وظيفة الأحلام من منظور نفسي

كتابة:
وظيفة الأحلام من منظور نفسي

مفهوم الحلم

ما هو العِلم الذي يهتمّ بتفسير الأحلام ودراستها؟

الحلم هو سلسلة من الصور والأفكار والانفعالات والأحاسيس التي تحدث عادة بشكل لا إرادي في العقل خلال مراحل معينة من النوم، ولم يتم فهم محتوى وهدف الأحلام بشكل كامل على الرغم من إنها كانت موضوع اهتمام العلم وكذلك الفلسفة والدين طوال التاريخ المسجل، لذلك يعد تفسير الأحلام محاولة رسم المعنى الحقيقي للحلم والبحث عن رسالة أساسية، وعلم الأعصاب هو الفرع العلمي الذي يهتم بتفسير ودراسة الأحلام، [١] وتحدث الأحلام في مرحلة حركة العين السريعة أثناء النوم وذلك عندما يكون نشاط الدماغ مرتفعًا ويتم الكشف عن الشخص الذي يحلم من خلال حركات العين المستمرة و قد تحدث الأحلام أثناء مراحل أخرى من النوم، وتكون أقل قابلية للتذكر، ويمكن أن يختلف طول الحلم فمن الممكن أن يستمر الحلم لبضع ثوان أو أن يستمر إلى ما يقرب 20-30 دقيقة وتشير الإحصائيات إلى أن الشخص العادي لديه من ثلاثة إلى خمسة أحلام في الليلة أو أكثر. [٢]

الحلم في نظرية فرويد

ما هي أسباب الحلم وفقًا لنظرية فرويد؟

تقترح نظرية فرويد لتنظيم الحلم لدى الأفراد أن الدماغ النائم هو نظام ذاتي التنظيم يمكنه الجمع بين الإشارات العصبية المتقطعة وغير المتناسقة أي بين عناصر الأحلام المختلفة وأن الدماغ يكون في نشاط مستمر نسبيًا أثناء النوم وتشير هذه النظرية أيضًا إلى أن الأحلام لا تعمل بشكل مستقل بل هي منتج مشترك لعمل كل وظائف الدماغ النائم مما يعكس الأنشطة الفسيولوجية والنفسية للفرد الذي يحلم مثل تثبيت الذاكرة وتنظيم الانفعالات واستقبال المحفزات الخارجية وعلى النقيض من ذلك اعتبر فرويد الأحلام طريقة للوصول إلى اللاوعي، ولهذا كان تفسير الأحلام أسلوبًا مهمًا في التحليل النفسي وتشير نظريته عن الأحلام بشكل رئيس إلى نقطتين رئيستين، الأولى عن مسببات الحلم والثانية عن كيفية عمل هذه المسببات معًا، وقد ترتبط إجابات هذه الأسئلة ارتباطًا وثيقًا بفهم تفسير الأحلام. [٣]

وفقًا لفرويد، فإن مصادر الأحلام تشمل المنبهات من العالم الخارجي والتجارب الذاتية والمنبهات العضوية داخل الجسم والأنشطة العقلية أثناء النوم وقد دعمت الأدلة التجريبية بعض هذه الافتراضات إذ تفترض نظرية التنظيم الذاتي للحلم أن دمج الذاكرة وتنظيم الانفعالات واستقبال المحفزات الخارجية يمكن أن تساهم في محتوى الحلم وبالتالي يمكن أن تحتوي الأحلام على معلومات هامة عن الفرد الحالم وعلى سبيل المثال فإن حالة دمج الذاكرة أثناء النوم تمر بمرحلتين وفقًا لنموذج تقسيم الذاكرة، لذلك فإن عملية دمج الذاكرة تولد أجزاء من الذاكرة لاستخراج المعلومات ذات الصلة عندما يكون الفرد نائمًا والذكريات المطابقة طويلة المدى تتم بشكل تفضيلي ومن ثم تتجلّى في محتوى الأحلام. [٤]

بالإضافة إلى ذلك تشير حركة العين السريعة أثناء النوم إلى معالجة أنواع مختلفة من الذكريات وتتكون في المقام الأول من ذاكرة الانفعالات والذاكرة الضمنية في حين أن بعض المعالجات ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالذاكرة التقريرية ومن هذا المنظور ترتبط الذكريات الجديدة لدى الفرد بما أطلق عليه فرويد ذكريات اليوم إذ أنها تعكس بعض الأنشطة النهارية للفرد الحالم وتوفر الأحلام مخزنًا مؤقتًا للذكريات والتي يُشار إليها باسم -تأثير تأخر الحلم-، بينما ترتبط الذاكرة طويلة المدى بالأحداث البعيدة، مما يعني أن محتوى الأحلام قد يعود بالفرد إلى التجارب المبكرة مثل، صدمة حدثت في وقت الطفولة.[٥]

