي لحسن الظن بالله تعالى.[٤]
الصلاة
كيفية تنفيذ وصية رسول الله بالصلاة؟
بيّن رسول الله أهمية أداء الصلاة على أكمل وجه، حتّى إنّها كانت من آخر وصاياه وظلّ يُردّدها وهو يغرغر؛ وذلك خير دليل على عظمة الصلاة ووجوب الالتزام بها اتباعًا لأمر الله وتنفيذًا لوصية رسوله، والدليل على ذلك؛ قول أم سلمةرضي الله عنها: "كان من آخرِ وصيَّةِ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- الصلاةَ الصلاةَ وما ملكَتْ أيمانُكم حتى جعل نبيُّ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يُلَجْلِجُها في صدرِه وما يفيضُ بها لسانُه"،[٥] الرقم كامل 7/238 وهذا الحديث يدلّ على وجوب الحرص على الصلاة والاهتمام بشأنها من خلال التبكير إليها والالتزام بها والحث عليها.[٤]
ما ملكت أيمانكم
ماذا تعني وصية رسول الله بما ملكت أيمانكم؟
دلّت الأحاديث التي رُويت في وصاية رسول الله بالصلاة على أنّه أوصى كذلك بما ملكت أيمانكم، وقَرَن هذه الوصية بوصيته بالصلاة، ومن هذه الأحاديث قول أنس بن مالك: "كانت عامَّةُ وَصيَّةِ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- حين حضَرَه الموتُ: الصلاةَ وما ملَكَتْ أيمانُكم، الصلاةَ وما ملَكَتْ أيمانُكم، حتى جعَلَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُغَرغِرُ بها صَدرُه، وما يَكادُ يَفيضُ بها لِسانُه"،[٦] ولكنّ العلماء اختلفوا في مراد رسول الله من هذه الوصية.[٧]
فقال بعضهم أراد بها الإحسان إلى الرقيق والعبيد ومن هم في ملكهم ورحمتهم والتخفيف عنهم، وقال آخرون إنّ المراد هو القيام بحقوق الزكاة وإخراجها من الأموال التي تملكها الأيدي، وقال التوربشتي إنّ الأظهر هو كون هذه الوصية بالمماليك، ودلالة اقترانها بالصلاة لحصول العلم بمدى أهمية القيام بأمرهم وقضاء حوائجهم من الكسوة والطعام، وأنّ ذلك واجب كوجوب الصلاة على العبد، كما ضمّ بعض أهل العلم البهائم التي هي في ملك الإنسان إلى المماليك في وجوب رعايتها والإحسان إليها، فهذه الوصية تبيّن مدى شفقة رسول الله ورحمته بالضعفاء وأصحاب الحاجات.[٧]
إخراج المشركين من جزيرة العرب
ما هي حدود جزيرة العرب التي يجب إخراج المشركين فيها؟
أوصى رسول الله قبل وفاته بإخراج المشركين من جزيرة العرب؛ والدليل قول سعيد بن جبير رحمه الله: إنّ ابن عبّاس تذّكر يوم الخميس فبكى فاستفهمه عن سبب بكائه فأخبره أنّ رسول الله قد اشتدّ وجعه في ذلك اليوم وطلب من الصحابة أن يكتب لهم كتابًا، ولكنّ الصحابة تنازعوا فيما بينهم، فعدل رسول الله عن الكتابة، وقال:"دَعُونِي فَالَّذِي أَنَا فيه خَيْرٌ، أُوصِيكُمْ بثَلَاثٍ: أَخْرِجُوا المُشْرِكِينَ مِن جَزِيرَةِ العَرَبِ، وَأَجِيزُوا الوَفْدَ بنَحْوِ ما كُنْتُ أُجِيزُهُمْ. قالَ: وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ، أَوْ قالَهَا فَأُنْسِيتُهَا"،[٨] ولكنّ العلماء اختلفوا في الأماكن التي يجب إخراج المشركين منها.[٩]
حيث إنّهم اتفقوا على عدم إقرار المشركين في بلاد الحجاز ووجوب منعهم من السكنى فيها، وبلاد الحجاز تضم: مكة والمدينة ومخاليفها، ولكنّهم اختلفوا في عدا ذلك من الجزيرة العربية كاليمن، فقال الحنفية والمالكية إلى وجوب إخراجهم من جزيرة العرب كلّها، وقال الشافعية والحنابلة أنّ الحجاز فقط هي من يُمنع المشركين من سكناها أمّا باقي الجزيرة كاليمن فلا بأس بإبقاء المشركين ممّن تُقبل منهم الجزية فيها، وقد روي أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه، هو من أجلى اليهود والنصارى عن أرض الحجاز.[٩]
إكرام الوفود
ما معنى إكرام الوفود؟
إكرام الضيف هو خُلق إسلامي رفيع وصلت أهميته لحد اقترانه بالإيمان بالله تعالى، وممّا يندرج تحت هذا المعنى إكرام الوفود، وقد أوصى رسول الله بذلك قبل موته، حيث قال: "وَأَجِيزُوا الوَفْدَ بنَحْوِ ما كُنْتُ أُجِيزُهُمْ"،[٨] والوفد هم الذين يأتون إلى بلاد الإسلام، ويجب تكريمهم ومعاملتهم معاملة حسنة،[١٠] ومعنى إجازتهم أي تقديم الجائزة لهم.[١١]