وقد تتضمن الذاكرة بعيدة المدى معلومات تم جمعها على مدار حياة الفرد وتنعكس في مواضيع الأحلام الرئيسة مثل الطيران أثناء الحلم والمطاردة وعلاوة على ذلك، أكّد العديد من المحللين النفسيين على أهمية الذكريات الانفعالية في محتوى الأحلام بتفسيرات قد تختلف عن تفسيرات فرويد للحلم.[٥]


وظيفة الأحلام من منظور نفسي

كيف قسّم فرويد المعنى الرمزي للحلم؟

توفر الأحلام تعبيرًا واعيًا عن ما هو في اللاوعي وهذا التفسير يتفق مع منظور التحليل النفسي وتقترح نظرية الأحلام لسيجموند فرويد أن الأحلام تمثل الرغبات غير الواعية والأفكار والرغبات والدوافع والغرائز العدوانية والجنسية التي يتم كبتها من الوعي في حين تم الاعتراض على العديد من دراسات فرويد حول وظائف الأحلام، ويعتقد بعض الخبراء أن هناك صحة وراء فكرة أن الأفكار المكبوتة غالبًا ما تظهر في الأحلام وفي الواقع تشير الأبحاث إلى وجود تأثير ارتدادي للحلم وهو ما يعرف أيضًا باسم نظرية ارتداد الحلم حيث يؤدي كبت شيء ما إلى الحلم به لذلك يعتقد فرويد أن الأفكار المكبوتة تجد طريقها إلى وعي الفرد من خلال الأحلام. [٦]

وقد قام فرويد أيضًا بتقسيم المعنى الرمزي للحلم، من الصور العشوائية إلى المحتوى الانفعالي الذي يشكل الأحلام، مما يخلق طريقة لتفسير الأحلام، والغرض من الأحلام في ظل هذه المفاهيم هو جلب هذه الرغبات الملحة والرغبات العميقة إلى السطح، حتى يتمكن الحالم من مواجهة هذه المشاعر المكبوتة والتوفيق بينها وبين متطلبات الوعي.


وفي كتاب فرويد الشهير "تفسير الأحلام" وصف فرويد الأحلام بأنها إنجازات خفية للرغبات المكبوتة ووصف أيضًا مكونين مختلفين للأحلام المحتوى الظاهر والمحتوى الكامن إذ يتكون المحتوى الظاهر من الصور والأفكار والمحتوى الفعلي داخل الحلم بينما يمثل المحتوى الكامن المعنى النفسي الخفي للحلم، ولذلك ساهمت نظرية فرويد في صعود كتب تفسير الأحلام الذي لا تزال شائعًة إلى اليوم، في حين فشلت البحوث النفسية في إثبات أن المحتوى الواضح يخفي الأهمية النفسية الحقيقية للحلم، ويعتقد العديد من الخبراء أن الأحلام تلعب دورًا هامًا في معالجة الانفعالات والتجارب المجهدة. [٦]

تقليديًا، يتم قياس محتوى الأحلام من خلال ذكريات الحالم الذاتية عند الاستيقاظ، وكذلك يتم تحقيق الملاحظة بشكل متزايد من خلال التقييم الموضوعي في المختبر، وفي إحدى الدراسات النفسية الخاصة بالأحلام أنشأ الباحثون خريطة محتوى أحلام بدائية تمكنت من تتبع ما حلم به الناس في الوقت الفعلي باستخدام أنماط التصوير بالرنين المغناطيسي، والتي تم دعمها بتقارير الحالمين عند الاستيقاظ. [٧]

علم النفس الفسيولوجي للحلم

لطالما افترض علم النفس أن الأحلام لها وظائف نفسية مثل دمج الذكريات الانفعالية والتجارب أو مشاكل المعالجة، ولكن وفقًا لجامعة هارفارد وبحثها عن النوم، فإن الوظيفة الحقيقية قد تكون في الواقع فسيولوجية، ووفقًا للدكتور آليان هوبسون فإن الوظيفة الرئيسة لحلم حركة العين السريعة المرتبطة بالأحلام هي الفسيولوجية بدلاً من كونها النفسية، وأثناء نوم حركة العين السريعة يتم تنشيط الدماغ وتنشيط دوائره قال الدكتور هوبسون أن الفكرة تفسر الكثير وشبهها بالركض التي لا يتذكر الجسد كل خطوة من خطوات الركض، لكنه يعرف أنه يركض وحسب، وبنفس الطريقة لا يتذكر الفرد الكثير من أحلامه.[٨]

وكذلك إن الأحلام تمثل حالة وعي موازية تعمل بشكل مستمر، ولكنها عادة ما يتم نسيانها عندما يكون الشخص مستيقظًا، وقال الدكتور مارك ماهوالد طبيب الأعصاب من مركز مقاطعة هينيبين الطبي في مينيابوليس، إن معظم الأشخاص الذين يدرسون الأحلام بدأوا بأفكار ثابتة حول الوظائف النفسية للحلم ويحاولون جعل الحلم مناسبًا لهذه الأفكار، لكن الدراسة الجديدة لا تضع في مثل هذه الافتراضات، ومن الناحية التطورية، قد يتم تحديد نوع الحلم في المستقبل واكتشاف مسبباته الرئيسة بطريقة أكثر دقة وصحة لدى كل من البشر والحيوانات والطيور خاصة.[٨]

الحلم والكابوس

ما هي العوامل المؤثرة في تكرار الكوابيس؟

يختبر الحالم الكوابيس والأحلام السيئة بشكل واضح، وينطوي الكابوس على سيناريوهات تهديد وقلق ومشاعر سلبية أخرى، وفقًا للنص التشخيصي القياسي للتشخيص الأمريكي للاضطرابات النفسية DSM V، فإن الكوابيس هي أحلام مزعجة وشديدة العاطفة تعمل على إيقاظ الحالم فإذا لم يتمكن الحلم السلبي من إيقاظ النائم فإنه لا يفي بالحد الأدنى للكابوس وبالتالي يعتبر حلمًا سيئًا فقط. [٩]

تم التحقيق في العوامل المؤثرة في الكوابيس أو إحداثها بشكل متكرر لكن تم إجراء القليل من البحوث حول النتائج السلوكية للكوابيس، فقد أجريت دراسة على بحث الآثار السلوكية للكوابيس في ارتباطها مع أنماط الشخصية وفحصت الدراسة 41 مشاركًا يتميزون بالصحة النفسية يعانون من كوابيس متكررة في أثناء نومهم وعلى مدار الشهر وقد قام الباحثون بتسجيل أحلام هؤلاء الأفراد و كوابيسهم على مدار 4 أسابيع متتالية.[١٠]

وتوصلت الدراسة إلى تعريف الكابوس على أنه حلم يخيف الحالم ويمكن تذكره بالتفصيل عند الاستيقاظ، وتمت متابعة الشعور بالقلق لدى الأفراد المشاركين وسلوكهم كل صباح، وقد لوحظت جميع الكوابيس ونتائجها السلوكية في الاستبيان، وتم تقييم سمات الشخصية وأحداث الحياة في بداية الدراسة، وبعد الدراسة تم الكشف عن 100 كابوس تقريبًا كان قد تعرّض لها الأفراد خلال فترة 4 أسابيع، وبعد الكابوس كان المشاركون أكثر قلقًا بشكل ملحوظ، وكانوا في حالة أقل استقرارية، على العكس من الليالي التي لم يواجهوا فيها كوابيس في أثناء نومهم.[١٠]

المراجع

  1. "Dream", en.wikipedia.org, Retrieved 2020-07-13. Edited.
  2. "Sleep, Memory Maintenance, and Mental Disorders", neuro.psychiatryonline.org, Retrieved 2020-07-13. Edited.
  3. "the-freudian-symbolism-in-your-dreams", www.psychologytoday.com, Retrieved 2020-07-13. Edited.
  4. "the-interpretation-of-dreams-by-sigmund-freud", www.verywellmind.com, Retrieved 2020-07-13. Edited.
  5. ^ أ ب "the-freudian-symbolism-in-your-dreams", www.psychologytoday.com, Retrieved 2020-07-13. Edited.
  6. ^ أ ب "what-is-psychoanalysis", www.verywellmind.com, Retrieved 2020-07-13. Edited.
  7. "important-physiological-function", medicalxpress.com, Retrieved 2020-07-13. Edited.
  8. ^ أ ب "Physiology_and_Psychology_of_Dreams", www.researchgate.net, Retrieved 2020-07-13. Edited.
  9. "Theories of Nightmares in Cognitive Neuroscience and Psychology", www.researchgate.net, Retrieved 2020-07-13. Edited.
  10. ^ أ ب "Nightmares in mental disorders A review", psycnet.apa.org, Retrieved 2020-07-13. Edited.
3310 مشاهدة
للأعلى للسفل
×