عدم بناء المساجد على القبور
ما سبب وصية رسول الله بعدم بناء القبور على المساجد؟
دلّت الأحاديث الصحيحة على تحذير رسول الله من بناء المساجد على القبور، وقد ظلّ يُحذّر من هذا الفعل حتّى كانت هذه إحدى وصاياه قبل مماته، حيث قالت السيّدة عائشة وابن عبّاس رضي الله عنهم: "لَمَّا نُزِلَ برَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً له علَى وجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عن وجْهِهِ، فَقالَ: وهو كَذلكَ لَعْنَةُ اللهِ علَى اليَهُودِ والنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مِثْلَ ما صَنَعُوا"،[١٢] وقد بيّن أهل العلم سبب نهي رسول الله عن بناء المساجد على القبور بكون ذلك هو ذريعة وسبب قد يؤدّي إلى العبادة، كما هو الحال في عبادة الأصنام.[١٣]
كيف كان موت الرسول عليه السلام؟
لفظ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- آخر أنفاسه في حجر أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فبعد أن أسندته إليها وأخذت تُليّن له السّواك الذي أحبّ، وما إن فرغ من السّواك سمعته يقول: "اللَّهمَّ اغفِرْ لي وارحَمْني وألحِقْني بالرَّفيقِ الأعلى"،[١٤] ثمّ فاضت روحه الشّريفة إلى بارئها ولحق بالرفيق الأعلى مع الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون.[١٥]
ولمّا علم المسلمون وفاته اضطربوا اضطرابًا شديدًا، وقد شهد التّاريخ وقفة أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- المشهورة التي وردت في الحديث المطوّل: "فَحَمِدَ اللَّهَ أبو بَكْرٍ وأَثْنَى عليه، وقَالَ: ألا مَن كانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فإنَّ مُحَمَّدًا قدْ مَاتَ، ومَن كانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فإنَّ اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ، وقَالَ: {إنَّكَ مَيِّتٌ وإنَّهُمْ مَيِّتُونَ}، وقَالَ: {وَما مُحَمَّدٌ إلَّا رَسولٌ قدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفَإنْ مَاتَ أوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ علَى أعْقَابِكُمْ ومَن يَنْقَلِبْ علَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شيئًا وسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}"،[١٦]وكانت وفاته يوم الاثنين في الثاني عشر من ربيع الأوّل في السنة الحادية عشر للهجرة.[١٥][
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:3799، حديث صحيح.
- ↑ ابن حجر العسقلاني، كتاب فتح الباري لابن حجر، صفحة 121. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:2877، حديث صحيح.
- ^ أ ب سلمان العودة، دروس للشيخ سلمان العودة، صفحة 11-13. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:238، حديث إسناده صحيح إن شاء الله تعالى.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:12169، حديث صحيح.
- ^ أ ب العظيم آبادي، شرف الحق، كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم، صفحة 44. بتصرّف.
- ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سعيد بن جبير، الصفحة أو الرقم:1637، حديث صحيح.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 173-175. بتصرّف.
- ↑ عبد المحسن العباد، كتاب شرح سنن أبي داود للعباد، صفحة 37. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 76. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عباس وعائشة، الصفحة أو الرقم:531، حديث صحيح.
- ↑ عبد الله الجنيدي، كتاب سد الذرائع في مسائل العقيدة، صفحة 204. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:6618، حديث أخرجه في صحيحه.
- ^ أ ب محمد بن صامل السلمي، كتاب صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر صلى الله عليه وسلم، صفحة 298-299. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3667، حديث صحيح.